في اليوم الثاني من "المنتدى الدولي للبرلمانيين الشباب الاشتراكيين والاشتراكيين–الديمقراطيين"، المستمرة فعالياته بمدينة مراكش إلى يوم غد (31 ماي)، تعددت رؤى النقاش الذي تمحور حول قضايا راهنة وحارقة تشغل بال المنتظم الدولي؛ بينما للأحزاب الاشتراكية فيها حول العالم نصيب وافر من التصورات والمشاريع. وقاربت الجلسة الرابعة من جلسات المنتدى المبرمجة، اليوم الثلاثاء 30 ماي، موضوع "الهجرة العالمية.. رهانات الشمال والجنوب"، وأكد خلالها خبراء وفاعلون مغاربة وأجانب شاركوا في نقاشها على أهمية "النظرة المتوازنة إلى قضايا الهجرة واللجوء، سواء من دول الشمال كما الجنوب". "صور نمطية" إدريس اليزمي، رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج، سجل أن "موضوع الهجرة يحتاج فعليا تعميق النقاش وطنيا وعالميا، لا سيما على مستوى القارة الإفريقية". أكد اليزمي، في تصريح لجريدة هسبريس على هامش مشاركته في الجلسة، أن هناك "العديد من الصور النمطية التي تطغى على موضوع الهجرة؛ أبرزها انتشارا هي أن كل دول الجنوب تريد الهجرة إلى دول الشمال خاصة أوروبا، بينما الحقيقة أن كل أربعة من 5 مهاجرين أفارقة يظلون في إفريقيا عبر هجرات بين دول القارة نفسها". وتابع رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج ضاربا المثال على الصور النمطية ب"العامل المهاجِر (الأمِّي نسبيا) والقادم من أوساط قروية ليشتغل في الصناعة بدُول الشمال"، موردا أن "20 في المائة من المهاجرين عالميا، اليوم، هم ذوو تكوين جامعي، بمن فيهم مغاربة". المغرب "طرف في صراع الكفاءات" كما أشار ضمن مداخلته في الجلسة التي شهدت تفاعلا كبيرا، جدد اليزمي قوله لهسبريس إن "الهجرة تشكل موضوع معركة محتدمة بين القارات والبلدان، تلعب فيها ثنائية الشمال والجنوب دور المحدِّد للتموقعات". وأضاف شارحا لهسبريس: "هناك الآن صراع عالمي–دولي لجلب الأدمغة والكفاءات، ونحن (المغرب) طرف في هذا الصراع سواء أحببنا أم كرهنا"، مشددا على أن "الرأسمال البشري يظل في قلب رهانات الهجرة ومعادلاتها". تأنيث الهجرة والأجيال الجديدة "هناك ظواهر جديدة صاعدة عديدة ترسم معالم الهجرات العالمية وجب أخذها بعين الاعتبار؛ أوّلها هي تأنيث الجاليات كلها (بنسبة 50 في المائة من المهاجرات عالميا اللواتي يُبادرن للهجرة وليس في إطار التجمّع العائلي)"، رصد رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج لافتا إلى أن "الظاهرة الثانية التي نعيشها بقوة في السياق المغربي هي الأجيال الجديدة التي تكبُر في بلدان إقامة الوالدين، ما ينتج عنه الانتماء المزدوج". من الظواهر الأساسية كذلك، وفق تعبير اليزمي، هي "بلورة سياسات الشتات بما فيها دول الشمال التي تطور سياسات عمومية تجاه جالياتها مع مراعاة مصالحها"، مؤكدا لهسبريس أن "الCCME بالمغرب يطالب منذ مدة بتقوية العمل الثقافي كقناة للحفاظ على العلاقة مع الوطن الأم وبناء علاقات جديدة".
العلم سلاح ضد تسييس الهجرة وعن دور البرلمانيين الاشتراكيين في موضوع الهجرة الذي بدأ يُستغل في "كراهية الأجانب" بدول الشمال، قال إدريس اليزمي لهسبريس إن "الحل هو تعبئة المعرفة العلمية لبلورة سياسات عمومية من طرف الأحزاب التقدمية والاشتراكية، ضدا على تسييس قضية الهجرة التي بدأت في أقصى اليمين؛ إلا أنها بدأت تسيطر على فكر أحزاب يمينية ديمقراطية كلاسيكية" (فرنسا مثلا). وخلص قائلا: "لا بد من بلورة فكر بديل مبني على حقوق الإنسان وضرورة التعايش السلمي والالتقاء الثقافي".
تقاطعات بين الشمال والجنوب من جهتها، لخصَت فدوى الرجواني، باحثة في مجال الهجرة، عضو المجلس الوطني لحزب "الاتحاد الاشتراكي"، أشغال الجلسة النقاشية التي سيَّرَتْها في كون "قضايا الهجرة لطالما كانت دائما في صلب اهتمامات الأحزاب الاشتراكية وذات التوجه الاشتراكي–الديمقراطي عبر العالم"؛ مؤكدة بالتبَع لذلك أنه "كان من الضروري برمجة جلسة حول الموضوع ضمن أشغال المنتدى الدولي الأول للبرلمانيين الشباب الاشتراكيين". "قضايا الهجرة مرتبطة أساساً بتشريعات البلدان"، أضافت الرجواني، التي شرحت: "وبالتالي البرلمانيون الحاضرون معنا يعبّرون عن رغبة أحزابهم، سواء من موقع المعارضة أو موقع التسيير، في تبني سياسات عمومية مُنتصِرة لحقوق الإنسان والتسامح والتعايش فيما يتعلق بملفات الهجرة". وبينما أبرزت مداخلات من دول المكسيك ومالي والبرتغال وهولندا أهمية "قضايا الهجرة واللجوء العابرة للحدود"، سجلت مسيِّرة النقاش، في تصريحها لهسبريس، أن "المغرب له تقاطعات عديدة مع تجارب بلدان من الجنوب لها حدود مع دول الشمال، كما أن التقاطع ذاته يمس نوعية المشاكل والتحديات المطروحة". وختمت الباحثة ذاتها بالقول إن "المنتدى ستتمخض أشغاله عن توصيات مهمة متعلقة بقضايا الهجرة".