انطلقت اليوم السبت، في تونس العاصمة، فعاليات "منتدى الألكسو للأعمال والشركات" التي تستمر يومين اثنين. ويعد هذا الموعد الأول من نوعه منذ تأسيس المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم سنة 1970، وجاء بمبادرة من المملكة العربية السعودية، ليتم إقراره من المجلس التنفيذي ل"الألكسو"، وأيدته الدول الأعضاء، حيث تلتئم الدورة الأولى يومَي 28 و29 يناير الجاري، على أن تتم المواظبة على انعقاد هذا الحدث مرة كل عامين. ويهدف المنتدى إلى توسيع قاعدة الشراكات مع المنظمات والمؤسسات العربية ذات الصلة بمجالات التربية والثقافة والعلوم، زيادة على تقنيات المعلوميات والاتصالات، والتعريف بعمل "الألكسو" وجهودها في قطاع التربية والثقافة والعلوم في العالم العربي؛ كما يروم تجسيد مخرجات الاجتماعات الوزارية والمؤسسات العاملة في قطاعات التربية والثقافة والعلوم، واستعراض التجارب والخبرات العربية التي نجحت في ربط الشراكات بالتنمية المستدامة، وتمكين الدول والمؤسسات العربية من الاستفادة منها، دون إغفال تدعيم جسور التعاون للتحضير للخطة الإستراتيجية للمنظمة لموسم 2025-2026. رهانات إستراتيجية هاني بن مقبل المقبل، رئيس المجلس التنفيذي للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، رئيس اللجنة العليا ل"منتدى الألكسو للأعمال والشراكات"، قال في كلمته خلال جلسة الافتتاح إن "القيادة السعودية، متمثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، أولت كامل الاهتمام والدعم غير المحدود للمنظمة منذ تأسيسها وحتى اليوم"، وأضاف أن "الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان آل سعود، وزير الثقافة السعودي رئيس اللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم، وفر كل الدعم ومكن الكثير من الأفكار والمبادرات من أن ترى النور في عمل الألكسو". وشدد رئيس المجلس التنفيذي على أن "منتدى الألكسو للأعمال والشراكات" "نبض يتدفق في شريان العمل العربي المشترك لتحقيق التنمية والرخاء على كافة المستويات مع البلدان الشقيقة، حيث عملت المملكة العربية السعودية، ومازالت، على إعلاء مبدأ التعاون والشراكة حين استضافت في عام 7 قمم إقليمية ودولية، منها قمتان عربيتان وواحدة إسلامية، ساعية إلى بناء شراكات إستراتيجية من شأنها الإسهام الإيجابي العربي في تحقيق الإنجازات". كما ذكر هاني بن مقبل المقبل، بالمناسبة نفسها، أن "المنظمات المختلفة تتسم بالاستمرارية في التطور والتحول والتجدد، حيث التعلم من التحديات، وتوظيف الفرص وابتكار المسارات الجديدة، ولا يكون النجاح لتلك التي لديها أفضل الإمكانيات فحسب، بل لمن تتواءم مع مفاهيم التفاضل، حيث يوجد شيء أفضل من أشياء أخرى، بدلا من أن تحكمها القوانين"، معتبرا أن شكل اقتصاديات المنظمات غدا سيعتمد كثيرا على مصافي الإبداع والابتكار والتميز التي سوف تعمل عليها. "نعيش حاليا جوا عربيا لافتا من توحيد الموقف لم نشهده منذ عشرات السنوات، ونريد إحداث الأثر بما يدفعنا نحو تجاوز التحديات، والتفكير في الحلول والفرص، والتأكيد على العمل التشاركي، والانطلاق من أن النتائج البسيطة المتواضعة هي التي سوف تقودنا إلى النتائج الممتازة؛ ومن ثم إلى النتائج القياسية"، يقول رئيس المجلس التنفيذي ل"الألكسو" قبل أن يواصل: "واليوم يحلق هذا المنتدى بجناحين؛ الأول هو النمو والآخر هو التنمية، وفرصة جديدة لرفع منسوب الاهتمام العربي الجماعي بقضايا التربية والثقافة والعلوم والاتصال". مساهمة مغربية كشف المقبل أن "المعايير التي انطلقت منها المملكة العربية السعودية في مبادرة المنتدى كانت تركز على الغاية أكثر من تأسيس منتدى مشابه لغيره، إذ كان الرهان منصبا على دعم موضوع هام، ألا وهو الشراكات وتنويع مصادر التمويل الذاتي، وأن تكون شاملة ومفتوحة لمن يرغب في الشراكة، وأن تمثل موجهة نحو تقديم الخدمة للدول، وتتسم بالتحفيز للتعاون والتواصل، وإنشاء منصة دائمة ومستدامة، وتركيز العمل على مواضيع جديدة، زيادة على نقل الخبرات والتجارب بين الدول". كما ذكر الرئيس التنفيذي أن "رحلة المنتدى استمرت 7 أشهر، قادتها بكل تميز اللجنة العليا للمنتدى، برئاسة المملكة العربية السعودية، وضمت في عضويتها 10 دول؛ المملكة المغربية