سويعات قليلة بعد اندلاع أحداث سيدي إيفني كان واضحا أن السلطات تعمل جاهدة على جعل موضوع الساعة "قناة الجزيرة" التي أفصح وزير الكلام في حكومة عباس الفاسي أنها قد قامت بالمس بمعنويات المغاربة في تصريح غريب غرابة حكاية الوزير الأول التي تتمحور حول عدم وقوع أية أحداث في المدينة .إلا أن الواقع واليوتوب أصدق أنباءا من الوزراء، فشهادات نساء إيفني وصور التدخل البربري الذي يمارس فيه "المخزن" ساديته على ساكنة المدينة كشفت العورة التي حاولت الحكومة سترها بواسطة أوراق التوت. "" واليوم نجد أنفسنا إزاء حكاية مماثلة راح ضحيتها الفاعل الجمعوي والمناضل الحقوقي شكيب الخياري بسبب إدلائه بتصريحات تعلم الحكومة قبل غيرها أنها غير مجانبة للصواب وتحمل من الوجاهة ما يدفع للإيمان بها . فما الذي قاله السيد شكيب الخياري ؟ الخياري قال بأن أشخاصا يشتبه في تورطهم في شبكة لتهريب المخدرات تمكن بعضهم من احتلال مراكز هامة في الدولة . وحينما نعود إلى الشبكة الدولية التي تم تفكيكها مؤخرا لاتجارها في المخدرات سنجد أن الأغلبية الساحقة من أفراد الشبكة تنتمي إلى أسلاك البحرية الملكية والدرك الملكي والقوات المساعدة والقوات المسلحة الملكية ...هذا بينما لم يتجاوز عدد المدنيين 26مدنيا ! ويكفي أن يذكرالمرء اسم مدير أمن القصور الملكية السابق عبد العزيز إيزو وعلاقته ببارون المخدرات الشريف بين الويدان (محمد الخراز) وتلقيه أموالا من هذا الأخير وظفها في توسيع وترميم ولاية أمن طنجة التي كان على رأسها . وفي واقع الأمر أنه هنالك علاقة بين ماوقع بسيدي إيفني ومايحدث حاليا مع شكيب الخياري . فمباشرة بعد أحداث سيدي إيفني تم اعتقال الفاعل الجمعوي إبراهيم سبع الليل وتم الحكم عليه بستة أشهرمع أدائه غرامة مالية ، واليوم يتم تكرير نفس السيناريو مع فاعل جمعوي آخر ، وهذا هو الخطير في الأمرحيث أن الاعتقالات والمحاكماتامتدت إلى إدانة منظمات المجتمع المدني . وعوض أن تأخد الدولة تصريحات الخياري بجدية وتعمل على فتح تحقيق في الموضوع سارعت إلى اعتقاله فجر يوم الأربعاء 18 فبراير 2009من منزله واقتادته إلى مكان مجهول بعد حجز أغراضه الشخصية بما في ذلك جهاز الحاسوب . نفس الأمر وقع مع إبراهيم سبع الليل وحسن الراشدي ، ذلك أن القناة تحولت إلى طرف متهم بسبب تغطيتها الإعلامية وكشفها عن حقيقة ما جرى بمدينة سيدي إيفني من خروقات لحقوق الإنسان والتي اعترفت لجنة تقصي الحقائق بوقوعها وحدوث تجاوزات خطيرة . ولا يمكننا إلا أن نستغرب للطريقة المافيوية التي أصبحت الدولة تتعامل بها مع كل من تفوه بغير ما تتفوه به الجهات الرسمية للمملكة ، وكان حريا بوكلاء الملك أن يصدروا تعليماتهم باعتقال الجنرالات المسؤولين عن مؤسسات الدرك والقوات المساعدة والقوات المسلحة والبحرية الملكية واستفسارهم عن الاختراقات الواقعة في صفوف مؤسساتهم من طرف شبكات المخدرات ... بيد أن ذلك إن دل على شيء فإنما يدل على عشوائية هذه الحملات واقتصارها على "الرؤوس الصغرى" علما بأن " الرؤوس الكبرى " بمثابة حيثان تعتبر أية محال محاولة للاقتراب من مناطقهم المحضورة سعيا حثيثا نحو الهلاك ، فهذا ماقاله ابراهيم سبع الليل وردده شكيب الخياري ويعرفه المغاربة ولا أخال الأمر عن الدولة بغريب . [email protected]