مع اقتراب حل أزمة التعليم، وما سيرافقها من تعليق لإضرابات قطاع التربية الوطنية، ورجوع التلميذات والتلاميذ إلى فصول الدراسة. تبدأ مكونات المجتمع المدرسي في التساؤل حول إجراءات إنقاذ الموسم الدراسي، خصوصا أننا الآن على مشارف نهاية الأسدوس الأول، وانقضاء الفصل الأول من السنة الدراسية. ولا شك أن الوزارة الوصية أعدت سيناريوهات متعددة، من أجل تمرير المنهاج الدراسي خلال ما تبقى من السنة الدراسية. كما أن المؤسسات التعليمية بدورها وضعت خططا استباقية لضمان استكمال فقرات المقرر الدراسي في الآجال المحددة، تأهبا للانخراط في برنامج وزارة التربية الوطنية لاستدراك ما ضاع من زمن التعلمات. وفي السياق نفسه، تم تداول مجموعة من الاقتراحات على لسان ممثلي فيديرالية جمعيات آباء وأمهات التلميذات والتلاميذ، وكذا ما جاء على لسان ممثلي الوزارة الوصية وما ورد باقتراحات أطر التدريس على منصات التواصل الاجتماعي والتي كانت في مجملها تتغيا استدراك الزمن المدرسي المهدور والزيادة في عدد ساعات المواد الأساسية لتسريع وتيرة تمرير المنهاج الدراسي، والتي يمكن تلخيصها في: – التقليص من مضامين المنهاج، خصوصا التي لا تشكل أساسا في بناء كفايات السلك؛ – ملاءمة الأطر المرجعية للامتحانات الإشهادية مع الممكن إنجازه من البرنامج الدراسي؛ – إعادة النظر في مواد المقرر الوزاري للسنة الدراسية الحالية 2023-2024. بدءا بزحزحة محطات العطل البينية واستغلال فتراتها في الرفع من وتيرة التحصيل الدراسي، مرورا بتقليص عدد فروض المراقبة المستمرة لتتناسب مع عدد أسابيع الدراسة الفعلية، وانتهاء بتمديد السنة الدراسية إلى غاية متم شهر يونيو، مع ما يتطلبه ذلك من تنسيق مع القطاعات الحكومية المعنية، والمؤسسات والمعاهد الأجنبية، حتى لا يحرم التلميذات والتلاميذ من المشاركة في المباريات ذات الآجال المحددة؛ – مراجعة الحيز الزمني للحصص الدراسية مع إعطاء الأولوية للأقسام الإشهادية والتركيز على الرفع من عدد ساعات المواد المبرمجة في امتحانات السلك وكذا التقليص من حيز المواد التي لا تدخل في مجال التخصص؛ – تنويع البيداغوجيات المعتمدة في تدريس المواد بما يتيح للمتعلمات والمتعلمين فرص التعلم الذاتي، وكذا الاطلاع المسبق على الموارد التعليمية عبر المنصات الرقمية الرسمية قبل الحضور إلى الفصل الدراسي، قصد استغلال زمن التعلمات في المناقشة وتوضيح المفاهيم الصعبة وحل المشكلات؛ – استغلال حصص الدعم التربوي وحصص أنشطة الحياة المدرسية وأنشطة المواكبة التربوية المثبتة بجداول الحصص، وكذا الزمن المستخلص من عمليات إلغاء التفويج، بالنسبة للمواد العلمية، في تمرير الدروس المقررة مع إمكانية إسناد القسم الواحد لأكثر من أستاذ؛ – إسناد الأقسام الإشهادية للأساتذة غير المضربين في حال استمرار الاحتجاجات والإضرابات وارتفاع عدد الملتحقين من أطر التدريس؛ – إمكانية اعتماد صيغ جديدة للتعلم بعد تقييم الصيغ المعتمدة خلال جائحة كورونا، وتحديد مدى فعاليتها بالمجال القروي والحضري وبهوامش المدن، والتعرف على نسب التلاميذ الذين استفادوا من تجربة التعلم الذاتي والتعليم عن بعد؛ – تحفيز الأساتذة على الانخراط في الساعات الإضافية المؤدى عنها، – اعتماد صيغ أخرى للتدريس: كالدعم الموازي الذي تشرف عليه جمعيات شريكة في إطار برنامج أوراش؛ وقبل تفعيل الإجراءات السالفة الذكر وحتى نبتعد عن الخطابات الشعبوية والسياسوية، يجب الانتباه إلى الملاحظات الموضوعية التالية: – مراجعة الأطر المرجعية الخاصة بامتحانات البكالوريا، تستلزم إطلاع الوزارة الوصية على التقرير التركيبي للمفتشية العامة حول: عدد ساعات الزمن المهدور، نسب تحقق المنهاج، وكذا تحديد المهم والأهم من المضامين الدراسية، والوقوف على امتدادات المنهاج الدراسي بالتعليم العالي، وإمكانيات الاستدراك من أجل اعتمادها كمنطلق لأي خطة على المستوى الجهوي، الإقليمي والمحلي؛ – الحرص على إسناد حصص الدعم الاستدراكي، في إطار برنامج أوراش، لأطر تربوية متمرسة سبق لها أن زاولت فعل التدريس، على اعتبار أن مهنة أستاذ تستدعي التوفر على كفايات مهنية وأخرى تربوية تجنب الممارس لفعل التدريس الوقوع في أخطاء معرفية وأخرى منهجية؛ – فهم العلاقات التي تربط فقرات المقرر الدراسي، والوقوف على المكتسبات القبلية والامتدادات المعرفية من أجل تحديد المهم والأهم بالنسبة للمنهاج الدراسي؛ – مراعات إيقاعات التعلم المرتبطة بالتفاوتات والاختلافات الطبيعية بين المتعلمات والمتعلمين خلال التخطيط لسيناريوها الاستدراك؛ – الحرص على الاحتفاظ بعمليتي التقويم والدعم بأنواعه (الوقائي، التكويني، التتبعي، التعويضي...) خلال فترات زمنية ملائمة وفي فضاءات تربوية مختلفة، قصد رصد التعثرات الحاصلة لدى المتعلمين في حينها، وتفادي تراكمها والعمل على تصحيحها وتجاوزها، خصوصا وأن هناك تعثرات جديدة ناتجة عن التوقف المتكرر عن الدراسة والتي تنضاف إلى الصعوبات المرتبطة بالتعلمات السابقة التي رافقت المتعلمات والمتعلمين طيلة مسارهم الدراسي؛ – استحضار الإكراهات المرتبطة: بعدد القاعات المتاحة خلال الأسبوع، إمكانية تغطية جميع الأقسام الإشهادية، ارتباط الأساتذة بجداول حصص خاصة بالتدريس بالتعليم الخاص، درجة حافزية الأساتذة للانخراط في برامج الدعم الاستدراكي، دافعية التلاميذ نحو التعلم، استمرار الإضرابات ولو جزئيا، صعوبات التنسيق بين أساتذة نفس المادة المسند إليهم القسم نفسه. وختاما، يجب الإشارة إلى أن أي تدخل للوزارة الوصية من أجل إنقاذ الموسم الدراسي وتمكين التلميذات والتلاميذ من التحكم في الكفايات الأساس يجب أن يستحضر مبدأي الإنصاف وتكافؤ الفرص بين تلميذات وتلاميذ التعليم العمومي والخصوصي، مع الحرص على أن يستفيد الجميع من تعليم جيد.