ثمّن رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، مبادرة مجلس المستشارين إلى تأسيس "الملتقى البرلماني للغرف المهنية"، معتبرا أن "الشعار الذي تم اختياره لدورته التأسيسية ذو دلالة عميقة، وهو: الغرف المهنية وتحديات النهوض بالاستثمار". وبعدما نوّه ب"مبادرة مجلس المستشارين الهادفة إلى التوقف عند التحديات التي تحُول دون اضطلاع الغرف المهنية بكامل أدوارها، واستشراف دورها المستقبلي كرافعة للاستثمار والتنمية الاقتصادية والاجتماعية"، أكد "دعم الحكومة لهذا المسعى البنّاء، الذي يستمد قوامه من التوجيهات الملكية السامية بهذا الشأن". كلمة أخنوش خلال الجلسة الافتتاحية للملتقى تَلاها نيابة عنه مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان الناطق الرسمي باسم الحكومة، قائلا: "نُزكّي في الحكومة هذا المسعى الرامي إلى استثمار تركيبة مجلس المستشارين المتنوعة ومتعددة الروافد في إغناء النقاش العمومي حول القضايا المجتمعية ذات الراهنية، وهو ما تعكِسُه الطبيعة المتميزة للورشات الموضوعاتية لهذه الدورة". وحسب رئيس الحكومة، فإن "المساعي الهادفة إلى إحداث انخراط فعلي للغرف المهنية في تطوير الخطط والخيارات الاستراتيجية فيما يتعلق بأنشطتها، على المستوى الوطني والجهوي والإقليمي والمحلي، تبرز تفاعلاً مع التوجيهات الملكية السامية الداعية إلى ترسيخ منظور جديد للنهوض بأدوار الغرف المهنية". "الرهان هو أن تضطلع الغرف المهنية بدور هام في إنجاح الورش المجتمعي الكبير المتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية، الذي يوليه الملك محمد السادس اهتماما خاصا، لكونه يسعى إلى تحسين الظروف المعيشية للمواطنين"، يورد أخنوش، لافتا إلى "حضور الغرف المهنية بالمغرب شريكاً أساسيا، بشكل تعكسه أدوارها الاستشارية والتمثيلية في مجموعة من المؤسسات العمومية، إذ تتوفر على إمكانية صياغة تصورات ودراسات ومقترحات القوانين، إلى جانب دورها في خلق مناخ الأعمال". وطمْأنت الحكومة، من خلالها رئيسها على لسان الناطق باسمها، مختلف رؤساء وأعضاء الغرف المهنية بالمغرب بأنها "تجدد التأكيد كحكومة على أخذ موضوع تحفيز الاستثمار بكل جدية"، موضحا أن ذلك نابع "انطلاقا من قناعتنا بأن الاستثمار هو المدخل الرئيسي لتسريع الإقلاع الاقتصادي، والدخول في مصاف الدول الصاعدة، وهو الوسيلة الأساسية لتعزيز فرص الشغل لأبنائنا، وتلبية المطالب الاقتصادية والاجتماعية المتعددة والمتجددة للمواطنين". وقال بايتاس نيابة عن أخنوش بهذا الشأن: "بدورنا في الحكومة، ندرك جيداً التحديات التي واجهت الاستثمار في بلادنا، سواء من ناحية ضعف المردودية أو بسبب غياب النجاعة، رغم أهمية الميزانيات المرصودة لذلك"، مؤكدا انتهاج، تبعاً لذلك، "خطة متماسكة تستمد روحها من التوجيهات الملكية وتنسجم مع مضامين البرنامج الحكومي، ابتكرت الحكومة حلولا عملية وواقعية وناجعة لمواجهة مختلف التحديات، حتى تستجيب لمتطلبات المغرب في مجال الاستثمار على المدى القصير والمتوسط والبعيد". "متطلبات المرحلة تُملي علينا إعادة توجيه السياسات العمومية وبناء منظومة جديدة للاقتصاد الوطني، تكون قادرة على الصمود إزاء التقلبات الفجائية وتحقيق مزيد من التنمية الدّامجة، يكون في مرحلتها الأولى الاستثمار العمومي رافعة لتقوية وإنعاش الاستثمار الخاص، قبل الانتقال لجعل الاستثمار الخاص المحرك الأساسي للتنمية"، تقول كلمة رئيس الحكومة، مستحضرة في هذا السياق هدف "بلوغ الاستثمار الخاص الذي لا يشكل حاليا سوى ثلث الاستثمار الإجمالي، ثُلثيْ الاستثمار الإجمالي في 2035، مع خلق نوع من التكافؤ بين الاستثمار العمومي والخاص (50/50) بحلول سنة 2026". أخنوش ذكّر بقيام حكومته خلال السنة الجارية ب"زيادة ميزانية الاستثمار العمومي لتبلُغ 300 مليار درهم، بعدما كانت في سنة 2022 في حدود 245 مليار درهم؛ أي بزيادة 55 مليار درهم مقارنة مع السنة الماضية"، معتبرا أنها "الأكبر من نوعها في تاريخ المغرب". وزاد: "أعطينا دفعة قوية لعمل لجنة الاستثمارات، حيث حرصتُ شخصياً على التتبع المنتظم لهذه اللجنة، وذلك نظرا للدور الهام الذي تلعبه في تسهيل فعل الاستثمار، وتشجيع المبادرة العمومية والخاصة". كما استعرض في مضامين كلمته أمام رؤساء الغرف المهنية (الفلاحية والصناعية والخدماتية) ما قامت به الحكومة منذ توليها المسؤولية، لا سيما "تفعيل صندوق محمد السادس للاستثمار لتكريس مكانة المملكة كوجهة استثمارية على المستويين الإقليمي والدولي". واستنادا إلى خطاب الملك بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية الحالية، التي جعلت "قضية الاستثمار سياسة دولة تتجاوز زمن التدبير الحكومي"، أكد أخنوش أن "الحكومة تحلَّتْ بالجرأة والشجاعة والفعالية لإخراج هذا الميثاق الجديد بعد مرور تسعة أشهر فقط من تنصيبها، بعيداً عن منطق الأغلبية والمعارضة". كما لفتت الحكومة، في كلمتها بملتقى الغرف المهنية، انتباه الفاعلين الاقتصاديين إلى مجموعة من "التدابير الاستثنائية للتخفيف من آثار ارتفاع الأسعار وندرة المواد الأولية على الالتزامات التعاقدية للمقاولات في إطار الصفقات العمومية، وذلك لضمان استمرار نشاطها وقدرتها التنافسية، واستكمال المشاريع المتعاقد بشأنها". وخلصت إلى أن لها "قناعة راسخة بأهمية المقاولات الصغرى والمتوسطة في خلق الانتعاش الاقتصادي"، مع إيلائها "أهمية خاصة لهذا الموضوع، من خلال توفير بيئة ملائمة لتطويرها وتنميتها، وذلك لما لها من أهمية بالغة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة والمندمجة، لكونها توفّر 73,7% من مناصب الشغل بالقطاع الخاص الوطني".