أدلت فعاليات أمازيغية بدلوها في النقاش المجتمعي المتصل بتعديل مدونة الأسرة، بعدما استمعت هيئة تعديل المدونة إلى ممثلين للشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة "أزطا أمازيغ"، وذلك لأجل ضمان "روح تمازيغت" في مدونة الأحوال الشخصية المقبلة، وأيضا في أنماط وأشكال الترويج لها وتنزيلها، دون أن ينفصل التركيز على الأمازيغية عن "تركيز قديم" على الحقوق والحريات الأساسية الأخرى. ويبدو أن اصطفاف جزء كبير من الفعاليات الأمازيغية المدنية والسياسية إلى جانب "الطرح الحداثي" كما جرى قبل "مدونة 2004′′، مازال عنصراً حاضراً في تصوّر الدّيناميات الأمازيغيّة لهذا النقاش. فهذه الديناميات لم تنف قطّ "الانخراط في قضايا المواطنة وتعزيز قيم الديمقراطية، من زاوية تجعل العمل المدني، ولو تخصص في الأمازيغية، جزءاً لا يتجزأ من دينامية الإصلاح في المغرب ومواكبة النقاش حول القضايا الأساسية". يوسف الأعرج، رئيس الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة "أزطا أمازيغ"، قال إن "الشّبكة شاركت في جلسة استماع مع الهيئة المكلّفة بمراجعة مدونة الأسرة من مبدأ ضرورة تقديم تصوّرنا كفاعلين في الحركة الأمازيغيّة المغربيّة، على اعتبار أن هناك أعرافا وتراكما فقهيا وقانونيا مرتبطا بالتراث وبالتاريخ الأمازيغيين يجب أن يتم تثمينهما ضمن مدونة الأسرة المقبلة"، مشيراً على سبيل المثال إلى "عرف "تمازالت"، أو الكد والسعاية، الذي يقضي بتقاسم الأموال الأسرية. واعتبر الأعرج، في تصريحه لجريدة هسبريس، أن "المادة 49 من مدونة الأسرة الحالية التي حاولت أن تطبق هذا المبدأ، انزاحت عن الأصل. ولذلك، ظلت تشكل حيفا بالنسبة للمرأة، لأنها لا تُفعل بخصوص تدبير الأموال المكتسبة أثناء فترة الزوجية"، موضحاً أنه "تم الترافع أيضا عن تعزيز حضور الأمازيغية في مجال قضاء الأسرة، سواء في ما يخص تطوير المساطر الشّفوية أو تقوية القدرات التّواصلية للقضاة، وربطنا ذلك بورش تفعيل الطابع الرّسمي للأمازيغية في الحقل القضائي". وأضاف المتحدّث ذاته أن "أزطا" شددت، وفقاً لتصوّرها، على "ضرورة تكوين مساعدي القضاء في الأمازيغية وضمان استثمار قوي لهذه اللغة الرسمية في التكوين والتّحسيس والحوار قبل وبعد تعديلات مدونة الأسرة، لكوننا لاحظنا أن الهيئة تتواصل فقط باللّغة العربية"، لافتاً إلى أنه "تمّت المطالبة أيضاً بنشر التقرير النهائي، الذي يتضمّن ملخصات الاستماع، باللغة الأمازيغية وبحرف تيفيناغ ونشره رسميا وإتاحته للعموم". ولأن "الحمض النّووي لأزطا هو اعتبار الانخراط في الدفاع عن المسألة الأمازيغية جزءا لا يتجزأ من الانخراط في عملية تحديث الدولة والمجتمع وتعزيز مسار الديمقراطية في البلاد، فإنها تقف في الصف الحداثي الذي يناقش هذا التعديل من باب ضرورة المساواة في الإرث وإلغاء التعدد وسمو المواثيق الدولية على التشريعات الوطنية"، بتعبير الأعرج، مضيفا أن "هذا نقاش لا يمكن فصله عن بعضه، لهذا يعتبر بالنسبة إلينا مسألة بديهية وأوتوماتيكية الدفاع عن حقوق الإنسان كدفاع عن الهوية الأمازيغيّة". من جانبها، قالت الزهرة أوحساين، ممثلة "أزطا" في جلسة الاستماع مع الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، إلى جانب عبد الله بادو وزبيدة فضايل، إن "التصور العام للشبكة واضح في هذا النقاش، لكوننا نعتبر أن إنجاح تعديل المدونة رهين بتأهيل التراث الأمازيغي، وبتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية"، مؤكدة أن "البعد التّواصلي والترويجي للمدونة يجب أن يتم أيضا بالأمازيغية؛ لكون العديد من المناطق بالمغرب لا تتقن سوى هذه اللغة". وأوضحت عضو المكتب التنفيذي ل"أزطا أمازيغ" أن من بين توصيات الشبكة، "توفير كبسولات بالأمازيغية تصاحب هذا التعديل، حتى بعد إخراج الصيغة النهائية منه، وأيضاً ضرورة توفير ميكانيزمات تساعد في تدبير النقاش ومخرجاته بهذه اللغة"، معتبرة أن "الوضع العام للثقافة الأمازيغية ينبغي أن يكون مطروحاً ضمن أي نقاش مجتمعي مغربي، وذلك لضمان استحضار التّنوع الذي يزخر به مجتمعنا". وأكدت المتحدثة أن "الهيئة استمعت للتصور الذي تقدمنا به، والذي يجسد رأي أزطا في هذا النقاش، ولهذا كانت العناصر الكبرى تسير في هذا الاتجاه، وركّزنا على ما يخدم المرأة في التراث الأمازيغي"، مسجلة أن "مرجعية التفكير في مدونة الأسرة يجب أن تستند إلى روح التاريخ الأمازيغي كذلك"، مع "التأكيد دائماً على دستورية اللغة الأمازيغية لضمان الحقوق اللغوية والثقافية". وأضافت الناشطة الأمازيغية ذاتها أنه "يتعين أن ننتصر لحقوق المرأة في التقاضي العادل من خلال تكوين القضاة والمساعدين الاجتماعيين، سواء في المحاكم أو في النيابات العامة، وذلك لضمان ولوجية أفضل إلى القضاء تراعي الهوية الأمازيغيّة"، مبرزة أن "الشبكة تدافع أيضا عن حقوق المرأة خارج توقيع الهوية، بمعنى أن أزطا حقوقية كذلك وتصطفّ إلى جانب حماية حقوق الإنسان في شموليتها وكونيتها".