والمملكة الأردنية الهاشمية ودولة الإمارات العربية المتحدة، ومملكة البحرين والجمهورية التونسية وسلطنة عمان، ودولة فلسطين ودولة قطر وجمهورية مصر العربية". وحول نتائج "منتدى الألكسو للتربية والثقافة والعلوم" تحدث هاني بن مقبل المقبل أمام الحاضرين في جلسة الافتتاح قائلا: "دعونا ننظر مليا في هذه الأرقام: 31 اتفاقية تضم 40 مشروعا من 17 دولة عربية، تمثل 77% من عدد الدول الأعضاء في المنظمة، وهمّ كل ذلك 4 مجالات بإجمالي مبالغ يصل إلى 7 ملايين و686 ألف دولار، وهذا يعادل 84% من الميزانية السنوية للمنظمة. كما أن العائد يمثل 59 ضعفا من الاستثمار في هذا المنتدى... إذ إن ما خصص له لا يتخطى 127 ألف دولار". "إن إنجاز المنتدى، خلال فترة قصيرة، أسقط الكثير من الافتراضات المسلم بها، نوعا ما، بأن العرب لا يعملون، وأن التحول يتطلب وقتا أطول، والمنظمات الأخرى أفضل؛ وهذا ليس معناه أن رحلة المنتدى كانت سهلة أو ميسرة، بل واجهنا تحديات وصعوبات تجاوزناها، لأننا تعاملنا معها على أنها رحلة استكشاف، وكانت من أفضل الاستشكافات، لذلك نؤمن بأن مخرجات هذا المنتدى تعكس منطلق الثقة والسخاء والوفرة، وعليه يتوجب علينا أن نمتلك رؤية شاملة حول قدرة الشراكات على إحداث تغيير في أنماط حياة المنظمة وإعادة تشكيل اقتصادها، والتأثير في الأجيال القادمة، دون أن ننسى الإطار الإنساني الذي نعيش ضمنه"، يردف المقبل. التعاون في البناء محمد ولد اعمر، المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، توجه بكلمة قبل إعلان الافتتاح الرسمي ل"منتدى الألكسو للأعمال والشراكات"، حرص فيها على التقدم بالشكر للقيادة السعودية على كل المبادرات التي تخدم الأمة العربية، وآخرها ما يهم المنتدى الأول من نوعه الذي تحتضنه العاصمة التونسية على مدى يومين اثنين، معتبرا أن "الألكسو مستمرة في تكريس الوحدة والتميز، ومواظبة في العمل الرصين القادر على تطوير السياسات التربوية والثقافية على وجه التحديد". وأشاد ولد اعمر، بالمناسبة نفسها، ب"وقوف المنظمة العربية وراء سلسة من الإنجازات المساهمة بوضوح في الحفاظ على الموروث، ودفع عجلة العلم، من خلال العمل التشاركي لكافة الدول الأعضاء؛ حين يتم ذلك بتوفير مختلف الموارد الضرورية للنجاعة في الأداء، سواء كانت مالية أو بشرية"، كما نوه بشراكة الألكسو مع اللجان الوطنية للتربية والثقافة والعلوم، من جهة، ومع مئات المؤسسات، من جهة أخرى. واعتبر المدير العام للألكسو أن "منتدى الأعمال والشراكات يعد استمرارية للطريق التي تسلكها المنظمة منذ عقود مضت من تاريخها، ووسيلة أخرى قادرة على جعل الأداء يتواصل على نهج التعاون المتميز والبناء"، وبعدها عبر عن أمله في إيجاد المزيد من الشراكات القادرة على خدمة الأمة العربية وكل الإنسانية، متسمة بالفعالية والطموح، مع ترقب أي مبادرة يمكن أن تأتي من جميع البلدان العربية. مرحلة جديدة جدير بالذكر أن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، المنضوية تحت لواء جامعة الدول العربية، تبتغي أن تستثمر منتدى الأعمال والشراكات من أجل الدخول إلى مرحلة جديدة من مسيرتها، للقيام بدور حديث ومبتكر في محيطها العربي والدولي عبر إقامة شراكات فاعلة ومثمرة، وتأسيس نموذج عمل جديد لتحقيق غايات الاستدامة في مجالات عملها؛ بما يضمن لها الاستدامة المالية والإنمائية والفنية على المديين القصير والطويل، ويجعلها منصة عربية دائمة. كما أن المنتدى، المنعقد في دورته الأولى بالعاصمة التونسية، يوفر مساحة لجمع الشركاء الحاليين والمحتملين والمستهدفين، من المنظمات العربية ومتعددة الأطراف، في مجالات التربية والثقافة والعلوم، من الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني، وغيرها، من ممثلين لمختلف القطاعات؛ كالبنوك والمؤسسات الأكاديمية والخبراء المتخصصين، والمستثمرين ورواد الأعمال، لأجل بناء شراكات أكثر حضورا وفاعلية. وسيشهد "منتدى الألكسو للأعمال والشراكات"، في دورته الأولى لشهر يناير 2024، توقيع مجموعة من الاتفاقيات والشراكات، عدد منها حديث وأخرى قائمة سيتم تجديدها. ويعد الموعد ذاته فرصة واعدة لتوسيع دائرة الشراكات لتعزيز العلاقات وتوطيدها بين الدول الأعضاء، إذ يقرب عدة دول عربية من إبرام شراكات حقيقية.