بمجرد انطلاق عملية تقديم طلبات الاستفادة من الدعم المباشر لاقتناء السكن، انتصب مشكل صعوبة إيجاد شقق بالأسعار المحددة للاستفادة من الدعم، داخل المدن، ولا سيما الكبرى، خاصة وأن من بين الشروط الأساسية للاستفادة أن تكون الشقة مبنية برخصة بناء ابتداء من يناير 2023، فيما لا يتم قبول أي طلب لدعم اقتناء شقة مبنية برخصة مستخرجة قبل هذا التاريخ. وحفلت مواقع التواصل الاجتماعي بشكاوى مواطنين قدموا طلبات الاستفادة من الدعم على السكن، غير أنهم فوجئوا بصعوبة العثور على شقق بالسعر المشمول بالدعم، خاصة الشقق التي يساوي أو يقل سعرها عن 30 مليون سنتيم، والتي استحوذت على النسبة المطلقة من طلبات الاستفادة. وبحسب المعطيات التي قدمتها الحكومة، فقد بلغت نسبة الذين تقدموا بطلب الاستفادة من الدعم الذي يهم الشقق التي يقل سعرها عن 30 مليون سنتيم، والمحدد في 10 ملايين سنتيم، 73 في المئة، بينما همّت نسبة 27 في المئة من الطلبات الدعمَ على السكن الذي يتراوح سعره بين 30 مليون سنتيم و70 مليون سنتيم، والمحدد في 7 ملايين سنتيم. "تْقبلْ لِيَّ طلب الدعم، ولكن المشكل هو أين ستجد هذا السكن الذي تم بناؤه برخصة ابتداء من سنة 2023، إنه أمر عويص نوعا ما"، يقول صانع محتوى في مقطع فيديو بثه على صفحته بموقع للتواصل الاجتماعي، يبحث عن شراء شقة في مراكش، قبل أن يوجه نداء إلى أصدقائه ليدلوه على مكان يمكن أن يجد فيه شقة يقل سرها عن 30 مليون سنتيم بالمدينة الحمراء. مشكل صعوبة إيجاد سكن قابل للدعم، أكده أيضا عبد الإله بوزيدي، منعش عقاري، مشيرا إلى أن هذا المشكل سيواجه أكثر الطبقة المتوسطة المستهدفة بدعم السكن الذي يتراوح سعره بين 30 و70 مليون سنتيم. وقال بوزيدي في تصريح لهسبريس: "بالنسبة للمستفيدين من دعم عشرة ملايين فقد يجدون سكنا في ضواحي المدن أو في المدن الصغيرة، ولكن بالنسبة للدعم الخاص بالسكن الذي يتراوح سعره بين ثلاثين وسبعين مليونا، فلن ينفع أحدًا، خاصة في المدن الكبرى". وأضاف أن "العقار داخل المدن نادر وسعره مرتفع جدا، وأسعار مواد البناء ارتفعت بشكل فاحش منذ جائحة كورونا، والشيء نفسه بالنسبة لليد العاملة، وقد كان على الحكومة أن ترفع سعر السكن الذي يُمنح عليه الدعم إلى مئة مليون عوض سبعين مليون سنتيم". ويُبدي عدد من المواطنين تخوفهم من أن ينجم عن صعوبة إيجاد سكن قابل للدعم استفحال دفع قسط من مبلغ السكن دون التصريح به، أو ما يسمى ب"النوار"، وهو ما نبّه إليه أيضا بوزيدي بقوله: "الوضعية الحالية ستشجع على النوار". وكانت فاطمة الزهراء المنصوري، وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، قد دعت المواطنين، في الندوة الصحافية التي قدمت فيها تفاصيل الدعم المباشر على اقتناء السكن، شهر أكتوبر الماضي، إلى تحمل مسؤوليتهم لمحاربة "النوار"، بقولها: "على المواطن أن ينخرط في العملية، وإذا طلب منه منعش عقاري النْوارْ عليه أن يفضحه".