ورقصة التانغو قصيدة يكتبها الجسد تحتضن بلدنا، من الثامن إلى الثاني عشر من هذا الشهر، الدورة الثانية من مهرجان "ماتانغو" لرقصة التانغو الأرجنتيني الشهيرة وذات الأصول الأفريقية. "" هذه الدورة التي ستستضيفها كل من مدن الدارالبيضاء، مكناس والرباط، ينظمها بيت الفنون في الدارالبيضاء، وتتضمن عروضا راقصة، وحفلات، ومؤتمرات، ودورات في هذا النوع من الرقص. كما سيعقد في إطار المهرجان مؤتمران، أحدهما تحت عنوان "أدب التانغو"، وسيديره الكاتب الفرنسي باول دي فومبيل، والأخر بعنوان "آرت ديكو والتانجو" وسيقدمه المعماري الأرجنتيني مارسيلو مارتين. وستقام معارض للصور الفوتوغرافية، بجانب عرض فيلم "تانغو" (1998) للمخرج الإسباني كارلوس ساورا. ورقصة التانغو هي عبارة عن قصيدة شعر تكتبها تعابير وحركات الجسد، رقصة تختزل الحياة باعتبارها حوارا زوجي التفاصيل بين الذكوري والأنثوي، بين الخشن واللطيف، في حالات الانجذاب والتنافي، رقصة شاعرية المحتوى، موسيقية الإيقاع، ومسرحية التفاصيل، لكل رقصة حكاية تسمو إلى فن الميم حيث تعجز اللغة في التعبير من خلال ثرثرتها الجوفاء. ينطق ويتحدث الجسد ذاك الأولي، الفطري والبدائي. والتانغو كنوع من الرقص الزوجي تتداخل في بناءه العديد من الفنون، ما يجعله جديرا بالمشاهدة المقترنة بالمتعة، بينما تبقى إمكانية ممارسته متمنعة، فهي لا تتأتى إلا لجسد مصقول بالتمارين الرياضية مثل الجمباز، التزلج الفني على الجليد، ويمتلك قدرا كبيرا من الإحساس والتجاوب مع الهارموني والايقاعي في الموسيقى. يعود أصل كلمة تانغو في استخدامها للتعبير عن هذا النوع من الرقص إلى التسعينات من القرن التاسع عشر(1890)، بينما يعود أصل الكلمة إلى عهود عبودية الأفارقة سيئة الذكر، حيث أطلق العبيد الأفارقة كلمة "تانغو" على المكان الذي كان السجناء ينتظرون فيه لحين ترحيلهم إلى أمريكا. وباحتضان بلدنا لهذا النوع من الإبداع الإنساني خلال الأسبوع القادم، فهو يحتفي من خلاله بعاطفة المغرب الإيقاعية الإفريقية، وجسده المتوسطي الممتد إلى جبال الأوليمب، حماسة الشرق وثقافة الأمازيغ الأفارقة، مغرب أشبه بهذا الفن الذي تأصلت جذوره في إفريقيا وولد بتلاقح لاتيني في العالم الجديد. من جهة أخرى يبقى أن هذا الرقص ارتبط في الأرجنتين، حيث نشأ، بجذوره الطبقية، فحسب خورخي لويس بورخيس وهوالأرجنتيني الذي يعتبر من أبرز كتاب القرن العشرين، تعود جذور نشأة هذا الفن الرائع، إلى ريو دي لا بلاتا في بوينس آيرس وهو رقص الطبقات الفقيرة من المجتمع، ولم يمنعه ذلك من معانقة الكونية والانتشار في معظم دول العالم. أما مهرجان ماتانغو الذي سنستضيفه كما سلفت الإشارة إلى ذلك، هو أحد المهرجانات التي تأتي ضمن الفعاليات السنوية، وهذه الدورة تعد دون شك، فرصة سانحة للتعريف بفن التانغو في المغرب، فضلا عما تتضمنه تظاهرة فنية بهذا الحجم من دعم لجسور الحوار الثقافي بين المغرب وبين بلدان أمريكا اللاتينية. [email protected]