في المغرب قضية فلسطين عادلة ومحسومة، الملك والشعب على قلب رجل واحد: "وقف العدوان الإجرامي على غزة وباقي الأراضي المحتلة، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية". رئيس لجنة القدس محمد السادس ملك محبوب في فلسطين، ويتلقى التقدير والإشادة من لدن القيادة والشعب الفلسطينيين. والمغاربة خرجوا في مسيرة حاشدة بالرباط للتنديد بحرب الإبادة الإسرائيلية أبهرت الرأي العام الدولي. "مسيرة الرباط" عجلت كذلك بخروج نادر للشعب الجزائري الذي نسي أوجاعه ونزل إلى الشوارع للتضامن مع غزة. والإعلام المغربي الرسمي والخاص لم يدخر جهدا في تسليط الضوء على معاناة الفلسطينيين، وكشف الألاعيب الإسرائيلية. هذا الإعلام الوطني الذي يمارس عليه "سيكوباتيو" "يوتيوب" و"فيسبوك" سادية لا مثيل لها، ينقل يوميا آلاف الصور والفيديوهات لفظائع المحتل وإجرامه العسكري؛ ويعلق عليها بمئات مقالات الرأي الوازنة وعشرات الرسوم الكاريكاتورية التي جعلت "مجرم الحرب" نتنياهو وأزلامه أضحوكة. حتى إن القناة الرسمية الأولى للمملكة تنعى في نشراتها شهداء غزة وتنقل مشاهد التقتيل والمجازر الإسرائيلية. والسلطات المغربية تعاملت بأريحية مع الوقفات والتجمعات المناصرة لفلسطين في مختلف مدن المملكة، ولم نسمع عن توقيف متظاهر أو مدون أو "يوتوبر"، في احترام تام لحرية التظاهر وحتى ل"تجاوزات" حرية التعبير (..). لكن حطّاب الليل ليسوا على قلب رجل واحد، يفضلون السباحة عكس التيار ويقتاتون من المزايدات العقيمة والحسابات الضيقة. السباب والنيل من المؤسسات الدستورية وشق الصف الوطني أقصى ما يقدمه حطّاب الليل للقضية الفلسطينية؛ يدنسون "الكوفية" ويلتحفون أعلام الجزائر والبوليساريو وإيران، ويلتمسون الأعذار للجبهة الانفصالية في الهجوم الإرهابي على السمارة المغربية. حطّاب الليل يصرون على الظهور الإعلامي عبر منابر مشبوهة ومعادية للمغرب ووحدته الترابية في خدمة للأجندة الإيرانية والجزائرية؛ يقتاتون أحيانا من المقاطع المصورة التشهيرية والبذاءات والترويج للمؤامرات التي تنتشر مثل الفطر في وسائل التواصل الاجتماعي، وأحايين كثيرة لا يندى لهم جبين في توجيه اتهامات بالخيانة والتحريض الإجرامي والدعوات إلى العنف والقتل. حتى العقد السابع من القرن الماضي كان حطّاب الليل يحلمون بتغيير العالم، اليوم أصبحوا يحلمون ب"الجمجمات" وبعدد مشاهدات "يوتيوب" و"كمشة دولارات أدسنس". في عالم اللايقين، المغاربة يصلون من أجل فلسطين وحطّاب الليل ينتعشون بإدامة العدوان الإسرائيلي والتخوين.