أدّت صاعقة قوية أطّلت بحر الأسبوع الماضي، على سماء الساحرة البرازيلية ريو دي جانيرو، إلى قطع نصف إبهام اليد اليُمنى من تمثال "المسيح الفادي" أو "المخلص"، الذي يطل من أعلى المدينة فوقَ جبل كوركوفادو مُلفتاً إليه النظر لكل السياح والوافدين، حيث أعلنت إدارة الموقع الأثري الشهير أنه سيخضع للترميم مطلع فبراير القادم.. وهي الحادثة التي تكررت عام 2008.. فما سرّ سحر "المسيح الفادي" وشهرته التي منحته مكاناً إلى جانب عجائب الدنيا السبع الحديثة. واجهة عالمية.. عند دخولك إلى ريو دي جانيرو، (نهر يناير)، من المستحيل أن تميل عينك عن رؤية تمثال شامخ بأذرع مفتوحة، ذي ارتفاع يصل ل38 مترٍ، وينتصب فوق جبل "كوركوفادو"، الذي يعلو البحر ب710 أمتارٍ، حيث يُعدّ تمثال "المسيح الفادي" موقع جذب سيّاحيّ بالغ الأهمية للبرازيل، فيما يشرف على الحديقة القومية لغابة "تيجوكا" الأكبر في العالم، ومُطلّا على شاطئ المدينة الذهبيّ.. "Christ the Redeemer" هو رمز للديانة المسيحية في العالم بأسره، فهو رمز "الإيمان" و"السعادة" لدى الملايين من المسيحيين، خاصة وأن قاعدة التمثال تضم كنيسة رومانية كاثوليكية ، التي تأسست عام 2006، بمناسبة الذكرى 75 لتشييد التمثال، تنظم فيها حفلات الزفاف والمناسبات الدينية. ويزور النصب الشهير أزيد من 600 ألف زائر سنويّاً، وذلك عبر سكك كوركوفادو الحديدة القديمة، التي يعود تأسيسها ل100 عام، في رحلات سياحية لا تنتهي طوال السنة، جاذبا إليه الزوار برمزيته للسلام العالمي، مشيرا إلى ذلك بذراعيه المفتوحتين. التّأسيس.. وضع الحجر الأساس للتمثال عام 1922، بناء على رغبة الكنيسة الكاثوليكية، التي أرادت أن تحيي الذكرى المئوية لاستقلال البرازيل عن البرتغال، حيث قام بتصميم التمثال الذي يزن ألف طُنّ من الخرسانة المسلحة، أشهر فنان برازيلي، هو هيتور دي سيلفا كوستا، فيما قام بنحته الفنان الفرنسي من أصل بولندي "باول لاندويسكي"، إلى أن افتتح رسميا في 12 أكتوبر عام 1931. وتعود أول فكرة لإنشاء تمثال مسيحي على قمة جبل "كوركوفادو" إلى منتصف عام 1850، حين طلب قس كاثوليكي، يدعى بيدرو ماريا بوس، من الأميرة إيزابيل، التمويل لبناء نصب تذكاري ديني للمسيحيين، إلا أن الأميرة لم تبالي بالفكرة، واستمر الحلم إلى غاية 1920، بعد اقتراح من الكنيسة الكاثوليكية في ريو دي جانيرو. وأقدم وقتها مجموعة من المسيحيين على تنظيم تظاهرة أطلقت عليها " Semana do Monumento " أي "أسبوع النصب"، قاموا خلالها بجمع التبرعات والتوقيعات من أجل دعم بناء التمثال. استغرق بناء "المسيح المخلص" قرابة تسع سنوات، (1922-1931) وكلف ما يعادل ربع مليون دولار حينها، أي ما يعادل 3 ملايين و300 ألف دولار حاليا. حوادث وإصلاحات.. في 10 فبراير 2008، تعرض التمثال لضربة صاعقة رعدية عنيفة، ألحقت أضراراً بأصابعه ورأسه وحاجبَيْه، حيث تمكنت الإصلاحات التي باشرتها ولاية ريو من ترميم الأضرار، وإصلاح أعمدة البرق المثبتة على التمثال، قبل أن تعود عاصفة جديدة في 17 يناير الجاري، لتسقط إبهام يد "المسيح الملخص" ويتقرر بذلك ترميمها مطلع فبراير القادم. في 15 أبريل 2010، عثرت شرطة المدينة على رسومات "غرافيتي" وضعت على رأس وذراع التمثال، ما اعتبرته السلطات البرازيلية "جريمة ضد الأمّة"، وأعلنت مكافئة قدرها 10 آلاف ريال برازيلي لكل من قدّم معلومات قد تفضي بالقبض على "المخربين".. أجريت على التمثال العديد من الترميمات والتحسينات، حيث تمّ، في عام 2003 تركيب عدة سلالم وممرات وكذا مصاعد كهربائية قصد لتسهيل الوصول إلى المنصة المحيطة بالنصب، فيما تم إصلاحه لمدة أربعة اشهر عام 2010، بتجديد بنيته الداخلية وتغطيته بالحجر الأملس، وإزالة الفطريات التي كانت عالقة عليه، إضافة إلى تركيب أجهزة إضاءة جديدة للكشف ليلا.