في خضم التطورات المتلاحقة التي يشهدها مجال استعمال الذكاء الاصطناعي، حذرت الخبيرة الدولية سوزي أليگري، مدافعة عن حقوق الإنسان، من التداعيات السلبية للتكنولوجيات الحديثة على حياة الناس في حال عم وضع ضوابط صارمة لاستعمالها، مبرزة أنها أصبحت تستعمل في انتهاك حقوق الإنسان. أليگري اعتبرت في لقاء نظمه المجلس الوطني لحقوق الإنسان ضمن فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، حول موضوع "حماية الحق في حرية الرأي والتفكير في العصر الرقمي"، أن لا أحد سيعارض رغبة العالم في التغيير، "ولكن التغيير يجب أن يصب في اتجاه تحسين حياة الناس وليس العكس"، مضيفة أن الذكاء الاصطناعي "ينبغي أن تحكمه تشريعات قانونية وأن يكون متحكّما فيه". وانتقدت صاحبة كتاب "الفضاء الرقمي وسؤال الحق في الرأي" استغلال التكنولوجيا الحديثة من أجل التأثير على أفكار مستعملي التقنيات الحديثة وتوجيههم، على غرار ما تفعله منصات التواصل الاجتماعي. وأشارت إلى أن المنصات الاجتماعية تقدم خدمة ذات أهمية، حيث تتيح الحصول على المعلومات بسلاسة وسرعة، لكنها في الوقت ذاته تنتهك حقوق المستخدمين، وذلك بتجميع معطياتهم الشخصية بدون إذن، واستغلالها، بعد تحليلها، إما في توجيه الرأي العام نحو تبني أفكار تخدم طرفًا معينًا، أو اعتناق فكرة معينة، أو تغيير سلوك الناس، معتبرة أن هذا الأمر يثير قلق المدافعين عن حقوق الإنسان في العالم. وأبرزت المتحدثة ذاتها أن انتشار الأخبار الزائفة وتأثيرها السلبي على الرأي العام، يعد أيضا من مظاهر التأثير السلبي للتكنولوجيا الحديثة، وقالت: "هذا يعني أن منصات التواصل الاجتماعي لها تأثير سلبي على ملايين الناس في العالم". وحذرت أليگري من التبعات السلبية لتحليل المعطيات المتعلقة بمستخدمي منصات التواصل الاجتماعي من خلال برامج معلوماتية، قصد استهدافهم بالإعلانات التجارية من أجل إقناعهم بشراء السلع والخدمات، موضحة أن هذا الأمر فيه توجيه للمستهلك، "ويسائلنا حول كيفية ضمان حريتنا وحماية أفكارنا". وشددت المتحدثة على أن ما ينبغي التفكير فيه الآن "هو: ماذا يخبئ لنا المستقبل؟"، لافتة إلى أن الشركات لم تعد تكتفي فقط بتحليل المعطيات المتعلقة بالميول الحالية للأشخاص، بل إنها منشغلة بمعرفة توقعات الناس قبل التعبير عنها. وأكدت المدافعة عن حقوق الإنسان أن التجارب التي يتم القيام بها باستعمال التكنولوجيا الحديثة مفيدة للبشرية في عدد من نواحيها، "ولكنها قد تكون مضرة عندما تخرج عن الإطار القانوني"، مضيفة: "عندنا يتم استغلال المعطيات الخاصة للناس واستعمالها في مآرب أخرى، فهذا يعد انتهاكا لخصوصية الأشخاص، ولحقوقهم، ولذلك لا بد من تنظيم استعمال هذه التكنولوجيا". من جهتها، قالت أمينة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إن تأثير التكنولوجيا الحديثة يشكل انشغالا للفاعلين في مجال حقوق الإنسان، مضيفة: "بقدر ما نحن مع التكنلوجيا الحديثة، بقدر ما نفكر في تأثيرها على استقلالية الفرد وعلى اختياراته الخاصة".