يبدو أن وزارة التجارة الخارجية قد وصل دورها لتحضى هي الأخرى باهتمام نيني وتحاليله الشيقة من خلال عموده الشهير "شوف تشوف". فمن الحديث عن الكاتب العام للوزارة والسيارة التي اقتنتها له الإدارة بمبلغ 80 مليون سنتيم وما يتقاضاه من تعويضات عن المأكل والمحروقات والتي قال إنها تصل إلى 1000 درهم يوميا أي 3 ملايين سنتيم شهريا وعن قصة سيارة الوزير التي "طارت لها الرويضة" حينما كانت في طريقها إلى فاس واستنجاد صاحبها بوزير التشغيل حتى لا يعود إلى الرباط عن طريق "أوطوسطوب"، إلى الحديث في عمود آخر، عن العرض التصديري للمغرب الذي لا تنافسه فيه دولة أخرى. وبحسب نيني، فهذا العرض يمكن إجماله في بعض السلع من قبيل الصابون البلدي و"غلالة" والغاسول والنعناع و"الترفاس" وكذلك الحمير المصدرة إلى كل من إسبانيا وفرنسا التي اعتبرها من السلع ذات القدرة التنافسية العالية للمغرب في مجال التصدير. وكعادته، فما يعنيه نيني بالحمير هم البشر طبعا، لأن نيني يعرف كل المعرفة أن الحمير تبقى حمير ولا داعي للحديث عنها. "" وكل ذلك بأسلوب يمزج فيه بشكل غريب بين التهريج تارة والكذب تارة أخرى مع محاولة إقناع القراء بأن تلك هي طريقته في عرض المعلومة وفي إخبارهم بمجريات الأمور. وإذا كانت الظروف الاجتماعية المتدهورة التي أصبحت تعيشها الغالبية العظمى من المغاربة، تستوجب الترويح عن النفس بالضحك بغض النظر عن مسبباته، وهذا هو حال الغالبية العظمى من القراء، وهم معذورون في ذلك بطبيعة الحال، فلا شيء يبرر لجوء نيني إلى الكذب على قرائه خاصة إذا علمنا أن جريدته هي من أكثر الجرائد مقروئية في المغرب وهو ما يعتبر تحديا يجب على نيني أن يواجهه ختى تظل جريدته كذلك، ولكن ليس بالهزل فقط بل وبالجدية أيضا ومتى استطاع أن يمزج بين الجدية والهزل يكون قد ربح رهان التحدي مع التحلي بطبيعة الحال بروح عالية من المهنية من خلال التقصي والبحث عن المعلومة من مصدرها. ولا أعتقد أن هناك من يجادلني إذا قلت أن نيني يكتب عن كل شيء وكأنه يعرف كل شيء في عموده "شوف تشوف" الذي أصبح بمثابة مطية يصل من خلالها إلى كل شيء. والحقيقة أن الرجل لايقوم بشيء سوى أنه ينزلق ويتلذذ بانزلاقاته مستعملا في ذلك زلاقته الخاصة التي هي عموده "شوف تشوف". وحتى لا أتهم بأنني أكره نيني أو ما شابه أو أدافع عن أي كان. فليسمح لي أن أسرد عليه الوقائع كما هي وأن أصحح له بعضا مما قاله في عموده حول هذه الوزارة، لأخبره أن الثمن الذي اقتنت به الإدارة السيارة الخاصة بالكاتب العام هو 37 مليون سنتيم بالتمام والكمال وليس 80 مليون وأن ما يتقاضاه من تعويضات هي برسم المحروقات فقط ومبلغها هو 3000 درهم شهريا على شكل بونات خاصة بالبنزين. أما بخصوص مأكله ومشربه، فللرجل الحق في أن يأكل ماشاء وأن يرتاد من المطاعم ما شاء، المهم أن يصرف من ماله الخاص. وهو ما لا نستطيع نفيه مادامت المصالح المعنية بالوزارة لم تقل العكس وما دمنا لا نتوفر على وثائق تثبث ما ذهب إليه نيني. وقصة، "رويضة" سيارة الوزير التي "طارت" وهو في طريقه إلى فاس، فالرويضة لم تطر وإنما الذي طار هو عقل نيني. فالوزير لم يكن حينها في طريقه إلى فاس بل إلى طنجة والواقعة حدثت أثناء توقف السيارة عند حاجز الأداء حيث انتابت السائق بعض الشكوك حول حالة العجلة ليتم اللجوء إلى سيارة الكاتب العام لإكمال طريقه إلى طنجة. وبخصوص العرض التصديري وما يتضمنه من سلع، فأقول له إن الحديث، بهذا المنطق، عن التجارة الخارجية للمغرب وما تصدره من سلع ، هو غباء في غباء، حتى ولو أراد أن يهزأ من الوزارة الوصية، لأنه بهذه الطريقة يكون على توافق تام، ودون وعي منه، مع طرح الوزارة نفسها التي تقول بأن العرض التصديري للمغرب يبقى ضعيف وقليل التنوع. ومسؤولية توفيره وتنويعه تقع على عاتق الوزارة المكلفة بالصناعة بصفة خاصة وعلى طبيعة السياسة الصناعية للمغرب بشكل عام. أما وزارة التجارة الخارجية فمهمتها تنحصر في الترويج لبعض المنتجات، وليس كل المنتجات. فمنتجات من قبيل الفوسفاط ومشتقاته، هي من اختصاص المكتب الشريف للفوسفاط الذي لايعلم حجم مبادلاته مع الخارج إلا مكتب الصرف الذي لاتربطه بالوزارة إلا تلك الأرقام التي يسلمها لها متى شاء وكيفما شاء. وحتى إذا افترضنا أن العرض التصديري متوفر وأن هذه الوزارة لا تقوم إلا بالترويج لغلالة والصابون البلدي والحمير وغيره من السلع التي تحدث عنها نيني وهو ممتطيا لزلاقته طبعا، فأي المنتوجات والسلع التي ينتظر من الوزارة الترويج لها وميزانيتها لا تتجاوز 46 مليون درهم أي نصف ما هو مخصص لدار الصانع على سبيل المثال لا للحصر؟. أما إذا كان القصد من مقالتيه هو أن يقرب الرأي العام الوطني من الظروف التي يشتغل في ظلها موظفو هذا القطاع الوزاري، فليسمح أن أؤكد له أن هؤلاء الموظفين قد "غسلو ايديهم عليك" وأن كذبة سيارة الكاتب العام والعجلة الطائرة لم تزدهم إلا قناعة بما ذهبوا إليه حينما انخرط وهو راكب لزلاقته إلى جانب الحكومة من أجل تكسير الإضراب وتأكيده بأن الحكومة عازمة على الاقتطاع من الأجر عن كل يوم إضراب.