اختُتمت الندوة الدولية التي نظمها المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي حول موضوع "الذكاء الاصطناعي.. رافعة لتحويل التربية والتكوين والبحث العلمي"، بتقديم المجلس لمجموعة من التوصيات، معتبرا أن الاهتمام بموضوع الذكاء الاصطناعي "لا يشكل لحظة عابرة؛ بل ضرورة لإحداث ثورة اجتماعية ومجتمعية في المغرب وفي العالم". وأوصى المجلس الأعلى للتربية والتكوين بجعل الذكاء الاصطناعي آلية أساسية ومكمّلة لعمل المدرّسين والأساتذة وأداة لتطوير سبُل التعلمات، كما دعا إلى إيلاء هذا الموضوع "أهمية قصوى وتعميق النقاش حول قضاياه المرتبطة بمجال التربية والتكوين والبحث العلمي والابتكار"، و"اعتبار التكنولوجيا التي يوفرها الذكاء الاصطناعي مدخلا لبناء المدرسة على مستوى البرامج والحكامة". وبالرغم من المخاوف المحيطة بالذكاء الاصطناعي، لا سيما في "الجانب الأخلاقي" لاستعمالاته المتعددة، وإمكانية تأثيره السلبي على المهارات الذاتية لمستخدميه، فإن المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي يرى أن التكنولوجيا التي يوفرها الذكاء الاصطناعي تُعتبر "مدخلا لبناء المدرسة المغربية الجديدة، سواء على مستوى المناهج والبرامج أو على مستوى الحكامة أو على مستوى بيئة المدرسة". واعتبارا لكون الذكاء الاصطناعي يشكل أداة لخلق تخصصات مهنية جديدة، يردف المجلس، فإن ذلك يجعله آلية مبتكرة لتطوير مهارات الأساتذة وطرق وأساليب اشتغالهم"، داعيا إلى تشجيع البحث في هذا المجال وجعله رافعة لإيجاد مجموعة من الحلول الخاصة بمنظومة التربية والتكوين والبحث والابتكار، وجعله موضوعا للبحث في المراكز المتخصصة. وشددت الهيئة الدستورية المستقلة ذات الطبيعة الاستشارية للتفكير الاستراتيجي في قضايا التربية والتكوين والبحث العلمي على أن التوصيات التي قدمتها "من الضروري أن تصاحبها مجموعة من الآليات القانونية والأخلاقية، لضبط استعمالات الذكاء الاصطناعي بالمغرب". في هذا الإطار، قال المجلس إن القوانين الجاري بها العمل والخاصة بحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي وحماية المستهلك وحماية الملكية الصناعية والفكرية وغيرها "تشكل أرضية مرجعية لتنظيم التعامل مع الذكاء الاصطناعي، وهي في مضمونها تتماشى مع التوصيات التي أصدرتها منظمة اليونيسكو والتي تهدف من خلالها إلى حماية حقوق الإنسان والحريات العامة". وعلى المستوى الإقليمي، أكد المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي على ضرورة تضافر جهود دول الجنوب، خاصة على مستوى دول القارة الإفريقية، من أجل التعاون لخلق إطار مؤسساتي لتنظيم العمل المشترك وتطوير الفضاء الإفريقي في مجال الذكاء الاصطناعي، بما يمكن من تجاوز التحديات التي يطرحها. كما دعت التوصيات الصادرة عن الهيئة الدستورية ذاتها إلى إحداث صندوق خاص لتمويل الاستراتيجية الإفريقية في مجال الإدماج والاستعمال الأمثل للذكاء الاصطناعي، لا سيما في ميدان التربية والتكوين والبحث العلمي. واعتبر المجلس أن الهدف الأساس من الندوة التي نظمها، والتي شارك فيها خبراء مغاربة وأجانب، "ليس هو طرح الخيار بالنسبة للذكاء الاصطناعي بين قبول استعماله أو رفضه وإنما يجب التعامل معه كثقافة يتملكها الجميع ويستطيع بواسطتها إيجاد الحلول لما يعترضه من صعوبات وتحديات". وأشار مجلس المالكي إلى أنه يعتزم تنظيم سلسلة من اللقاءات، بُغية تعميق التفكير في مجموعة من مخرجات الندوة، لا سيما الجوانب المتعلقة باستعمال الذكاء الاجتماعي لتنمية التعلمات الأساسية، وإدماج المتعلمين والمتعلمات من ذوي الاحتياجات الخاصة، إضافة إلى البحث العلمي والابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي، ومهن التربية والتكوين والبحث في زمن الذكاء الاصطناعي، كما يعتزم تنظيم ندوة دولية خاصة بموضوع الاستراتيجية الإفريقية في مجال الذكاء الاصطناعي.