مجدداً، أعادت واقعة فقدان 51 شابا من منطقة العطاوية التي وقعت قبل أزيد من شهر بالسواحل الجنوبية للمملكة، ملف مفقودي "الهجرة غير النظامية" إلى واجهة الأحداث، مع تنظيم "تنسيقية أسر وعائلات الشباب المغاربة المفقودين المرشحين للهجرة-المغرب"، اليوم الخميس، "وقفة احتجاجية ومطلبية" أمام ملحقة وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، بالتزامن مع عملية وضع ملفات وبيانات تخصّهم لدى منظمة الصليب الأحمر الدولي (CICR) بالرباط. وتحت شعار "نضال مستمر من أجل معرفة مصير أبنائنا والحقيقة والعدالة"، صدحت حناجر أفراد عائلات وأسر هؤلاء الشباب المغاربة المفقودين، مطالبين بالكشف "الفوري" عن مصير أبنائهم وإجلاء الحقيقة والعدالة في هذا الملف، رافعين لافتة كبيرة تجدد مطلب "التدخل الملكي". وحسب ما توفر لجريدة هسبريس من معطيات، حملت ملفات موضوعة لدى ملحقة وزارة الخارجية (مديرية الشؤون القنصلية والاجتماعية-باب الأحد)، موجهة باسم عائلة كل مفقود إلى وزير الخارجية، عنوان "إعلام وإخبار حول مفقود مرشح للهجرة وطلب مساعدة للبحث"؛ بينما جرى بمقر تمثيلية "الصليب الأحمر الدولي" بالرباط وضع ملفات مماثلة تتضمن معطيات تعريفية بكل مفقود. حسن عماري، رئيس جمعية مساعدة المهاجرين في وضعية صعبة، أوضح سياق وقفة اليوم ومستجدات الملف الذي حظي بمتابعة واسعة من طرف الرأي العام وطنياً وعالمياً، قائلا إنها "تأتي في إطار نداءاتنا ورفع أصواتنا للمطالبة بالكشف عن مصير أبنائنا وإجلاء الحقيقة والعدالة، وفي إطار عملنا النضالي الاحتجاجي في ملف أبنائنا المفقودين والمحتجزين، وبعد عدة اتصالات ونداءات وإجراءات للتحري والبحث وطرح ملفات عدة على القضاء". وتابع عماري في تصريح لهسبريس: "نحن هنا كجمعية من أجل إسناد الأسر والعائلات ودعم مطالبها"، لافتا إلى أن "مجموعة جديدة من أسر وأقارب الضحايا المفقودين من مدينة العطاوية انضافت هذه المرة إلى مجموعات قديمة تهم مفقودين في الجزائر وليبيا وتونس أو المفقودين في المتوسط والأطلسي". وأكد الفاعل المدني ذاته، الذي تبنّت جمعيته ملفات عدد من الأسر، أنها "وقفة أيضا من أجل إدانة السياسات الأوروبية التي تعد أساس ومركز هذه المآسي المتكررة"، محذرا من أنها "لن تتوقف، وكان آخرها فقدان 51 شاباً من أبناء العطاوية، إذا لم يتم إحقاق العدالة بمتابعة الجناة وإنصاف العائلات، والتحذير من مافيات شبكات النصب والاحتيال للهجرة بمواقع التواصل الاجتماعي". "ثقة في العدالة والقانون" من جانبه، بسَط خالد الكراب، والد أحد المفقودين من العطاوية حضر رفقة عائلات الضحايا لوقفة الرباط، مستجدات هذا الملف مشيرا إلى أن "الأسَر، والأمهات بالخصوص، تكابد معاناة دائمة منذ تاريخ 11 يونيو 2023". وقال الأب المكلوم لهسبريس: "ما زلنا نبحث عن أبنائنا ونطالب بالكشف الفوري عن مصيرهم، سواء كانوا أحياء-وهذا ما نأمله-أو أمواتاً"، مطالبا "كل المسؤولين بمختلف مناصبهم تكثيف جهودهم من أجل الوصول إلى الحقيقة، ما سيُشعِر الأسر بارتياح كبير، ويُنهي معاناتها". "عَلِمنا أن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء قد دخلت على خط البحث في الملف والأمور تجري في سرية تامة"، يورد المتحدث، مضيفا: "نحن نثق تمام الثقة في العدالة والقانون المغربيين، وفي كفاءة الفرقة الوطنية للوصول في أسرع وقت إلى الحقيقة والكشف عن مصير هؤلاء الشباب وأبناء مدينة العطاوية، الذين انضافوا، للأسف، إلى قائمة طويلة من المفقودين المنحدرين من مدن مغربية عديدة، الذين ذهبوا ضحايا التغرير بهم من طرف شبكات الهجرة السرية، والظروف المأساوية التي يعرفها الجميع وتدفع هؤلاء الشباب إلى الهجرة والبحث عن مستوى معيشي أفضل في الديار الغربية". وزاد موضحا: "من جديد، نحن أمام ملحقة وزارة الخارجية والتعاون الدولي المغربية بالرباط، وأمام منسقية الصليب والهلال الأحمر الدوليين بالرباط، لكي نضع مجموعة طلبات وإخبارات تتضمن بيانات فردية للشباب المهاجرين"، خالصاً: "نطلب من جميع الهيئات التي يمكنها مساندتها أن تكثف جهودها خارجياً والبحث للوصول إلى حل لهذا الملف". كما تضمن حديث مجموعة عائلات العطاوية "مناشدة مباشرة إلى الملك أن يرعى جهود هذه المهمة ويأمر كل من له صلة بالكشف عن مصير الشباب المفقودين وإنهاء مأساة أسرهم". وبصوت حزين أجهش بالبكاء، قالت أمّ أحد المهاجرين المفقودين على متن "قارب العطّاوية" لهسبريس: "لا نريد سوى أن تُبيّنَ لنا السلطات ما إذا كان أبناؤنا وفلذات أكبادنا أحياءً أم أمواتا"، مفيدة بأنه "لم يظهر أثر لأي أحد من مفقودي القارب إلى حد الساعة"، قبل أن تتقدم بالشكر والتنويه ب"عمل بعض الجمعيات التي وقفت معنا في محنتنا". جدير بالتذكير أنه طالما حمّلت أسر "شباب الحريك" المغاربة المسؤولية المباشرة في هذه الوضعية إلى "نظام الحدود ونظام التأشيرة والسياسات غير العادلة الذي تفرضه أوروبا على دول الجنوب وعلى أبنائها ضدا على حرية التنقل التي تنص عليها المواثيق والعهود الدولية المرتبطة بحقوق الإنسان". وسبق لهؤلاء العائلات أن خاضت وقفة أمام مقر "التمثيلية الدبلوماسية لمفوضية الاتحاد الأوروبي" بالعاصمة الرباط، شهر فبراير المنصرم، وقبلها مرات متعددة أمام ملحقة وزارة الخارجية منذ شهر أكتوبر 2022.