دعا النعم ميارة، رئيس مجلس المستشارين، اليوم الأربعاء، إلى تعميق النقاش حول مدى تكريس مداخل الالتقائية على صعيد الاختصاصات التنموية اللامركزية واللاممركزة في التدبير الأمثل للاقتصاد الترابي. وقال ميارة، في كلمة افتتاحية في الندوة الموضوعاتية الجهوية التي ينظمها مجلس المستشارين بشراكة مع جهة الرباطسلاالقنيطرة في موضوع "دور الجهة في التنمية الاقتصادية وتحديات النهوض بالاستثمار.. جهة الرباط-سلا-القنيطرة نموذجا"، إن المجالات الترابية "لا تستفيد من ثمار النمو على قدم المساواة؛ وهو ما يعمق الفوارق المجالية بين الأقاليم المشكلة لنفس الجهة". وسجل رئيس مجلس المستشارين بأن الندوة تشكل محطة تحضيرية لأشغال الملتقى البرلماني الخامس للجهات، المزمع تنظيمه يوم الأربعاء 20 دجنبر المقبل في موضوع "تحرير النمو الاقتصادي عبر المجالات الترابية". وأكد ميارة أن اختيار هذا الموضوع يأتي في سياق مواكبة الملتقى البرلماني للجهات، باعتباره "برلمانا للجهات" وإطارا مؤسساتيا للحوار وتبادل الرؤى بين مختلف الفاعلين المعنيين بتنزيل ورش الجهوية المتقدمة، لما استجد من "إصلاحات مواكبة لهذا الورش الإصلاحي المهيكل، والذي يحتاج إلى دعم مستمر لتوطيد أسسه، وإبراز الإيجابيات المتعددة التي ينطوي عليها؛ وفي مقدمتها تطوير منظومة الحكامة الترابية وإغنائها، وتسخير كل الإمكانيات اللازمة لمواجهة التحديات التنموية". وأعرب ميارة عن أمله في أن تفضي أشغال الندوة إلى بلورة خلاصات يمكن أن تشكل أرضية للنقاش ضمن أشغال الملتقى البرلماني الخامس للجهات، في أفق استشراف عناصر "خارطة طريق شمولية لتحرير النمو الاقتصادي عبر المجالات الترابية". من جهته، قال رشيد العبدي، رئيس جهة الرباطسلاالقنيطرة، في كلمة بالمناسبة، إن الميثاق الجديد للاستثمار وما اعتمده من تمايز ترابي يتماشى وما أصبحت تلعبه الجهة من دور في هذا المجال، معتبرا أن الجهوية المتقدمة "شكل من أشكال المصالحة مع المجال، وإقامة نوع من التوازن بين مختلف جهات المملكة على اعتبار أنها تقدم إمكانات كبرى لتعميم التنمية والتوزيع العادل للثروة في إطار التضامن بين الجهات". وأضاف العبدي أن الرهان الأساسي اليوم على الجهة ليس رهانا على "المراقبة والتحكم في المجال؛ ولكنه يتجاوز ذلك إلى إنتاج التغيير الاجتماعي وكسب الرهان التنموي"، مبرزا أن الهدف الأساسي من الجهوية هو المساهمة بشكل مباشر في "التنمية الاقتصادية والاجتماعية وفي الاستثمار الأمثل للمؤهلات والموارد الذاتية للجهة بما يضمن تجاوبا فعالا مع المتطلبات جهويا ومحليا". وشدد رئيس جهة الرباطسلاالقنيطرة على أن توسيع اختصاصات الجهة وتوفير الوسائل القانونية والاعتمادات المالية والموارد البشرية لها سيمكنها "لا محالة من التدخل في جميع الميادين التي ترتبط بصفة مباشرة أو غير مباشرة بجميع المجالات التي لها علاقة بالتنمية، سواء على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي؛ الأمر الذي سيمكنها من أن تلعب أدوارا طلائعية في التنمية المجالية المستدامة، وخلق كل الشروط الملائمة والكفيلة بالنهوض بالجهة للمستوى الذي يتطلع إليه سكانها"، حسب رأيه. وشدد المتحدث ذاته على أن التنزيل الفعلي لورش الجهوية المتقدمة، الذي تم الشروع فيه ابتداء من 2015، بيّن أن هناك مجموعة من "الصعوبات والتحديات التي ينبغي التغلب عليها لإعطاء دفعة قوية لورش ترسيخ الجهوية المتقدمة في المغرب". وزاد العبدي موضحا أنه إذا كان تفعيل الجهوية وصل إلى مراحل متقدمة بعد استكمال ومراجعة الترسانة القانونية والتنظيمية المتعلقة بالجهات، فإنه من الضروري اتخاذ مجموعة من "الإجراءات والتدابير من أجل ضبط وتدقيق اختصاصات الجهة، والعمل على نقلها بالسرعة اللازمة وجعلها في قلب مسلسل تنزيل الجهوية المتقدمة"، مؤكدا أن هذا الأمر يتطلب النقل الفعلي للاختصاصات الذاتية لفائدة الجهات مع تمكينها من الوسائل الضرورية لممارستها والفصل بين طريقة تناول الاختصاصات الذاتية والاختصاصات المشتركة.