عاد الدفء ليطبع العلاقات المغربية الهولندية بعد سنوات من "الجفاء الدبلوماسي"، لاسيما منذ ماي 2022 حين اعتبرت المملكة الهولندية أن مبادرة الحكم الذاتي للصحراء التي قدمها المغرب في سنة 2007، مساهمة جادة وذات مصداقية في العملية السياسية التي ترعاها الأممالمتحدة لإيجاد حل للنزاع. وتراهن الأراضي المنخفضة على المغرب في هذا السياق الجديد لدعمها في حل أزمة الهجرة واللجوء، وهو ملف دفع إريك فان دير بورغ، وزير الهجرة الهولندية، إلى المجيء إلى المغرب، أمس الثلاثاء، والجلوس إلى طاولة المباحثات مع عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية المغربي. وكشفت دير بورغ، في تصريحات نقلتها صحيفة "دا تليخراف" الهولندية، أن المباحثات مع المغرب "جد متقدّمة" في ملفي الهجرة واللجوء، وقال: "نريد أن نفعل شيئاً بشأن القاصرين المغاربة غير المرفقين الذين يأتون إلى أوروبا دون فرصة للجوء". ولتسريع العمل على هذه الملفات، لاسيما إعادة المهاجرين وطالبي اللجوء إلى المغرب، أكد الوزير الهولندي "تلقّيه وعداً" من وزير الداخلية المغربي، عبد الوافي لفتيت، لزيارة الأراضي المنخفضة "قريباً". ومنذ يوليوز 2021، عاد 125 طالب لجوء مغربيا استنفدوا جميع مراحل الطلب القانونية، منهم 83 عادوا طواعية و42 قسرا، 26 منهم تم ترحيلهم عبر ما يُسمّى ب"جواز المرور"، وهو وثيقة دخول مغربية مؤقتة كان المغرب قد أوقف العمل بها لمدة طويلة وتطمح هولندا في اعتمادها بشكل أكبر. وحسب أرقام المصدر ذاته، يوجد في الوقت الحالي 140 طالب لجوء مغربيا في مراكز احتجاز المهاجرين في انتظار الترحيل إلى المغرب بعد إصداره وثائق قبول عودتهم (جوازات المرور). ويتقدّم بطلبات اللجوء في هولندا-في المتوسّط-700 مغربي كل عام (720 طلبا خلال السنة الماضية)، لكن أقل من ثلاثة في المائة منهم فقط لديهم الفرصة للحصول على تصاريح إقامة بهذا البلد الأوروبي الذي يعتبر أن المغرب من البلدان الآمنة، وبالتالي لا تتوفّر في مواطنيه شروط طلب اللجوء. في المقابل، يضطر مئات المغاربة إلى مغادرة هولندا بعد استنفادهم جميع سبل الحصول على اللجوء أو الإقامة إلى بلدان أوروبية أخرى، إذ تجهل السلطات الهولندية وجهة 70 في المائة من المهاجرين المغاربة المرفوضين، من بينهم 1126 غادروا السنة الماضية فقط. ويراهن المكلّفون بالهجرة واللجوء على عودة التعاون مع المغرب في هذا المجال، ما سيتيح لهم، وفق "دا تليخراف"، إمكانية احتجاز طالبي اللجوء المرفوضين في مراكز الإقامة المؤقتة للمهاجرين في انتظار ترحيلهم، وهو أمر لا يمكن في الوقت الحالي بسبب الاكتظاظ الذي تعرفه هذه المراكز وعدم التأكد من المدة الفعلية لإقامة المرشّحين للعودة إلى بلادهم. وخلال مباحثات أمس، استحضر عبد الوافي لفتيت، وفق بلاغ لوزارة الداخلية، التعليمات الملكية من أجل إعادة جميع القاصرين المغاربة غير المرفقين الذين تم تحديد هويتهم على الوجه الأكمل، في احترام تام لحقوقهم ولمصالحهم العليا وللالتزامات الدولية التي تعهد بها الطرفان. يشار إلى أن المغرب والأراضي المنخفضة أحدثا، في يونيو الماضي، المجموعة المختلطة الدائمة المتعلقة بقضية الهجرة.