يشتكي المغاربة من ارتفاع أسعار الأدوية في المملكة، مقارنة مع دول الجوار، مثل تونس؛ بينما يقول الفاعلون في قطاع الصيدلة إن الأسعار الموجودة في المغرب هي متقاربة مع أسعار الأدوية في الدول المقارنة. ويعكس حجم إنفاق المغاربة الضئيل على شراء الأدوية الصعوبات التي يواجهونها في السبيل الولوج إلى الدواء، إذ لا يتعدى معدل ما ينفقه المواطن المغربي على الأدوية حوالي 500 درهم، بينما يصل المعدل في بلدان القارة الأوروبية إلى أكثر من ثلاثة آلاف درهم (300 أورو). وذهب النائب البرلماني حسان بركاني، في سؤال وجهه إلى وزير الصحة والحماية الاجتماعية، إلى القول إن أثمنة الأدوية بالمغرب على العموم أغلى من مثيلاتها في دول أخرى بنسب مرتفعة خاصة بالنسبة للأدوية الأصلية، وتختلف أثمنتها حسب العلامة التجارية نفسه بنسب تصل إلى 600 في المائة. من جهته، اعتبر مهدي براي، نائب الكاتب العام لكونفدرالية نقابات صيادلة المغرب، أن الحديث عن اختلاف الأثمنة بنسبة 600 في المئة "كلام ألقي على عواهنه، دون استبصار ودون تحرٍّ للمعلومة الصحيحة". وأثار ارتفاع أسعار الدواء في المغرب جدلا واسعا خلال الأيام الأخيرة، بعد حديث التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات عن أن أرباح الصيادلة تتراوح بين 47 و57 في المائة؛ وهو ما نفاه الصيادلة واصفين ما جاء في التقرير بالمغالطات. وقال براي، في تصريح لهسبريس، لو اطّلع النائب البرلماني الذي تحدث عن تفاوت سعر الأدوية التي تباع في المغرب ب600 في المائة مقارنة بدول أخرى على فاتورات الصيدليات في المغرب لما وجد في أية واحدة منها هذه النسب الخيالية". وأفاد المتحدث ذاته: "النسب الحقيقية هي 33.93 في المائة و29.75 في المائة كهامش ربح خام حسب الفئتين الأولى والثانية من الأدوية، بينما متوسط نسبة الربح الخام هو 27 في المائة إذا احتسبنا كذلك الفئتين الثالثة والرابعة من الأدوية، وحليب الأطفال"، لافتا إلى أن "النسب التي ذكرها هي ما أقرّته المديرية العامة للضرائب عبر المعاهدة الإبرائية مع قطاع الصيدلة سنة 2019، حيث أشارت كذلك إلى أن متوسط الربح الصافي للصيدلاني هو 8 في المائة". ويعزو فاعلون في قطاع الصحة سبب ارتفاع الدواء في المغرب إلى الاختلالات التي تعاني منها منظومة صناعة الأدوية، وهو ما سبق لمجلس المنافسة أن أكده في تقرير أصدره سنة 2021، حيث أورد أن 15 مختبرا يحتكر 70 في المائة من السوق. وقال نائب الكاتب العام لكونفدرالية نقابات صيادلة المغرب إن غلاء أثمنة الأدوية في المغرب "مسألة نسبية"، مضيفا: "الأثمنة بصفة عامة تشبه أثمنة دول الجوار، مع اختلافات هنا وهناك". وبالأرقام، أردف المتحدث ذاته، فإن حوالي 92 في المائة من الأدوية في المغرب يقل ثمنها (ثمن المصنّع دون احتساب الرسوم) عن 166 درهما، بينما حوالي 7 في المائة يتراوح ثمنها بين 166 درهما و588 درهما، وحوالي 1 في المائة فقط من الأدوية يفوق سعرها 588 درهما، مضيفا أن هذه الأخيرة "هي التي تثقل كاهل المواطن أكثر من غيرها، وقد تصل إلى ملايين السنتيمات وترتبط عادة بالأمراض المستعصية". وبالرغم من أن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية خفّضت سعر أزيد من ثلاثة آلاف نوع من الدواء، فإنها "وقفت عاجزة عن تخفيض أثمنة الأدوية باهظة الثمن إلا نادرا وبشكل لا يفي بالغرض، وهي تخص المختبرات متعددة الجنسيات"، حسب براي، مشيرا إلى أن عمليات التخفيض "اقتصرت بشكل خاص على الأدوية منخفضة الثمن منذ سنة 2014". واعتبر الفاعل النقابي أن عدم تحسين أجور المواطنين بشكل ملموس، رغم ارتفاع مستوى المعيشة وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية، يعتبر أيضا من العوامل التي تفسر سبب عدم تغير متوسط استهلاك المواطن المغربي للأدوية خلال العقد الأخير حيث لا يتجاوز 500 درهم في السنة، "علما أن الدواء يكاد يكون المادة الوحيدة في المغرب الذي ينخفض ثمنها"، على حد تعبيره.