قال مولاي الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، إن "الارتقاء بالمساواة بين الجنسين لا يعد ضرورة مجتمعية وقانونية واقتصادية فقط، ولكنه تكريس لمقتضى دستوري ولحق من الحقوق الأساسية كما هي متعارف عليها وفقا للاتفاقيات الدولية ذات الصلة بالموضوع، ومن هذا المنطلق فقد تبنى دستور المملكة لسنة 2011 مقاربة ترسخ مبدأ المساواة بين المرأة والرجل والسعي إلى تحقيق المناصفة". وأضاف الداكي، في كلمة ألقاها بمناسبة افتتاح الدورة 16 من المؤتمر الدولي للنساء القاضيات المنظم بمدينة مراكش تحت الرعاية السامية من الملك محمد السادس، أن "مسار تكريس مبدأي الإنصاف والمساواة بين الرجل والمرأة عرف في بلادنا خلال السنوات الأخيرة دينامية قوية وتقدما بارزاً، يرتكز على مستويات متكاملة تنسجم مع أهداف التنمية المستدامة، قوامها صيانة كرامة المرأة والنهوض بحقوقها الأساسية في الصحة والتعليم والسكن والحماية الاجتماعية، ودعم استقلاليتها الاقتصادية وروح المبادرة والابتكار". وذكّر رئيس النيابة العامة، في المؤتمر الدولي المنظم من طرف الجمعية الدولية للنساء القاضيات، باستضافة من جمعية اتحاد قاضيات المغرب، بشراكة مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة ووزارة العدل، ب"المبادرة إلى إقرار منظومة قانونية لحماية المرأة، والحرص على التصدي لكل أشكال العنف والتمييز، وإحداث بنيات للتكفل بهن قضائياً من خلال إحداث مجموعة من الخلايا المختصة بالتكفل بالنساء، وتوفير الدعم النفسي لهن في المحاكم ومراكز الشرطة والمستشفيات العمومية". كما أكد الحسن الداكي أنه "إذا كان تعزيز تمثيلية المرأة على قدم المساواة مع الرجل في مجال العمل عموما، وفي كافة مستويات صنع القرار، يكتسي أهمية بالغة لارتباطه الوثيق بتحقيق التنمية داخل المجتمعات البشرية عبر تحرير الطاقات النسائية، وتمكينها من آليات الاشتغال والإنتاج، فإن تمثيل المرأة في الجهاز القضائي ينطوي على أهمية خاصة ودلالات رمزية بالغة الدقة، وذلك راجع لعدة أسباب". وشدّد المسؤول القضائي ذاته على أن "حضور المرأة القاضية يشكل مصدر إلهام للأجيال المقبلة من القاضيات، من أجل تحفيزهن على السعي إلى تحرير طاقاتهن وتحقيق أدوارهن الطلائعية في مجال العدالة، من أجل تعزيز حماية الحقوق والحريات وتكريس مبدأ المساواة أمام القانون، وتجسيد استقلال السلطة القضائية على أرض الواقع". وبعدما أشار الداكي إلى أن المعيار الوحيد لتقلد المرأة المناصب الريادية، سواء بالقضاء أو غيره، أصبح هو الكفاءة، وبذلك لم يعد النوع عائقا أمام تحقيق ذاتها في هذا المجال، قال إن "هذا الأمر انعكس على المشهد القضائي ببلادنا، الذي تميز بالتنامي التدريجي للتمثيلية النسوية للقاضيات، بحيث تشكل النساء البالغ عددهن 1093 قاضية نسبة حوالي 26 % من إجمالي عدد القضاة، يمارسن مهام القضاء على مختلف الأصناف والمستويات، سواء بقضاء الحكم أو قضاء النيابة العامة، وأيضا على مستوى مختلف درجات النظام القضائي". وجاء ضمن الكلمة ذاتها أن "تعزيز الثقة في المشهد القضائي بنسائه تواصَل بتقلدهن مناصب المسؤولية، إذ تم سنة 1998 تعيين أول رئيسة لمحكمة ابتدائية، ليتوالى بعدها إسناد المسؤولية القضائية على مستوى باقي المحاكم بمختلف درجاتها ورئاسة بعض الغرف بمحكمة النقض لقاضيات مقتدرات طبعن بخبرتهن الاجتهاد القضائي للمملكة، كما تقلدت أخريات العضوية بالمجلس الدستوري، ثم بالمحكمة الدستورية؛ بالإضافة إلى تقلد منصب الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات كمؤسسة قضائية مالية بالمملكة". وختم الحسن الداكي بأن "المكتسبات التي حققتها المرأة المغربية لم يكن لها أن تتحقق لولا وجود قيادة رشيدة على رأس البلاد يجسدها الملك محمد السادس، إذ لم يدخر جهدا منذ اعتلائه عرش أسلافه المنعمين لتعزيز المساواة بين الجنسين، وتكريس الحقوق الكونية للمرأة، وهو ما فتئ يؤكد عليه في العديد من الخطب السامية، وتم تجسيده من خلال إصلاحات هيكلية تروم تحقيق المساواة والتنزيل الفعلي للمناصفة وتحصين المكتسبات الحقوقية للمرأة ودعمها، وتعزيز الضمانات التشريعية والقانونية والإجرائية لذلك".