دعوة إلى تعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي في النظام التعليمي، قصد الاستفادة مما تتيحه مختلف تطبيقاته من خدمات لتطوير المنظومة التعليمية، صدرت عن المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، على لسان رئيسه الحبيب المالكي، الذي شدد على أن الذكاء الاصطناعي "مهم لتغيير نظام التعليم". جاء ذلك في افتتاح ندوة دولية ينظمها المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، اليوم الثلاثاء وغدا الأربعاء في مقره بالرباط، حول موضوع "الذكاء الاصطناعي.. رافعة لتحويل التربية والتكوين والبحث العلمي"، حيث دعا المالكي إلى "تعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي في التعلم استخداما منصفا وشاملا للجميع، يعزز المساواة بين الجنسين وبين مختلف الشرائح الاجتماعية، ويمكن من تقاسم ونشر الدروس بشكل مجاني، واستثمار الذكاء الاصطناعي لإتاحة فرص التعلم مدى الحياة للجميع. وانطلق المالكي في دعوته إلى تعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم من الأهمية الكبرى للتكنولوجيات الرقمية والذكاء الاصطناعي، التي كشفتها أزمة كوفيد 19، في ضمان استمرار الخدمات العمومية في سياق الأوبئة والكوارث الطبيعية؛ من خلال تطوير برامج تكوينية مخصصة للمهن الرقمية الجديدة والبنيات التحتية اللازمة. وأكد رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، في سياق تذكيره بأهداف إصلاح نظام التعليم والإجراءات التي يتعين اتخاذها في هذا المجال، على أهمية التقنيات الجديدة للذكاء الاصطناعي "كأداة توفر فرصا غير مسبوقة لتحسين التعلم وتحول المدرسة والمجتمع والمنظومة التربوية بأكملها". ولفت المتحدث ذاته إلى أن أنظمة الذكاء الاصطناعي تمكّن من تحليل البيانات الخاصة بكل طالب وسلوكه وأدائه لإجراء التعديلات اللازمة على تعلمه فيما يتعلق بالمحتوى أو الأساليب أو وتيرة الدروس التي يراد تلقينها. كما تسمح هذه الإمكانية، أردف المتحدث، للطالب بالتقدم بالسرعة التي تناسبه مع توفير مراقبة شخصية لتعلمه. واستطرد المالكي أن الذكاء الاصطناعي يساعد في القيام بالأشغال المتكررة ذات الطبيعة البيداغوجية أو الإدارية المحضة، والتي يتعين إنجازها في وقت محدد، والمساهمة في تحسين البرامج التعليمية؛ "لأنها تتيح فحص كميات كبيرة من البيانات لتحديد الاتجاهات والصعوبات والفجوات في أنظمة التعلم، قصد إجراء التعديلات اللازمة". ونسهم هذه التقنيات الحديثة، أردف رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، في تطوير الأدوات المستخدمة في التعليم عبر الإنترنيت، إذ تستطيع توفير المراقبة والمساعدة الفورية للمتعلمين مع دعمهم في مسار التعلمات الخاصة بهم، فضلا عن مساعدتها في تحسين إمكانيات الولوج والإدماج في مجال التعليم من خلال التقنيات المتطورة لتلبية الاحتياجات الخاصة للمتعلمين. وبالرغم من إشارته إلى أن الذكاء الاصطناعي "مهم لتغيير نظام التعليم"، وأن "التطبيقات الملائمة لهذه التكنولوجيات المتجددة في مجال الذكاء الاصطناعي تمهد لبزوغ مدرسة أكثر تكيفا مع التحولات الجارية"؛ فإن المالكي شدد على "الالتزام ببعض الضوابط الاحترازية لتأمين الاستخدام المتوازن لتقنيات الذكاء الاصطناعي من أجل تجنب المخاطر المتعلقة بشكل خاص بأمن النظام وسرية البيانات والاعتماد المفرط على التكنولوجيا". وأكد أن الذكاء الاصطناعي "لا يمكن اختزاله في بعده التكنولوجي البسيط، لأن دوره أصبح أكثر من ذلك؛ بل أصبح مؤثرا في سلوكنا وهياكلنا الاقتصادية وتنظيماتنا الاجتماعية وثقافتنا المجتمعية". ولفت إلى أن هذه الثورة التكنولوجية من المنتظر أن تسهم، بشكل حاسم، "في تغيير الطرق التي نشتغل بها، والأساليب التي ننهجها في مختلف الأنشطة التي نقوم بها؛ بل وحتى الأشكال والصيغ التي نعتمدها في التفاعل مع بعضنا البعض". وأردف المسؤول ذاته أن التطورات المتسارعة التي تعرفها التطبيقات المتخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي "من المنتظر أن تمكن من إيجاد حلول مبتكرة للصعوبات التي تواجهنا في الحياة اليومية بطرق متعددة، سواء من خلال المساعدة على الاستغلال الأمثل للموارد، أو من خلال دعم أنظمة الإنتاج، أو من خلال المساعدة في معالجة الإشكاليات المعقدة، أو من خلال الانفتاح على أشكال جديدة من الإبداع وتحسين مستوى الخدمات الأساسية في مجالات الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية.