شدد الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، على أهمية ما خرجت به الندوة الدولية حول "جهود النيابات العامة بالدول العربية في مكافحة جرائم الفساد: غسل الأموال، تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر-التحديات والإكراهات"، المصاحبة للاجتماع السنوي الثالث لجمعية نواب العموم العرب، ممثلة برئاسة النيابة العامة، بحضور عربي ودولي، في الفترة من 29 نونبر إلى فاتح دجنبر الجاري. وقال الداكي، في اختتام أعمال هذه الندوة الدولية، اليوم الجمعة بمراكش، إن "التوصيات حول مجموعة من القضايا ذات الاهتمام المشترك ستزيد من ريادة جمعيتنا كفضاء للحوار القضائي العربي لمؤسسات النيابة العامة والادعاء العام، بما يساهم في جعلها أكثر قوة وكفاءة، ويمُكننا من تحقيق آمال وتطلعات أنظمة العدالة العربية في ترسيخ سيادة القانون وحماية الحريات والحفاظ على الحقوق". وأوصى المشاركون في الاجتماع، في التقرير الختامي، ب"تعزيز الأدوار المنوطة بجمعية النواب العموم العرب في تشجيع الحوار القضائي والتواصل بين النيابات العامة العربية، وتبادل الخبرات والممارسات الفضلى فيما بينها، وتعزيز التواصل المؤسساتي الدائم بين أعضاء الجمعية وحث نقط الاتصال على القيام بالمساعي والإجراءات الكفيلة بتحقيق ذلك". كما أوصوا ب"العمل على توسيع دائرة الأعضاء المكونين للجمعية، عبر مخاطبة النواب العموم بالدول العربية غير المنخرطة، والسعي إلى التعريف بالجمعية وبيان أدوراها الطلائعية في تعزيز العمل القضائي العربي المشترك، وكذا تعزيز القدرة الاقتراحية لجمعية النواب العموم العرب من أجل تطوير الإطار القانوني الوطني والدولي الناظم للجريمة المنظمة ومكافحة الفساد، عبر اقتراح اعتماد آليات تعاون جديدة كفيلة بتحقيق الفعالية في تعقب الجناة وتفكيك العصابات والمنظمات الإجرامية واسترجاع الأصول، وسد الباب أمام الإفلات من العقاب". التوصيات التي تلاها النائب العام المصري المستشار محمد شوقي، استحضرت "أهمية التعاون القضائي العربي بين النيابات العامة بمختلف آلياته الوطنية والدولية من أجل التصدي الفعال لجرائم غسل الأموال وتهريب المهاجرين والاتجار بالبشر، والوقوف في وجه التحديات القانونية والواقعية التي أفرزتها هذه الجرائم، وغيرها من صور الجرائم المستحدثة والمنظمة التي أضحت أكثر تعقيداً بعد استغلال الطفرة الرقمية والتقنية التي يشهدها العالم المعاصر". وحث التقرير الدول الأعضاء على "تقوية القدرات الفنية لقضاة النيابة العامة بالدول العربية، وضمان انفتاحهم على التجارب الدولية المقارنة بما يكفل تسليحهم بالمهارات القانونية والقضائية الكفيلة بمكافحة جرائم غسل الأموال والاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين وباقي صور الجرائم المستحدثة"، و"التفكير في إحداث خلايا من قضاة النيابة العامة المنتمين للدول الأعضاء تكون متخصصة في جرائم غسل الأموال والاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، وإحداث آليات للتواصل فيما بينها، من أجل حل مختلف الصعوبات التي قد تعترض تفعيل آليات التعاون القضائي الدولي، مع إخضاعها لتكوين تخصصي تشرف عليه خبرات وطنية ودولية مؤهلة تأهيلاً خاصاً". ودعا التقرير الختامي إلى "العمل على إعداد دلائل عملية موجهة لقضاة النيابة العامة وباقي الموظفين القائمين على إنفاذ القانون حول سبل التصدي الناجع لجرائم غسل الأموال والاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، على أن تتمحور تلك الدلائل حول الإطار القانوني الوطني والدولي الناظم للموضوع ورصد مختلف الصعوبات التي تعيق التصدي الفعال للجرائم المذكورة واقتراح الحلول الكفيلة بتجاوزها وإبراز مختلف أوجه التعاون القضائي الدولي الممكن الاستعانة بها في سبيل ذلك". والتزم المشاركون في الاجتماع "بالحفاظ على هذا الصرح الجمعوي العربي المشترك، وتوسيع قاعدته وتطوير آليات اشتغاله بالشكل الذي يقوي النيابات العامة العربية ويعزز من دورها في مكافحة الظاهرة الإجرامية، سواء في بعدها الوطني أو الدولي، التي تشكل جرائم غسل الأموال والاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين أحد أهم تجلياتها وأخطرها لاتصالها الوثيق بدعم الإرهاب وتمويله واستغلال البشر في النزاعات المسلحة وبؤر التوتر وتهريب والأسلحة، وهي تحديات تلقي بظلالها على منطقتنا العربية برمتها". يشار إلى أن الاجتماع والندوة شارك فيهما النواب العامون، وقضاة النيابة العامة في الدول الأعضاء في الجمعية، من كل من المغرب ومصر والسعودية والبحرين وفلسطين والأردن والكويت وسلطنة عمان والسودان وليبيا وموريتانيا والعراق واليمن، إضافة إلى ممثلي منظمة الأممالمتحدة للهجرة، ومكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، ووكالة الاتحاد الأوروبي للتعاون القضائي في الميدان الجنائي، و"اليوروجست"، وجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية. ورفع المشاركون برقية شكر إلى الملك محمد السادس، وذلك على ما حظوا به من حسن الاستقبال، ومن حفاوة وتكريم فوق أرض المملكة المغربية، تلاها النائب العام لمملكة البحرين (الأمين العام لجمعية النواب العموم العرب) الدكتور علي بن فضل البوعينين.