أكد بنك المغرب أن مؤشرات الاستقرار المالي لا تزال تدل على صلابة ومتانة القطاع المالي المغربي؛ لكنه نبّه إلى ضرورة التحلي باليقظة إزاء المخاطر الماكرو اقتصادية من مصادر خارجية وداخلية، مثل استمرار النزاع في أوكرانيا وارتفاع أسعار الفائدة ومستويات التضخم المرتفعة. جاء ذلك التأكيد خلال الاجتماع السابع عشر للجنة التنسيق والرقابة على المخاطر الشمولية، المنعقد بمقر بنك المغرب، أمس الثلاثاء، والذي تدارست فيه اللجنة وصادقت على تقرير الاستقرار المالي برسم سنة 2022 واطلعت على التقدم المحرز على مستوى خارطة الطريق الخاصة بالاستقرار المالي للفترة 2022-2024. وقالت اللجنة إن المخاطر الماكرو اقتصادية النابعة من مصادر خارجية وداخلية تراجعت على العموم؛ لكنها تستدعي اليقظة، بالنظر إلى الشكوك القوية المحيطة بآفاق الاقتصاد العالمي. ويتوقع بنك المغرب أن يحقق الاقتصاد الوطني نموا بنسبة 2.4 في المائة في سنة 2023، قبل أن يصل إلى 3.3 في المائة في 2024، بعد أن تباطأ إلى 1.3 في المائة سنة 2022. وعلى مستوى الحسابات الجارية، يُرتقب أن يتراجع عجز الحساب الجاري إلى حوالي 2.5 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي في 2023 وفي 2024؛ في حين يُتوقع أن تمكن الأصول الاحتياطية الرسمية، أخذا بعين الاعتبار التمويلات الخارجية المرتقبة للخزينة، من تغطية حوالي 5 أشهر ونصف الشهر من واردات السلع والخدمات. وأشار بنك المغرب، حسب ما جاء في بلاغ أصدرته لجنة التنسيق والرقابة على المخاطر الشمولية، إلى أن القطاع البنكي المغربي "ظل يتمتع بأسس قوية"؛ فعلى مستوى الرسملة، أضاف المصدر ذاته، أفرزت البنوك مع نهاية 2022 على أساس فردي معدلات ملاءة وأموال ذاتية من الفئة 1 بنسبة 15.7 في المائة و12.4 في المائة على التوالي، وهي مستويات تفوق النسب الأدنى التنظيمية المحددة في 12 في المائة و9 في المائة. ولفت بنك المغرب، انطلاقا من اختبار الضغط الكلي الخاص بالملاءة، إلى استمرار قدرة القطاع البنكي على الصمود أمام سيناريوهات تحاكي تدهور الأوضاع الماكرو اقتصادية. في المقابل، كشف البنك المركزي أن تزايد أسعار الفائدة وأسعار السندات أثّر سلبا على النتيجة التراكمية للبنوك على أساس فردي، حيث سجلت انخفاضا بحوالي 13 في المائة، بعدما سجلت ارتفاعا بنسبة 76.4 في المئة سنة 2021. وأرجع بنك المغرب سبب هذا التطور بالخصوص إلى انكماش نتيجة عمليات السوق بنسبة 52 في المائة ارتباطا بتزايد أسعار الفائدة وأسعار السندات؛ غير أنه أشار إلى أن معدل السيولة على المدى القصير لا يزال في مستوى مريح يفوق الحد التنظيمي المحدد في 100 في المائة. وبالرغم من السياق العالمي المتسم بالأزمة، فإن بنك المغرب قال إن البنيات التحتية للأسواق المالية المغربية "لا تزال تتمتع بقدرة قوية على الصمود سواء على المستوى المالي أو التشغيلي، ولا يشكل إلا خطرا ضئيلا على الاستقرار المالي". وبخصوص قطاع التأمينات، قال البنك المركزي إن هذا القطاع حافظ على قدرته على الصمود، على الرغم من الظرفية الاقتصادية الصعبة المتسمة بتباطؤ قوي في النمو الاقتصادي الوطني خلال 2022 وبارتفاع أسعار الفائدة في سياق تزايد الضغوط التضخمية. وبلغ حجم معاملات قطاع التأمينات خلال السنة الفارطة 53.8 مليارات درهم، متمكنا بذلك من الحفاظ على دينامية نمو اعتبرها بنك المغرب "جيدة" بلغت 8.5 في المائة، همّت فرعي التأمين على الحياة بنسبة 10.7 في المائة والتأمين غير تأمين الحياة بنسبة 6.6 في المائة. وبالرغم من النمو الذي حققه القطاع، فقد تأثر بالأوضاع غير المواتية في السوق المالية، حيث انخفضت القيمة الكامنة للأصول بنسبة 53.8 في المائة، وتدنت نتيجته المالية بنسبة 23.8 في المائة، حسب المعطيات الصادرة عن بنك المغرب. وأضاف المصدر ذاته أنه على الرغم من سلبية الأداءات المحققة على التوظيفات فإن قطاع التأمينات قد حقق في سنة 2022 نتيجة إيجابية بمبلغ 4 مليارات درهم، بزيادة بلغت 1.8 في المائة، حيث بلغت نسبة مردودية الأموال الذاتية 9.4 في المائة، منخفضة بواقع 10 نقط أساس مقارنة بسنة 2021.