حددت الصين رسميا هدف تحقيق معدل نمو اقتصادي نسبته 5 في المائة سنة 2023، وهو هدف قد يبدو "طموحا جدا" في سياق اقتصادي عالمي مازال متقلبا وغير مؤكد. وإدراكا منها للتحديات القادمة والتوترات الناجمة عنها، لا سيما مع الولاياتالمتحدة، تظهر السلطات الصينية ثقة حذرة، وهو ما جعل رئيس الوزراء الجديد، لي تشيانغ، يشدد على أن تحقيق هدف النمو لن يكون مهمة سهلة. ويسعى البلد للبناء على الأداء الجيد لاقتصاده خلال الشهرين الأولين من العام للانطلاق في طريق النمو المستدام. ولتحقيق ذلك، تم اتخاذ مجموعة واسعة من الإجراءات في الدورة الأولى للمؤتمر الوطني الرابع عشر لنواب الشعب الصيني، الذي اختتم أشغاله مؤخرا ببكين. ويبدو أن التحديات ستكون كبيرة، ذلك أنه في أعلى هرم الدولة لا حديث سوى عن نموذج تنموي جديد لتصحيح الاختلالات التنموية بالبلد، وذلك على الرغم من التقدم الذي أحرزه العملاق الآسيوي ثاني أكبر اقتصاد في العالم. ومن أجل توضيح "الاختلالات"، قال لي خلال ندوة صحافية على هامش أشغال أعلى هيئة تشريعية بالبلد: "أي حجم إجمالي مقسوم على 1,4 مليار شخص بالبلد سوف ينتج عنه رقم صغير حسب الفرد". وبحسب المحللين، فإنه مع نمو بنسبة 3 في المائة، تجاوز الناتج المحلي الإجمالي 17,8 تريليون دولار سنة 2022، وهو رقم يمكن أن يمثل أساس التوقعات الصينية القوية خلال العام الحالي. ومع ذلك، فإن الرئيس الجديد للحكومة الصينية لا يرى الأمر على هذا النحو، ذلك أنه أوضح خلال أول ندوة صحافية منذ تعيينه من طرف المشرعين الصينيين الأسبوع الماضي: "سيواجه الاقتصاد الصيني تحديات جديدة هذا العام". وبحسب لي، فإن آفاق الاقتصاد العالمي ليست واعدة، وهو وضع من شأنه أن يعقد استقرار النمو في العديد من البلدان. ووفقا لتحليلات العديد من المنظمات والأبناك الدولية، يظل هدف النمو الذي حددته الصين "معتدلا" و"عمليا". ويتوقع صندوق النقد الدولي نموا بنسبة 5,2 في المائة سنة 2023، بينما ترفع المؤسسات المالية الدولية المعدل إلى 6 في المائة وأكثر. وأظهرت البيانات الصادرة عن المكتب الوطني للإحصاء، أول أمس الأربعاء، أن الصين بصدد ربح معركة الانتعاش محليا. وبحسب المكتب، ارتفعت مبيعات التجزئة-وهي مقياس رئيسي لإنفاق الاستهلاك-بنسبة 3,5 في المائة على أساس سنوي في الفترة من يناير إلى فبراير، بعد انخفاضها بنسبة 1,8 في المائة في دجنبر 2022. وارتفعت الاستثمارات في البنية التحتية والعقارات والمعدات بنسبة 5,5 في المائة خلال الفترة نفسها، مقارنة بارتفاع قدره 5,1 في المائة على مدار سنة 2022. وتبقى هذه النتائج في حدود توقعات السلطات الصينية. ومع ذلك، فإن الإنتاج الصناعي، وهو مؤشر حاسم بهذا البلد، لم يصل بعد إلى السرعة القصوى، ولم يرتفع إلا بنسبة 2,4 في المائة خلال الشهرين الأولين من العام. ويعكس هذا النمو المتواضع ضعف الطلب الخارجي. ويرى بعض المحللين أنه مؤشر على الحرب التجارية التي يخوضها أكبر عملاقين في الاقتصاد العالمي منذ سنة 2018. وأقر المتحدث باسم المكتب الوطني للإحصاء، فو لينجوي، أول أمس الأربعاء، أن انتعاش الاقتصاد الصيني "ليس قويا بعد"، وذلك على الرغم من الإشارات الإيجابية التي ظهرت في بداية العام.