بدأت الصين، الإثنين، استقبال ممثلين لأكثر من مئة دولة لحضور المنتدى الثالث من مبادرتها "الحزام والطريق"، الذي يتوقع أن تطغى عليه الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس، في ظل دعوات لبكين للمساعدة على وقف التصعيد. ويتوقع أن يكون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أبرز الحاضرين في أول زيارة خارجية له إلى قوة كبرى منذ بدء قواته غزو أوكرانيا العام الماضي، وما تلاه من عزلة غربية على موسكو. ويلتقي بوتين نظيره الصيني شي جينبينغ يوم الأربعاء في بكين على هامش المنتدى، وفق ما أعلن اليوم الاثنين الكرملين الذي ذكر أنه "خلال المحادثات، سيتم إيلاء اهتمام خاص بالقضايا الدولية والإقليمية"، من دون تقديم تفاصيل إضافية. ولفت المستشار الدبلوماسي للرئيس الروسي يوري أوشاكوف إلى أنه "من غير المستبعد" أن يجتمع الرئيسان على انفراد، إضافة إلى مشاورات "بصيغة موسعة" و"في لجان صغيرة". ومن المتوقع أن يلقي بوتين، الذي سيسافر إلى بكين برفقة رؤساء شركات روسية كبيرة، خطابًا في المنتدى. وبدأ الزعماء والمدعوون بالوصول إلى العاصمة الصينية لحضور المنتدى واحتفال رسمي لمرور عشرة أعوام على المبادرة الاستثمارية الضخمة التي أطلقها الرئيس الصيني شي جينبينغ، وتهدف إلى تعزيز النفوذ الدولي لبلاده. وفي حين ترغب الصين في أن يكون المنتدى فرصة لدفع مكانتها كقوة عظمى على الساحة العالمية، يتوقع أن تكون الحرب الدامية بين إسرائيل وحماس وخطر اتساع نطاقها في منطقة الشرق الأوسط، مادة أساسية على طاولة البحث. وأعلنت إسرائيل الحرب، الأحد الماضي، بعد يوم من اختراق مقاتلي حركة حماس السياج الحدودي الشائك وتنفيذهم هجمات على مقرات عسكرية وبلدات مجاورة خلفت أكثر من 1400 قتيل، وفق مسؤولين إسرائيليين. وأدت سبعة أيام من القصف إلى تسوية أحياء بالأرض ومقتل نحو 2750 شخصا في قطاع غزة، وإصابة 9700 آخرين، غالبيتهم من المدنيين. وتعرضت الصين لانتقادات غربية على خلفية عدم إدانتها الصريحة لحركة حماس، وعدم ذكرها بالاسم في بياناتها. وذكر بيان لوزارة الخارجية الصينية، الأحد، أن الوزير وانغ يي قال لنظيره السعودي فيصل بن فرحان، السبت، إن ما تفعله "إسرائيل يتجاوز حدود الدفاع عن النفس"، ويجب على قادتها التوقف عن فرض "عقاب جماعي على سكان غزة". وأكد أن على إسرائيل "أن تستمع بجدية إلى نداءات المجتمع الدولي والأمين العام للأمم المتحدة". وتواصل وانغ يي، الأحد، مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن الذي يقوم بجولة شرق أوسطية مرتبطة بالنزاع. ودعا الأخير الذي وفرت بلاده الدعم لإسرائيل منذ بداية هذه الحرب، بكين إلى استخدام "نفوذها" في المنطقة من أجل الدفع نحو التهدئة. وتربط الصين علاقات وثيقة مع إيران الداعمة لفصائل إقليمية مناهضة لإسرائيل، أبرزها حركتا حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتان، وحزب الله اللبناني الذي حذّرته واشنطن وأطراف غربية من فتح جبهة ثانية ضد الدولة العبرية. ومن المقرر أن يزور المبعوث الصيني الخاص، تشاي جون، المنطقة هذا الأسبوع للدفع نحو وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس وإجراء مباحثات سلام، وفق ما أفاد الإعلام الرسمي الصيني، الأحد، من دون تحديد جدول لزيارته. وقالت الباحثة المتخصصة في الشأن الصيني في مركز "أتلانتيك كاونسل" البحثي الأميركي، نيفا ياو، إن منتدى الحزام والطريق قد يشكل فرصة للصين لتجديد أطر الدعم لمواقفها السياسية. وأوضحت لوكالة فرانس برس أن "حضور أي زعيم دولة لهذه القمة سيكون بمثابة موافقة على مواقف بكين بشأن هذه القضايا الدولية". اعتماد استراتيجي ووصل عدد من المسؤولين إلى بكين استعدادا للمنتدى الذي يقام رسميا يوميْ الثلاثاء والأربعاء. ومن هؤلاء، رؤساء وزراء المجر فيكتور أوربان، وإثيوبيا أبيي أحمد، وكمبوديا هون مانيه، إضافة إلى رؤساء تشيلي غابريال بوريك، وكينيا وليام روتو، وإندونيسيا جوكو ويدودو. والإثنين، وصل وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إلى الصين حيث عقد مباحثات مع نظيره وانغ يي. وشكر لافروف الصين على دعوتها بوتين ليكون "كبير الضيوف" في المنتدى، وفق نص للمحادثة نشرته موسكو، مشيرة إلى أن وزير الخارجية سيتوجّه إلى كوريا الشمالية بعد بكين. وأضاف لافروف أن العلاقات بين الصينوروسيا "تتطور"، مؤكدا أن الزعيمين "سيناقشانها بأكملها عندما يجتمعان". بدوره، أكد وانغ أن الصين "تقدّر" الدعم الروسي لمبادرة الحزام والطريق. كما بحث الوزيران النزاع بين إسرائيل وحماس، فيما شدد وانغ على أن بكين "تدين جميع الأعمال التي تلحق الأذى بالمدنيين وتعارض أي انتهاك للقانون الدولي". وتابع: "يتعيّن على مجلس الأمن الدولي التحرّك وعلى البلدان الكبرى القيام بدور فاعل". ويتوقع أن يصل بوتين خلال ليل الإثنين الثلاثاء إلى بكين. وتزايد في الأشهر الأخيرة اعتماد روسيا الاستراتيجي على الصين في ظل العقوبات الغربية المفروضة على موسكو منذ غزو أوكرانيا. وارتفع التبادل التجاري بين الصينوروسيا هذا العام إلى مستويات لم يسجلها منذ بدء حرب أوكرانيا مطلع 2022، خصوصا لجهة استيراد بكين النفط من موسكو، ما يوفّر للأخيرة شريان حياة أساسيا في ظل العقوبات الغربية. واعتمدت الصين رسميا موقفا محايدا في حرب أوكرانيا، لكنها امتنعت عن إدانة الغزو الروسي، ما عرّضها لانتقادات غربية. وشهدت علاقات الصينوروسيا تقاربا في الفترة الأخيرة، ووفرت بكينلموسكو دعما اقتصاديا ودبلوماسيا. وخلال زيارة قام بها الرئيس الصيني إلى روسيا في مارس، رحّب بوتين ب"الإمكانيات والآفاق غير المحدودة" التي يوفّرها التعاون الروسي الصيني في مواجهة الكتلة الغربية. وقبيل زيارته المرتقبة، رحّب بوتين، في مقابلة مع القناة الصينية الرسمية، بالعلاقات مع بكين و"الفوائد المشتركة" التي يجنيها البلدان من مبادرة الحزام والطريق.