القاعدة القانونية هي نتاج الظواهر الاجتماعية التي تفرض نفسها على المشرع فيقننها وينظمها. والحماية الاجتماعية ورش ملكي الهدف منه تمكين المواطنين من الاستفادة من التغطية والخدمات الصحية بناء على حقه في الحياة ومن جهة أخرى محاربة الفقر والهشاشة لتحقيق العدالة الاجتماعية، ويعتبر التوجه الاجتماعي للدولة، من أهم المساعي والأهداف التي تهيئ العنصر البشري كي يساهم في بناء التنمية وليس إعاقتها وقد عرت أزمة كورونا عن الواقع الصحي المزري في بلادنا فوجدت الدولة صعوبة لحصر عدد الفئات الهشة المستفيدة من التعويض لعدم انخراطهم في أي منظومة صحية، وبمعنى آخر أغلبية المواطنين يعملون بطريقة غير مهيكلة أو خارج القانون، وبالتالي أغلب سكان المغرب لا يتمتعون بتغطية صحية لذلك فتح ورش الحماية الاجتماعية بأمر من الملك محمد السادس نصره الله بفاس، ومازالت الدولة والمؤسسات يعملون على إتمام تنزيله، والآن أصبح جل المواطنين يستفيدون من التغطية الصحية على غرار المهنيين المسجلين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. كما أن سجل السكان سيمكن من حصر عدد العائلات الهشة وسهولة برمجة التعويض، والمساعدة الاجتماعية مستقبلا. سأعود إلى مقدمة المقال الذي استهللته بعبارة أن القانون هو نتاج الظواهر الاجتماعية التي تفرض نفسها على المشرع، وسأتحدث عن ظاهرة قديمة جديدة، لم تؤخذ بعين الاعتبار في ورش الحماية الاجتماعية، على الرغم من أهميتها، إنه موضوع مؤرق، ومؤلم. تنزف معه إنسانية المرء، وتصبح غير قادرة على الإقلاع عن التفكير فيه. إنه موضوع قاس جدا. وقد وصفته بعبارة لربما تشرح قساوة الأمر حرفيا، كسر جناح الأسرة بمرض معيلها هذا الموضوع لم تعالجه سوى الدراما السينمائية أو التلفزيونية، ولكنه لم يكن البتة موضوع نصوص قانونية وتشريعية إنها ظاهرة اجتماعية من الدرجة الأولى إذا كانت الأسرة ككيان تهم الدولة. في الوقت الراهن لا يحل هذا الموضوع إلا جزئيا أو مؤقتا، من طرف جمعيات خيرية تربط الأسرة بمتبرعين، بالمال أو الدواء أو بعض التزامات من كراء بقال أو غير دلك، ولكن هذه الجمعية وذلك المحسن، لن يستطيع تحمل الالتزامات والمصاريف الأسرية طيلة مرض الأب أو المعيل نظرا لكثرة الحالات وتفاقمها. في غياب تام لموقف رسمي، يحصي هذه الحالات ويقننها، ويحمي الأسر من التشرد والضياع. السكن حق مشروع، وفشل سياسة السكنى تجعل المواطن يتحمل وحيدا، السومة الكرائية المرتفعة، والتي لا تخضع لتأطير ولا لتحديد، كل يغني ليلاه، حتى دور الشركات والحبوس يكترون بمبالغ خيالية في غياب رقابة الجهات المختصة. حالة المعيل المريض تجعله في حالة عسر يمنعه من سداد السومة الكرائية، مما يعرضه وأسرته للشارع العام، فأين مسؤولية الدولة؟ وما مصير العقد الاجتماعي أساس بناء الدولة واستمرارها؟ ألا يتعلق الأمر باختلال الكفة بسيادة الطبقية وحرمان مواطن من السكن بسبب عسره المادي وعدم قدرته على العمل بسبب المرض؟ إننا الآن أمام توازن اجتماعي مفقود، وهل المعونات والتعويضات الضئيلة كفيلة بحل هذا المشكل وتحقيق العدالة الاجتماعية في غياب الانخراط التام لجميع فئات المجتمع، إذا لم تكن العدالة الاجتماعية قرارا سياسيا يسجل على إثره كل السكان، فئات هشة وفئات غنية تلتزم فيه هذه الأخيرة بوضع مبلغ شهري كضريبة الثروة تساهم من خلاله في تقليص نسبة الفقر، مع تتبع الأسر إذا تجاوزت خط الفقر، تعوضها أخرى إلى أن تتحقق العدالة الاجتماعية.