أكد أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أمس الثلاثاء بإسطنبول، أن المغرب يوجد في "صلب تاريخ حوار الحضارات، والجميع يعترف، دون لبس، بقدرة المغاربة على تجاوز الانقسامات والاندماج في سياقات أخرى دون أن يفقدوا أصالتهم". "" وقال التوفيق، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء على هامش أشغال الدورة الثانية للمنتدى الأممي حول تحالف الحضارات المنعقدة يومي 6 و7 أبريل الجاري، إن "المرجعية والنموذج اللذين يلهمان فكرة تحالف الحضارات يتمثلان في الحقبة الأندلسية التي كان فيها حوار الحضارات حقيقة تاريخية ملموسة". وأضاف: "عندما نتحدث عن الأندلس وما شهدته من تعايش بين الأديان والثقافات الذي طبع تلك الفترة، نجد أن المغرب يوجد في صلب هذه الفترة من التاريخ المزدهر من حوار الحضارات والانفتاح على الآخر". وأكد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أن فكرة تحالف الحضارات "تظل مبادرة مهمة من أجل تعزيز قيم الحوار والتفاهم بين الحضارات"، موضحا أن منتدى إسطنبول يطرح من خلال النقاشات وتبادل الأفكار "إشكالية التداخل بين الثقافي والسياسي". وأوضح أن البعض يعتبر أن تسوية النزاعات والتوترات السياسية تمر حتما عن طريق إقامة حوار ثقافي باعتباره الوسيلة الوحيدة الكفيلة بحل، أو على الأقل، التخفيف من حدة الخلافات السياسية، في حين يدافع آخرون عن الفكرة القائلة بأن تسوية المشاكل والنزاعات السياسية هي التي ستمكن من إرساء حوار حقيقي بين الثقافات. وأشار الوزير، الذي شارك أمس الثلاثاء في جلسة حول "المساهمة الإسلامية في المجتمعات، الثقافات والهويات الأوربية"، إلى أن المشاركين في هذا النقاش تطرقوا من جهة إلى مساهمة الحضارة الإسلامية في إغناء الثقافة الأوربية، ومن جهة أخرى للبرامج والمبادرات التربوية في أوربا من أجل إدماج المسلمين. وأبرز التوفيق، خلال مشاركته في النقاش، "الأعمال التي يقوم بها المغرب والتي تستهدف المسلمين من أصل مغربي المقيمين بأوربا، والرامية إلى مساعدة هذه الجالية على التمثيل الأمثل للثقافة المغربية مع المساهمة، بشكل فعلي، في إغناء الثقافة المحلية". وتطرق التوفيق، في هذا الصدد، للتجربة المغربية المتمثلة في توفير تكوين متعدد الاختصاصات للشباب المقبلين على تعلم اللغات كاللاتينية واليونانية أو العبرية، مع تمكينهم من تكوين متين في مجال علم الأديان، قبل أن يلتحقوا بجامعات في الخارج لاستكمال تكوينهم. وقال إن هذا المقرر الدراسي يكتسي أهمية خاصة، بالنظر إلى مساهمة العالم الإسلامي في الثقافة الأوروبية، التي عرفت عصرها الذهبي عندما كان كبار علماء الدين المسلمين، من أمثال ابن رشد وابن سينا، يقدمون فكرا نيرا "يستوعب بشكل كبير مصادر الحضارة اليونانية - الرومانية واليهودية". يذكر أن منتدى اسطنبول يعرف مشاركة حوالي 30 وزيرا للشؤون الخارجية، وممثلي أزيد من 80 بلدا ونحو 20 منظمة دولية. ويروم تحالف الحضارات، الفكرة التي تم إطلاقها خلال 2005 بمبادرة من إسبانيا وتركيا تحت رعاية الأممالمتحدة، التقريب بين المؤسسات والمجتمعات المدنية، واقتراح السبل الواجب تفعيلها لمواجهة الانقسامات والأحكام المسبقة وسوء التفاهم بين الثقافات. وتشرف على التحالف مجموعة صداقة تضم حوالي 100 بلد عضو، من بينها المغرب، إضافة إلى منظمات دولية وإقليمية وهيئات تمثل المجتمع المدني بمختلف أنحاء العالم.