إذا أراد السيد علي الفاسي الفهري أن يثبت لنا بأنه رئيس فعلي لجامعة كرة القدم ببلادنا وليس مجرد كركوزة تحرك خيوطها أيادي خفية من وراء الستار ، فعليه أن يتخذ وفي أقرب الآجال قرارا تاريخيا ينسجم مع متطلبات المرحلة وهو الجلوس إلى الطاولة وجها لوجه مع الإطار الوطني بادو الزاكي من أجل مفاوضته في موضوع قبول منصب المدرب المساعد للفرنسي روجي لومير وذلك تمهيدا لتسليمه مقاليد المنتخب الوطني كاملة بعد نهاية التصفيات المزدوجة لنهائيات بطولتي كأس العالم وكأس أفريقيا لسنة 2010 . أقول تمهيدا لأنه من الصعب في الظروف الحالية فسخ العقد مع هذا الأعجمي الذي كان يستحق أن يقال من منصبه ويقال له باي باي مباشرة بعد الخسارة غير المنتظرة أمام منتخب الغابون لكننا قلنا ماشي مشكل نعطيوه فرصة أخرى .. "" ورغم أنني أعلم مسبقا بأن الزاكي لن يقبل هذا العرض وهذا من حقه ، لكن أعتقد إذا ما ألح عليه السيد الفهري وناشده باسم المصلحة العليا للوطن فإنه سيقبل بدافع الروح الوطنية والغيرة التي يتمتع بها ، والدموع الغزيرة التي ذرفها عقب ضياع لقب كأس أفريقيا في دورة تونس سنة 2004 لأكبر دليل على وطنيته العالية وحبه الصادق لبلده وراية المغرب . بادو الزاكي المعروف بأسلوبه الصارم في فرض النظام والانضباط في صفوف الفرق التي يشرف عليها وآخرها فريق القلعة الحمراء الذي أعاد له بريقه وهيبته وحضوره القوي على الساحتين الوطنية والعربية ، والمشهود له بكفاءته العالية في مجال التدريب وحسن إدارته لأطوار المباريات الكبرى وفي لحظاتها الحرجة ، هو الإطار التقني المؤهل أكثر من غيره لضبط إيقاع منتخبنا الوطني إلى جانب لومير في هذه المرحلة الصعبة . اللهم إلا إذا أراد السيد الفهري ومكتبه الجامعي الذي ننتظر شكله ولونه بفارغ الصبر أن يسبح ضد التيار وضد رغبة الأغلبية الساحقة من الجمهور الرياضي والمهتمين بشؤون كرة القدم المغربية الذين طالما نادوا برد الاعتبار لهذا المدرب الذي لن ينسى الشعب المغربي أبدا تلك الفرحة العارمة التي غمره بها بعدما قاد بلادنا إلى نهائي كأس أفريقيا سنة 2004 ، والتي يقال - والله أعلم - أن جمهورية زين العابدين بن علي ساومت المغرب آنذاك على تلك الكأس بمواقف سياسية لمصلحة قضية الصحراء ولمصلحة ملف ترشيحه لتنظيم نهائيات كأس العالم . وهي الصفقة التي خرجنا منها لا ديدي لا حب الملوك، فكأس أفريقيا خداتو تونس وشرف تنظيم بطولة كأس العالم 2010 عاد لجنوب أفريقيا العدو اللدود لقضية وحدتنا الترابية وجبهة البوليزاريو لا زالت تهددنا بشن حرب علينا وعلى أراضينا ، أما خسارتنا المالية من وراء حملة الترويج لملف ترشيحنا لتنظيم ذلك المونديال فقد كانت بالملايير وشوهتنا أمام العالم كبلد حطم الرقم القياسي في تقديم ملفات الترشيح ( الفارغة من كل محتوى ) كانت بالعرارم . اسمحوا لي لم أكن أرغب في تقليب هذه المواجع عليكم وتذكيركم بهذا الموضوع الذي طواه النسيان ، ولكن بقات فينا صراحة الشمتة ديال الهدف القاتل الذي سجل في مرمى خالد فوهامي الذي وصفه الحارس التونسي العملاق عتوكة في حوار أجريته معه قبل شهور ونشر على صفحات جريدة المساء بأنه كان نقطة ضعف المنتخب المغربي آنذاك ولم يكن في مستوى تلك المباراة النهائية ، ولو كان للمغرب حارسا في المستوى - يضيف عتوكة - لأحرز على تلك الكأس بلا نقاش نظرا لقوة الفريق الذي استطاع بادو الزاكي بحنكته وذكائه تشكيله من خيرة اللاعبين المغاربة المحترفين بالخارج والممارسين ضمن البطولة المحلية وهذا هو بيت القصيد . فبادو الزاكي الذي يشهد له الأعداء ( التوانسة ) قبل الأصدقاء بكفاءته وجديته ، هو المدرب الوطني وسطروا على هذه الكلمة بالأحمر والأخضر الله يخليكم ، لأن الخبرة الدولية التي يتوفر عليها السيد لومير لوحدها لا تكفي ، فما يحتاجه عناصر منتخبنا الوطني الذين لا تنقصهم الفنيات العالية ولا النضج التكتيكي ولا العقلية الاحترافية ، هو من يذكي فيهم جذوة الروح الوطنية والموت على رقعة الميدان من أجل القميص الوطني ، ما يحتاجونه هو من يفرض عليهم أجواء الجدية والانضباط ( واللي بغا يتنزه ولا يقصر يبقى حدا مو ) لأنها مشاعر أكثر من أربعة ثلاثين مليون مواطن مغربي تلك التي يتلاعبون بها وقضية ملايير الدراهم تلك التي تصرف عليهم من أموال دافعي الضرائب وبلا نتائج تذكر. ثم إن روجي لومير في نهاية المطاف ما خاسر والو إذا ما أقصي المغرب لا قدر الله من هذه المنافسات القارية والدولية فراتبه الشهري الذي يناهز 52 ألف يورو ( حوالي 60 مليون سنتيم ) وباقي الامتيازات يتوصل به بالتمام والكمال عند نهاية كل شهر ، والرجل بلغ من الكبر عتيا ( مزداد عام 1941 ) وهو مقبل على تقاعد مريح جدا ولا يهمه مستقبله ومساره كمدرب لأنه بصدد إنهاء مشواره الرياضي والعودة إلى بلاده من البوابة المغربية ، بعدما حلب البقرة التونسية بما فيه الكفاية لمدة طويلة قبل أن تصاب بقرة الجامعة المغربية بجنون الغيرة من زميلتها التونسية وتدعوه بدورها لكي يحلبها على الطريقة الأوربية بالكمية والكيفية التي يريدها هذا المصاص لدماء المغاربة بدعوة من جنرالاتهم العسكريين والمدنيين مع كامل الأسف ! هامش: أتوجه بالشكر الجزيل إلى كل القراء الكرام الذين استحسنوا موضوع المقالة السابقة ورحبوا بإطلالتي عليهم من خلال هذه الزاوية ، وأخص بالشكر أصدقائي من فاس وإفران وتاونات وأبي الجعد ومن فرنسا وكندا الذين توصلت بإميلاتهم عبر بريدي الإلكتروني . [email protected]