أثارت عملية التنصت على هواتف المتهمين في الملف المتعلق بالشبكة المفككة بناء على وجود شبهة التلاعب في صفقات عمومية خاصة بوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، نقاشا داخل محكمة الاستئناف بين الدفاع والنيابة العامة. واعتبرت النيابة العامة في تعقيبها على الدفوع الشكلية المثارة من طرف دفاع المتهمين المتابعين في هذه القضية، اليوم الجمعة بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، أن عملية التنصت على الهواتف تمت بناء على الاشتباه وعلى ضرورة البحث. وخاطب نائب الوكيل العام للملك هيئةَ الدفاع التي تقدمت بدفوع شكلية، على رأسها عدم قانونية مسطرة عملية التنصت على المكالمات التي تمت بناء على ملتمس الوكيل العام، بأن مشروع المسطرة الجنائية جاء بتعديل للمادة 108 من المسطرة الجنائية، حيث من شأن المصادقة عليه، فتح الباب أمام وكيل الملك لاتخاذ هذه المسطرة، وليس للوكيل العام فقط. وشدد ممثل الحق العام على أن هذه المسودة منحت الوكيل العام التنصت على الجنح المرتبطة بالجنايات، كما تتحدث عن إمكانية وضع أجهزة استماع في السيارات وغيرها في حالة اقتضت ضرورة البحث ذلك. ورد دفاع المتهمين على ما جاء به الوكيل العام بالقول، مخاطبا المحكمة: "إذا لم يحارب المشرع هذا، فالقضاء لا يجب أن يقبل بذلك، ولا يمكن السماح للضابطة القضائية بالاستماع إلينا في حياتنا الخاصة والعامة بمجرد شبهة". وتابع الدفاع: "إذا صمتنا على هذا سنصبح كمن يمشي عاريا في الشارع، ستنطبق علينا مقولة أكلت يوم أكل الثور الأبيض"، فيما أوردت المحامية فاطمة الزهراء الإبراهيمي تعليقا على هذا بالقول: "سوف نصبح في اعتقال احتياطي، وليس متابعين في حالة سراح، بسبب المادة 108". والتمس الدفاع، ممثلا في المحامي محمد أغناج، التصريح ببطلان محاضر الاستماع التي أجرتها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، معتبرا أنه جرى فيها خرق لمقتضيات المادة 293 من قانون المسطرة الجنائية، مشددا على أن المهمة الدستورية التي منحت للمحكمة تفرض عليها التصريح ببطلان محاضر الاستماع المنجزة. في السياق نفسه، أسس أحد أعضاء هيئة الدفاع ملتمس بطلان المحاضر بناء على "انتزاع تصريحات موكلته (فاطمة الزهراء. م) بالإكراه، قائلا: "بناء على مخابرتي معها في السجن، أخبرتني بظروف الاستماع إليها وطريقة أخذ التصريحات منها، حيث كانت منافية للقواعد المنصوص عليها في المسطرة الجنائية". ورفضت النيابة العامة الدفوع المثارة من طرف أصحاب البذلة السوداء، حيث أشار نائب الوكيل العام إلى أنها "سقطت لكونها لم تثر من قبل كل دفع ودفاع"، مضيفا بشأن الدفع المتعلق ببطلان إجراءات التحقيق أن "المشرع وضع مسطرة خاصة لهذا الإجراء، حيث إن الاختصاص في الأصل هو للغرفة الجنحية التي تختص في البت في بطلان إجراءات التحقيق، وطالما لم يتم سلك المسطرة لا يمكن التحجج به اليوم". ويُتابع ضمن هذه الشبكة التي تم تفكيكها العام الماضي، 36 شخصا، ضمنهم مسؤولون في بعض المديريات بوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، إلى جانب مندوب إقليمي بوجدة، ورئيسة قسم المعدات والصيانة بالوزارة، ومدير مديرية التجهيزات، ومدير مكتب دراسات، ومهندس وصيدلاني وصيدلانية بالوزارة، فضلا عن مجموعة من أصحاب الشركات والمستخدمين الذين كانوا يتعاملون معهم في إطار صفقات. وكان الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء أعلن أن التحريات والأبحاث التي فتحتها المصالح المختصة أسفرت عن الاشتباه في تورط مجموعة من الأطر والموظفين والمهندسين العاملين بالمصالح المركزية والجهوية لقطاع الصحة، وأصحاب شركات ومقاولات تمارس أنشطة تجارية ذات صلة بالقطاع نفسه، ومستخدمين فيها، في ارتكاب أفعال منافية للقانون، تمثلت في تذليل وتسهيل تمرير ونيل صفقات عمومية خلال السنوات الفارطة تهم عمليات توريد واقتناء أجهزة ومعدات طبية مخصصة لتجهيز مستشفيات القطاع العام، مقابل الحصول على عمولات وتلقي مبالغ مالية ومنافع عينية.