أشادت كريستالينا غورغييفا، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، بأداء الفريق المغربي لكرة القدم خلال بطولة كأس العالم التي نظمت العام الماضي، موردة أن الروح الجماعية ل"أسود الأطلس" يجب أن تستلهم خلال مواجهة التحديات الاقتصادية في المنطقة. حديث غورغييفا جاء خلال مشاركتها اليوم الأحد في المنتدى السابع للمالية العامة في الدول العربية، بحضور وزراء المالية من دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لمناقشة التحديات التي تواجه السياسات المالية في المنطقة، في ظل القضايا البيئية والاقتصادية العالمية. كما أثنت غورغييفا على توجه المغرب إلى إلغاء الدعم تدريجياً لصالح توفير الدعم الاجتماعي الذي يستهدف الفئات المستحقة، كإجراء يساهم في صلابة سياسات المالية العامة، وتقصد بذلك توجه الحكومة إلى إلغاء دعم صندوق المقاصة لأسعار السكر والدقيق وغاز البوتان، بعد تفعيل مشروع تعميم الحماية الاجتماعية. الآفاق الاقتصادية أشارت غورغيينفا إلى أن النمو العالمي مازال ضعيفاً، لكنه ربما يشهد نقطة تحول في الوقت الحالي، فبعدما ارتفع بنسبة 3,4% العام الماضي، سيتراجع إلى 2,9% عام 2023، ليسجل تحسناً طفيفاً عام 2024، حيث يصل إلى 3,1%. في المقابل، سيشهد العام الجاري تراجعاً في التضخم إلى 6,6 في المائة مقابل 8,8 في المائة العام الماضي، على أن ينخفض إلى 4,3 في المائة في 2024، لكنه سيظل متجاوزاً مستويات ما قبل الجائحة في معظم البلدان، بحسب غورغيينا، التي قالت إن إعادة فتح الصين، وصلابة أسواق العمل والإنفاق الاستهلاكي في الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي عوامل مساعدة في هذا الاتجاه. رغم ذلك، أكدت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي أن التطورات السلبية مازالت هي الكفة الراجحة في ميزان المخاطر، إذ من الممكن أن تتعطل مسيرة التعافي في الصين، كما قد يظل التضخم متجاوزاً التوقعات، ما سيوجب المزيد من التشديد النقدي، وربما تتصاعد أيضاً الحرب الروسية في أوكرانيا لتنتج اقتصادا عالميا أكثر تفككًا. ومع تباطؤ الاقتصاد العالمي، يُتوقع أن يتراجع النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من 5,4% في عام 2022 إلى 3,2% هذا العام، قبل أن يرتفع إلى 3,5% عام 2024، وفق كريستالينا غورغييفا، التي لفتت إلى أن الدين العام يمثل مصدر قلق كبير، إذ تواجه عدة اقتصاديات في المنطقة ارتفاعا في نسب الدين إلى إجمالي الناتج المحلي بنسبة تقارب 90% في بعض الدول. وللعام الرابع على التوالي، يتوقع النقد الدولي أن يتجاوز التضخم في المنطقة 10%، وهو ما يزيد عن المتوسط العالمي، ويبقى رهيناً باستقرار أسعار السلع الأولية وتحقق الأثر المرجو من تشديد السياسة النقدية وسياسة المالية العامة. ثلاثة مبادئ طرحت غورغييفا ثلاثة مبادئ يمكن لبلدان المنطقة الاسترشاد بها في توظيف سياسات المالية العامة في بناء الصلابة، أولها وضع إطار قوي لإدارة سياسة المالية العامة والتعامل مع المخاطر المحيطة بها، من خلال تدخل الحكومة لحماية الفئات الضعيفة، مع مواصلة خطط التنمية والاستثمارات. المبدأ الثاني يتمثل في التخطيط والاستثمار على المدى الطويل لمواجهة تحديات المناخ، وهو أمر تعتبره المديرة العامة لصندوق النقد الدولي مهماً بالنظر لبلوغ مستويات الاحترار في المنطقة ضعف معدلها في باقي أنحاء العالم. وإلى جانب ضرورة الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، شددت المتحدثة على أهمية الاستثمار في البنية التحتية المقاومة لتغير المناخ ونظم الإنذار المبكر، وتعزيز استثمارات الطاقة المتجددة، وجهود الحد من كثافة الكربون في الاقتصاد. المبدأ الثالث يركز على تعزيز الإيرادات الضريبية، إذ قالت غورغييفا إن الاستثمار في مستقبل أكثر صلابة مرهون بمواصلة تعزيز سياسات الضرائب والإدارة الضريبية، كاشفة أن متوسط نسبة الضرائب إلى إجمالي الناتج المحلي، ما عدا الإيرادات المرتبطة بالهيدروكربونات، مازال 11% تقريبا، أي أقل من نصف الحصيلة الممكنة. ويقترح صندوق النقد الدولي من أجل زيادة نسبة الضرائب تحسين تصميم السياسات الضريبية والإلغاء التدريجي للإعفاءات الضريبية المفتقرة للكفاءة، وتوسيع الوعاء الضريبي وتوزيع العبء الضريبي بعدالة أكبر.