بدا خطاب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أمس الثلاثاء، متناقضا، بين ما يعلنه قولا وما يمارسه سلوكا دبلوماسيا يهدد قيم السلم والأمن العالميين. وفي خطابه أكد عبد المجيد تبون على ضرورة استخدام لغة الحوار بين الدول، اللغة التي يدعو الملك محمد السادس الجزائر إليها منذ سنين، من أجل تطبيع العلاقات بين البلدين، والاشتغال على المصالح الإستراتيجية المشتركة، إلا أن الرئاسة الجزائرية مازالت متمسكة برفضها أي حوار أو فتح الحدود مع المغرب. وجدد الرئيس الجزائري الأسطوانة المشروخة نفسها بشأن نزاع الصحراء المفتعل، إذ قال إن بلاده تتطلع للوصول إلى "تصفية نهائية لظاهرة الاستعمار في آخر مستعمرة إفريقية، حيث مازال شعب بأكمله في الصحراء محروما من حقه الأساسي في تقرير المصير، عبر استفتاء حر ونزيه يتوافق مع خطة التسوية الأممية الإفريقية التي اعتمدها مجلس الأمن سنة 1991، ووافق عليها الطرفان، وتظل تنتظر التطبيق". وأضاف تبون: "أمام المحاولات لخلق شرعية من لا شرعية له، تقع على الأممالمتحدة مسؤولية صون مصداقية قراراتها، مع واجب الإدراك الجماعي بأن دعم التنفيذ الكامل لقراراتها هو حفظ لهيبة هذه المنظمة". وبهذا الخصوص قال عبد الفتاح الفاتحي، الباحث المتخصص في قضايا الصحراء والشأن المغاربي، في تصريح لهسبريس: "إن خطاب تبون مرتبك أيما ارتباك، ومناقض لواقع حال السلوك الدبلوماسي الجزائري في علاقته مع جاره الغربي المملكة المغربية، التي دعا عاهلها في أكثر من مناسبة الرئيس الجزائري إلى تغليب لغة الحوار والسلام والجلوس إلى طاولة الحوار لحل أي خلافات ترى الجزائر أنها قائمة بين البلدين". وأضاف الفاتحي: "إنه الرئيس الجزائري الذي يخصص إمكانيات عسكرية قتالية ودعما ماليا كبيرا لتمكين جبهة البوليساريو الانفصالية من القيام بأعمال عسكرية عشوائية ضد أمن واستقرار بلد جار، في خرق تام لميثاق الأممالمتحدة التي يخطب على منصتها". واعتبر الباحث المتخصص في قضايا الصحراء والشأن المغاربي تصريحات الرئيس تبون بالتزام بلده بالمبادئ الأممية "مجرد ادعاء"، وزاد: "إن كلام الرئيس ينم عن نفاق سياسي بات مفضوحا لدى الرأي العام الدولي. إن ادعاءاته بالالتزام بالمبادئ الأممية تكذبها الوقائع الميدانية، التي تتعلق باحتجاز سكان المخيمات ورفض تنفيذ توصيات مجلس الأمن الدولي التي تقضي بضرورة إحصائهم وإدراجهم كلاجئين وفقا لاتفاقية جنيف لعام 1951". ويتابع الرأي العام الدولي رفض الجزائر أي حوار مع المغرب، كما ترفض أي شكل من الوساطات الدولية والعربية والإسلامية والمغاربية التي سعت إلى تقريب وجهات النظر بين البلدين. وبهذا الشأن قال المصرح ذاته: "إن تبون يرفض أي حوار دبلوماسي أو تعاون مع المغرب لمكافحة الجريمة الإرهابية والجرائم العابرة للحدود، بل يجاهر بدعم بلاده الكبير لجماعة انفصالية خرقت اتفاق وقف إطلاق النار الذي سبق ووقعته مع الأممالمتحدة، ويشجعها على تكثيف قيامها بأعمال قتالية ضد المملكة المغربية". ومن جهته قال لحسن أقرطيط، أستاذ العلاقات الدولية والمحلل السياسي: "أقل ما يمكن قوله عن خطاب الرئيس الجزائري إنه خطاب أجوف ويفتقد للمصداقية، على اعتبار أن سلوك الدولة الجزائرية على المستويين الإقليمي والقاري هو سلوك موصول بزعزعة الاستقرار والأمن والسلم في القارة". وبالتالي قام أقرطيط بطرح السؤال حول أي حوار يتحدث عنه الرئيس الجزائري تبون في حين أن الجزائر تعتبر الراعي والكفيل لجبهة البوليساريو؟ وعن أي حلول سلمية يتحدث في وقت يقدم الدعم اللامشروط لجبهة البوليساريو؟ حسب تصريحه لهسبريس. واعتبر المحلل السياسي ذاته أن خطاب الرئيس الجزائري عبارة عن تناقض صارخ، مردفا: "تبون يدعو إلى تغليب الحوار والحلول السلمية في ما يتعلق بالمشهد السياسي الليبي والمشهد السياسي السوداني، في وقت ترفض الجزائر حتى الاعتراف بكونها طرفا في الصراع مع البوليساريو، وترفض العودة إلى الطاولة المستديرة من أجل إيجاد حلول سياسية لهذا النزاع المفتعل حول مغربية الصحراء".