ثلاثون ثانية.. هي عمرُ كلّ هذا الدّمار.. ثلاثون ثانية تكفي.. لتسلبك المأوى والأهل.. وتلقيك للكاميرات.. تستبيح عريك النفسي.. وتنتهك حزنك الأخرس .. تنافس به في عدد.. المشاهدات...! كنتَ مجهولا.. فصرت بعد الثلاثين مُعرَّفا.. ورائحة الموت تتعاقب عليك /تتعقَّبك.. أنت المشؤوم.. النّاجي! ما تفعل بالحياة الآن.. وحدك؟!!! واليوم طويل على روحك.. طول الأبد. والقرية الّتي كانت بعيدة عن العين والخبر.. غارقة في النّسيان.. صارت بقدرة الدّمار ...ملء الأخبار! ها هم يتهافتون عليها من كلِّ زوايا الوطن. ها هو الوطن ..كل الوطن يحل بقريتك المعلقة بالجبال .. ويعبِّد الطَّريقَ نحو فجيعتك .. كم من قادم نحوك ..كان يجهل مكانك المنسي في الخريطة ! منسيًّا كنتَ .. فهل كان يجب أن تفقد كلَّ شيء.. لتُبعثَ في ذاكرة الوطن ؟! أن يحلَّ بِكَ كلُّ هذا الدَّمار.. ويجعل عاليها سافلها .. لتُعَرَّف...؟!! منسيًّا كنتَ.. قبل الثلاثين .. والنِّسيان أرحم .. دواوير منسيّة.. معلَّقة.. تكابِد العيش جماعة .. والفرح جماعة.. والحزن جماعة. الموت في بيتي.. و"لْعْزو" في بيت جاري.. و"لكسكسو" في بيتِ سابعِ جار! والحزن.. نتقاسم الحزن بالعدل، داخل الدوار ...! ما فائدة أن يذكروك الآن.. بعد أن دُكَّت منازلُك.. ودُكَّ معها.. سابع جار ...! الموت بالجملة.. والوجع وطن.. ووجهي.. لقمة مستباحة للكاميرات .. يسيحُ وجعي/وجهي انا الأعزل.. من الأهل والدِّيار! كم دفعتَ من الفقدِ ثمنا.. لتصير مبنيًّا للمعلوم...؟! ويُزاح عنكَ ستار الهامش ؟! هل كان يلزمك كلّ هذا الدَّمار.. لتصير ملء الوطن.. وملء الخبر.. أنا المنسيُّ وأهلي.. أنا المجهول وقريتي .. أنا المعزول وأشجاري .. لم أعد أريد فكَّ العزلة عنّي.. فالثَّمن.. زلزال! أريد أن أظلَّ مبنيًّا.. للنِّسيان!! (*) كاتبة وإطار صحي بكندا