يَطرح عدم قدرة فئات من المواطنين المشمولين بالتأمين الإجباري الأساسي عن المرض على أداء مساهماتهم المستحقة لفائدة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي تساؤلات حول مدى قدرة الحكومة على ضمان تمويلِ؛ وبالتالي استدامة هذا الورش المندرج ضمن مشروع الحماية الاجتماعية الذي أطلقه المغرب سنة 2021. وأقرت الحكومة، منذ أسابيع، بوجود ارتباك على مستوى أداء اشتراكات المشمولين بالتغطية الصحية الإجبارية عن المرض من المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا؛ فقد أكدت السلطة التنفيذية أن فئات مهمة من الخاضعين لهذا النظام غير منتظمة في أداء واجبات اشتراكها لفائدة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي؛ ما أدى إلى تراكم الديون المرتبطة بها، وأفضى إلى وقف خدمات التأمين الصحي لصالح المؤمَّنين المعنيين وذوي حقوقهم. هذا الوضع دفع الحكومة، في شهر أكتوبر الماضي، إلى إصدار القانون رقم 41.23 يقضي بإلغاء الديون المستحقة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي برسم نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، المتعلقة بالاشتراكات والزيادات ومصاريف المتابعات والغرامات، الواجبة على فئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، بهدف تمكين هذه الفئة من الاستفادة من التغطية الصحية، من أجل تخويلها الاستفادة من التغطية الصحية وكذا الانتظام في أداء الاشتراكات. ويعتقد فاعلون متتبعون لهذا الملف أن وجود فئات واسعة من المشمولين بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض غير قادرة على أداء اشتراكاتها يجعل هذا النظام على شفا الفشل وهو ما زال في بدايته. في المقابل، تعوّل الحكومة على "تضامن المغاربة" لإنجاح ورش التغطية الصحية الشاملة؛ وهو ما أكده مصدر مسؤول لهسبريس، بقوله إن "ديمومة هذا النظام تقوم، إضافة على واجب أداء الاشتراكات، على تملُّك الجميع لروح التضامن الذي يشكل العمود الفقري لهذا الورش المجتمعي"، مشددا على أنه "لا يوجد أي نظام للتأمين الإجباري يمكن أن يَضمن الاستمرارية إذا لم يقم على التضامن بين فئات المجتمع". وأضاف المصدر ذاته أن تعميم التغطية الصحية "يُعدّ أحد أركان الحماية الاجتماعية التي تعمل الحكومة على تنزيلها تنفيذا للتعليمات الملكية السامية، هو مشروع وطني قائم على مبادئ التضامن والتكافل، كما أنه يستهدف تحقيق تكافؤ الفرص والعيش الكريم لجميع المواطنات والمواطنين"، لافتا إلى أن السلطة التنفيذية تعمل على تنزيل هذا المشروع الاجتماعي "في احترام تام" للأجندة التي حددها الملك. وأردف أن الحكومة قامت بتحمُّل واجبات الاشتراك في نظام التأمين الإجباري عن المرض بالنسبة للأشخاص غير القادرين على أدائها لفائدة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ولاسيما الفئات الفقيرة والهشة والتي يتجاوز عددها 11.5 ملايين شخص، بكلفة مالية قدرها 9.5 مليارات درهم سنويا. وتسعى الحكومة إلى توسيع قاعدة المستفيدين من التغطية الصحية، وفتح المجال أمام جميع الفئات للتسجيل في التأمين الإجباري الأساسي عن المرض. وفي هذا الصدد، صادقت، في اجتماعها الأخير، على مشروع المرسوم رقم 2.23.690 بتطبيق القانون رقم 60.22 المتعلق بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بالأشخاص القادرين على تحمل واجبات الاشتراك الذين لا يزاولون أي نشاط مأجور أو غير مأجور؛ وهو المشروع الذي يهدف إلى إدماج جميع الفئات ضمن نظام التغطية الصحية، بما فيها الفئات التي لا تزاول أي نشاط.