أجلت الحكومة اجتماع لجنة إصلاح التقاعد الذي كان من المزمع أن يعقد اليوم الثلاثاء. في هذا الصدد، كشف عبد الحق حيسان، القيادي في نقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل وعضو لجنة إصلاح التقاعد، في تصريح لهسبريس، أن اللجنة عقدت ثلاثة اجتماعات، وكان مقررا أن تعقد اجتماعها الرابع اليوم الثلاثاء 14 فبراير الجاري، قبل أن يتم تأجيله إلى غاية 22 منه. وأوضح حيسان أن الاجتماع الذي كان من المزمع عقده اليوم كان من المقرر أن تقدم الحكومة خلاله عرضا حول الوضعية الحالية لصناديق التقاعد، مفيدا بأن هذه الاجتماعات انطلقت باجتماع ترأسته وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، فيما عقدت اللقاءات الموالية بحضور أطر من وزارة الاقتصاد والمالية وممثلين عن الاتحاد العام لمقاولات المغرب والمركزيات النقابية وممثلين عن صناديق التقاعد. وأورد النقابي ذاته أن هذه الاجتماعات عرفت عرض نتائج دراسة قام بها أحد مكاتب الدراسات، أطلعت الحكومة المعنيين عليها، مؤكدة أن المقترح يعود لمكتب دراسات فقط، فيما لم تقدم منظورها بعد. كما أوضح المتحدث أن الدراسة التي أعدها مكتب دراسات خاص تضمنت عدة اقتراحات، مشيرا إلى أن "الحكومة طلبت من النقابات التزام السرية، وأن تبقى مقترحات المكتب طي الكتمان؛ بل حتى الوثائق التي سلمت للنقابات كتب عليها سري"، بحسبه. ولفت حيسان إلى أن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل أعلنت معارضتها التزام السرية، مردفا: "أكدنا في الاجتماع الأخير أننا لن نلتزم السرية، وأن هذا الموضوع يهم المجتمع برمته، ولا يمكننا كنقابيين أن نعمل في السرية، وألا نخبر المنخرطين وعموم الشعب المغربي، لأن هذا مشروع مجتمعي ويهم المغاربة"، ومضيفا أن الكونفدرالية طالبت بفتح نقاش علني حول هذا الموضوع. وتابع الفاعل النقابي ذاته: "في فرنسا تم فتح نقاش موسع حول مشروع إصلاح التقاعد وهناك نقابات تحتج، فيما يريدون منا التزام السرية، وهذا نرفضه بشكل قاطع"، مشيرا إلى أن المقترحات التي جاء بها مكتب الدراسات تضمنت رفع سن التقاعد إلى 65 سنة ابتداء من سنة 2025. كما تضمنت المقترحات المشار إليها الرفع من الاقتطاعات، واعتماد سقف موحد للنظام الأساسي يساوي مرتين الحد الأدنى للأجور بكل من القطب العمومي والقطب الخاص، فضلا عن اعتماد معاش تكميلي إجباري وآخر إضافي للقادرين عليه، وإلغاء النسبة المئوية وتعويضها بالنقط، فضلا عن إلغاء اعتماد أجر السنوات الثماني الأخيرة كقاعدة لاحتساب المعاش، واحتساب المعاش على أساس طول مدة العمل، وفق المصدر ذاته. واعتبر حيسان أن المقترحات التي جاء بها مكتب الدراسات تخدم بالدرجة الأولى شركات التأمينات، التي ستدير نظام المعاش التكميلي والإضافي. من جهة أخرى، طالب المتحدث بالكشف عن مصير أموال صناديق التقاعد، مؤكدا أنه حينما كان عضوا في لجنة تقصي الحقائق بمجلس المستشارين حول صناديق التقاعد وقف على حقائق مذهلة في ما يخص الصندوق المغربي للتقاعد، مشيرا إلى أنه سنة 1996 وضعت في هذا الصندوق 15 مليار درهم، لكنها تبددت ولم تعد في حساباته، كما أن المعاشات العسكرية مدينة للمعاشات المدنية بحوالي 7 مليارات درهم. وأشار النقابي ذاته إلى أن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل ستطالب بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق لمعرفة حقيقة ومصير أموال صناديق التقاعد، مشيرا في هذا الصدد إلى أن أموال الصندوق المغربي للتقاعد يتم استثمارها أحيانا في مشاريع غير مربحة، وتعرف خسارات. وكانت نادية فتاح العلوي، وزيرة الاقتصاد والمالية، أكدت في جلسة برلمانية أن ملف إصلاح منظومة التقاعد يأتي على رأس الملفات العالقة، مشيرة إلى أن الحكومة بادرت إلى عقد اجتماع أولي مع النقابات والاتحاد العام لمقاولات المغرب، خلال الأسبوع الأول من شهر أكتوبر الماضي، تمت خلاله المصادقة على منهجية اشتغال لجنة إصلاح أنظمة التقاعد وبرمجتها الزمنية. وكشفت فتاح العلوي أن الاجتماعات ستستمر في إطار اللجان للوصول إلى حلول متوافق عليها في غضون الأشهر الستة المقبلة، لمواجهة أزمة صناديق التقاعد التي تعاني من عجز كبير أصبح يهدد معاشات المتقاعدين الحاليين والمستقبليين. وكانت الحكومة اتفقت مع النقابات على وضع جدول زمني محدد يتم خلاله الوصول إلى اتفاق بشأن إصلاح نظام التقاعد. وبدأ الاشتغال على إصلاح نظام التقاعد منذ 2013، حيث أوصت اللجنة الوطنية لإصلاح التقاعد بمنظومة القطبين وبالإصلاح المقياسي. وإثر ذلك، قامت حكومة عبد الإله بنكيران بتنزيل الإصلاح المقياسي لنظام المعاشات المدنية، الذي مكن من تأجيل أفق استدامة النظام من 2022 إلى 2028، وذلك من خلال: الرفع التدريجي لسن التقاعد إلى 63 سنة، ورفع نسبة المساهمة من 20 في المائة إلى 28 في المائة، وتحديد المعاش على أساس 2 في المائة عوض 2.5 في المائة، بحسب المعطيات التي سبق أن كشفت عنها وزارة الاقتصاد والمالية. لكن المجلس الأعلى للحسابات أكد في تقرير سابق له أن التوقعات الاكتوارية تشير إلى أن النظام سيواجه خطر السيولة اعتبارا من سنة 2023، وستستهلك احتياطاته المالية في 2026.