قال الامام الشافعي : نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا ونهجوا ذا الزّمان بغير ذنب ولو نطق الزّمان لنا هجانا وليس الذئب يأكل لحم ذئب ويأكل بعضنا بعضا عيانا كان هذا في العصر العبّاسي، أتساءل إن كان الشافعي تواجد في زماننا ، ماذا كان سيقول عن حالنا ؟ أيّ كلام سيقوله بحقّنا ؟ بأيّ شعر سيهجونا ؟ بأيّ لغة سيخاطبنا ؟ أكيد ليس باللّغة الفصحى إن أراد أن يتحدّث الى المراهقين الّذين يتحدّثون لغة الحشيش والقرقوبي كأنّها مكمّلات غذائية تبعث الطّاقة وتنسي ألم الواقع ، ولغة البّوب والسّاطة و السّاط والعشير والخاوة ..... وغيرها من المفردات لاهي عربية ولا مغربية ، لا أدري أيّ لغة هذه ؟ والبنطلون الذّي يعود لموضة قوم لوط . وأكيد ليس بشعر بقافية وعروض إن كان سيتحدّث الى فتيات ميّعت وتعلّمت معنى الحب والعلاقة والشيشة والتدخين والجنس ، ولم تعد العذرية تعني لها شيئا , وضيّعت هوّيتها بين ثقافة مستوردة ودين أصبح اسما ليس على مسمىّ . وأكيد ليس بلغة القرآن وصحيح البخاري ومسلم إن كان سيتحدث الى رجال ونساء في عصر الانترنيت والانفتاح الاعلامي وما يأتي به من عجائب حدّث ولا حرج ، رجال يعيشون مراهقة متؤخّرة بكل ما تعني كلمة مراهقة ، ونساء تعيش حياة بطلات المسلسلات التّركية والمصريّة واليابانيّة والهنديّة وتبكي لبكائهنّ وتفرح لفرحهنّ بكلّ اخلاص وبكلّ تركيز ، و تفانت في تشجيع متسابقي برامج الغناء على تعدّدها ، ناسية تماما حياتها الحقيقية ومسؤولياتها. وأكيد ليس بورع وعزيمة أبو بكر ولا بعدل عمرإن كان سيتحدّث لولات الامر في بلدنا والقائمين على ادارة شؤونه. وأكيد ليس بما جمعه من علم الحديث والقرآن إن أراد أن يتحدّث الى مجتمع مصاب بانفصام الشّخصية ومليء بضروب من السّادية , مجتمع ضربه اعصار التحرّر وتسونامي الضّياع الاخلاقي والموروث الغربي، و أصبح فيه الغناء والرّقص طريقا مختصرا للماديات والعيش وسلعة رائعة لترويج الفساد وتخدير العقول وفتح الملاهي والمراقص ومساعدة الشيطان لقضاء اروع الليالي بمشاركة الانس في سخب ومجون ، وتقبّل الدّعارة على أنّها مهنة لا ينقصها سوى تأمين في الضمان الاجتماعي للاستفادة منه بعد فقد مؤهلات المهنة. على الامام الشافعي أن يجد لغة أخرى وفلسفة أخرى وعلما آخر ودينا آخر ليتحدّث إلينا ، وأن يؤلّف قاموسا ثقافيا نبحث فيه عن معنى كلمة حشومة وعيب ، نبحث فيه عن معنى كلمة وبالوالدين احسانا, نبحث فيه عن معنى البركة في الرّزق ، عن معنى الحياء ، عن معنى التستّر عند البلاء ، نبحث فيه عن معنى الحرام وإن كانت له مشتقات وكلمات مرادفة وسهلة التّطبيق ؟ فكلّها وغيرها من الكلمات أصبحت من العصر الحجريّ ، فقط نسوا أن ينحثوها على جدران الازقة ومداخيل المدن لانها حنّطت كموتى الفراعنة وطويت كطيّ الزّمن الجميل زمن البساطة والرضا ، زمن الحب بعد الزواج ، زمن كان فيه دور الرجل واضح ودور المرأة معروف ، زمن... وزمن ...و زمن ...