قارة جديدة: في خرائط الذعر، حيث تُرَكَّعُ العمارة والحجارة بحثا عن الإنسان الفلسطيني، الذي سولت له نفسه أن يولد قبل التوراة، وأقسم ألا يتيه أربعين عاما في خلاء الصحراء، وألا يُسبى سبيا إلى فارس؛ في هذه المساحات التي يذبح فيها التاريخ، من النهر إلى البحر، تتشكل قارة أخرى عنوانها الحقد وراياتها من حروف الشر؛ كما استوى ناضجا قويا بعد عصور من المخاض. الانتماء إلى الطفولة: في قارة الحقد لا بد أن تنتمي إما إلى من وُلد قبل التوراة، أو إلى قتلة الأنبياء؛ ولا أخطر من الانتماء إلى الطفولة فقط. الطفولة عصية على التصنيف، ومن هنا خطورتها في القارة الجديدة، التي دستورها الإبداع في الشر. لم يبق سوى قتل هذه الطفولة، حتى لا تُباغِتَ ساسةَ الشر برفض الجنسيتين معا. لا هي إسرائيلية تتمثل الشر جينيا، ولا هي فلسطينية، عدوة، مستباحة الدم. ألغام مضادة للأرحام: في قارة الشر الجديدة، تفجير رحم امرأة يَفضُل صلاةً في هيكل سليمان، وهو قائم يسبح. ويفضُل قتل قسامي مفتول الطول، شاكي العضلات. المرأة شعب كامل، والنساء شعوب؛ فاختر من ألغام الأرحام أفتكها. هكذا تُنحت التعليمات، قبل أن تولول بها الطائرات في عنان السماء. الجيش الأبيض: في مسكوكات قتلة الأنبياء -حتى لا يعم النور- ما هو من أخواته: قتل الجهاز الطبي، وتعطيل عجلاته ومستعجلاته، حتى لا نحتاج غدا إلى تفجير من فجرناه، وجرح من جرحناه وتعافى. قتل الطبيب خفيف على الذخيرة، ثقيل في ميزان الإبادة التامة الأركان؛ حتى لا يظهر حي من الركام. فقءُ العين وقطع اللسان: في الدستور، المُبخر بروث العِجل، إله الأسلاف، بعد الانقلاب على إله موسى؛ لا مكان لمن يفتل حروف الحقيقة للعالم. الصحافة رجس معلن، يفتك بسرية العمل، وخبث النية في قارة الحقد. قتل الصحفي اطفاء لنور المدينة، حتى تتحرك الآليات على هواها؛ لا تشهد عليها غير القطط التائهة عن ذويها. تذكروا دائما، معشر جنودنا، أن "شيرين أبو عاقلة" كانت أبلغ فتكا بنا من كتيبة عسكرية. أعيدو قتلها بقتل سلالتها القنفذية؛ حيثما ثقفتموها. للمحرقة عرق دساس: من نجا من محارق النازية، لم يعد يؤمن بغير الحرق لإبادة ذوي الحق في الحياة؛ وأخطر من هذا أنه يعرف أن المحروق اليوم هو المُحرِّق في المستقبل. يا فتية قارة الشر أحسنوا الحرق، حتى لا يظهر من يحرقكم في المستقبل. إذا كان المعمار المدمر سيعاد بناؤه، فاحرصوا على ألا يظهر به ساكن. من لم تكفه أخبار المحرقة نحيله على أخبار "خَيْبر". أصدقاؤنا العرب: نوافق العالم الرأي: هي صداقة غريبة حقا؛ لكنها في قارتنا الجديدة غير مستغربة. فكما أن المعادن تختبر وتصهر بالنار فكذلك هذه الصداقة "المستحيلة"، التي جعلنا جدَّنا إبراهيم يؤذن بها. لا بد أن نأكل من لحمهم، لحملهم على الصبر القاسي الذي نريد. لا بد من حرقهم حرقا، لنختبر صلابة معدنهم، ونثق أنهم منا ونحن منهم. الضرب على البارد لا يفيد أحدا منا. نعبر ويعبرون في كلام عابر؛ كما تنبأ شاعرهم. ألم يُختبر إبراهيم بالنار؟ فلنختبرهم بها. أما الشعوب المنفلتة اليوم، فتلك حكاية أخرى. جيش الاختلال: دعوهم ينعتونكم بالمحتلين، فهذا أخف وطأة من معرفة حقيقتكم. أنتم جيش الاختلال، الذي يضع نصب عينية، ليس أرضا يحتلها، بل عالَما يُحدث فيه ما يكفي من الاختلال؛ حتى يخضع لقارة الشر ودستورها "الزكي الرائحة". خلخلوا القيم، المسلمات، التاريخ، الديانات، العولمة، وكل ما يحبل به الحاضر، صادقا أو كاذبا. لو جُمع همنا في فلسطين، والفلسطينيين، لكان شربة حليب لذيذة. لن تُركعوا العالم بنفس معتقداته وقيمه وقوته؛ وحده من يشذ عن كل هذا سيملك المستقبل. أزيلوا بسرعة أشواك غزة من طريقكم وانطلقوا إلى المستقبل الذي وعدتم.