صدر حكم قضائي في حق المتورطين ضمن جزء من ملف المواد البترولية التي لا تستجيب للمواصفات القانونية، وأضحت تعرف ب"المحروقات المغشوشة"، فيما مازال البحث جاريا بخصوص ملف آخر. وحسب المعطيات التي حصلت عليها جريدة هسبريس الإلكترونية فإن محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء قضت بالحبس النافذ لمدة 10 أشهر لسائق شاحنة صهريجية يدعى "ي.ق"، فيما أدانت سائقا آخر يدعى "ي.م" بالحبس لمدة 4 أشهر حبسا نافذا، مع الصائر تضامنا والإجبار في الأدنى. في المقابل، مازالت الفرقة الولائية لأمن الدارالبيضاء تجري أبحاثها من أجل الوصول إلى متهم آخر، متورط بدوره في هذه القضية. ووفق المعطيات المتوفرة فإن القضية التي أثارتها وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة ليلى بنعلي، في جواب عن سؤال برلماني، وتحدثت فيها عن إحالة الملف على النيابة العامة بالدارالبيضاء، تعود إلى شهر أكتوبر المنصرم، بعدما تم اكتشاف وجود مواد بترولية بمحطتين لا تستجيب للمواصفات القانونية الجاري بها العمل، قبل أن يتم الوصول إلى المشتبه فيهما، وصدور أحكام في حقهما في فبراير المنصرم. وتشير المعطيات المتوفرة لدى هسبريس إلى أن القضية تفجرت على مستوى إقليمي النواصر ومديونة ضواحي الدارالبيضاء، بعدما اشتكى زبائن من عدم جودة المحروقات التي تم استعمالها في سياراتهم، وخلفت أضرارا بالمحركات. وأكدت مصادر هسبريس أن ما يزيد عن 300 زبون تقدموا بشكايات مباشرة للشركة الفرنسية "طوطال"، التي تحمل المحطتان المعنيتان علامتها التجارية، وكذا بشكايات للنيابة العامة، ما استدعى فتح تحقيق في الموضوع. وتدخلت الحكومة ممثلة في الوزارة المعنية، إذ انتقل مراقبو قطاع الانتقال الطاقي إلى المحطتين المتهمتين، حيث تم أخذ عينات من مادتي الكازوال والبنزين، ومن مستودعات تخزين المواد البترولية المزودة لهما بكل من المحمدية والجديدة، وفق إفادات الوزيرة بنعلي. وبمجرد عرضها على المختبر الوطني للطاقة والمعادن بالدارالبيضاء، الذي أثبت أن عينات مادة الكازوال المأخوذة من المحطتين لا تستجيب للمواصفات القانونية، تمت إحالة الملف على النيابة العامة للتحقيق فيه. ووجهت النيابة العامة بالدارالبيضاء تعليماتها إلى عناصر الضابطة القضائية للدرك الملكي، حيث تم فتح تحقيق والاستماع إلى المعنيين بالأمر، بمن فيهم مسؤولو الشركة الفرنسية طوطال. وتشير المعطيات المتوفرة لدى الجريدة إلى أن نظام تحديد المواقع (GPS)، الذي تستعمله الشركة، ساعد الدرك الملكي بشكل كبير في الوصول إلى المتهمين بالتلاعب بالكازوال وإضافة مادة له، إذ مكنت العودة إلى هذا النظام من ضبط مسار الشاحنات الصهريجية التابعة لإحدى الشركات المتعاقد معها، ليتبين توقفها بمستودع سري لوقت طويل والتلاعب في المادة البترولية قبل التوجه صوب محطة تتواجد بالنواصر وأخرى في مديونة. ووفق المعطيات نفسها فإن "الكازوال المغشوش" كبد الشركة الفرنسية ملايين الدراهم، بعدما وجدت نفسها مجبرة على التكفل بجميع الخسائر التي لحقت عربات المتضررين من هذه المادة البترولية، التي أظهرت خبرة أجريت على السيارات وقوفها وراءها. ورفض في هذا السياق الطيب بنعلي، رئيس جمعية "أرباب وتجار ومسيري محطات طوطال للوقود بالمغرب"، اتهام المحطات الحاملة للعلامة الفرنسية بترويج "كازوال مغشوش"، موردا أنه "سلوك شاذ صادر عن سائقين فقط، وقد صدرت في حقهما عقوبة حبسية". وأوضح بنعلي، ضمن تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الأمر يتعلق فقط بسلوك صادر عن سائقي إحدى الشركات المتعاقد معها لنقل المحروقات، غيروا المسار وتنقلوا صوب أحد المخازن السرية، حيث قاموا بإضافة مادة قبل أن يزودوا بها المحطتين". أشار المتحدث ذاته، ضمن تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى تضرر المحطتين المعنيتين، وكذا أصحاب السيارات، "جراء هذا السلوك غير القانوني الصادر من السائقين"، منددا في الوقت نفسه بتنامي المخازن السرية التي تعمل على ترويج المحروقات المتلاعب فيها، ناهيك عن الأضرار البيئية والحرائق الذي قد تنجم عنها. وكان أصحاب المحطات، المنضوون تحت لواء الجامعة الوطنية لأرباب محطات الوقود بالمغرب، نددوا بتفشي ظاهرة تدوير المحروقات، إذ تجعل الوسطاء يضاعفون الأرباح بهذه الممارسة غير القانونية.