يدشن المغرب والعراق مرحلة جديدة من العلاقات الدبلوماسية، حيث تم الإعلان عن عدد من القرارات عقب زيارة رسمية قام بها ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، إلى بغداد. والتقى بوريطة، اليوم السبت، نظيره العراقي فؤاد حسين، حيث أكد له دعم المغرب لوحدة وسيادة العراق، وهي أول زيارة لوزير خارجية مغربي ومسؤول حكومي منذ مدة طويلة. وأعلن بوريطة، خلال هذه الزيارة، عن افتتاح السفارة المغربية في بغداد بعد إغلاقها منذ 18 عاما، وهي إشارة مهمة بثقة المغرب في العراق الجديد، حيث قال وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج إن "هذه الزيارة تعكس رؤية المملكة في تعزيز العلاقات بين البلدين في جميع المجالات التجارية والاقتصادية وتبادل الزيارات والخبرات بين الطرفين ومحاربة التطرف وتعزيز التعاون الأمني". من جانبه، أكد فؤاد حسين، وزير الخارجية العراقي، أن "العراق داعم للوحدة الترابية للمملكة المغربية" معتبرا أن "علاقة العراق مع المغرب ستشهد جيلا جديدا من التفاعل الدبلوماسي". وأورد في هذا الصدد أن هناك حاجة إلى إعادة النظر في الاتفاقات التي عقدت بين العراق والمغرب في حقب مختلفة. مباحثات معمقة قال فؤاد حسين، خلال مؤتمر صحافي، اليوم السبت، إن "المباحثات شملت عددا من الملفات؛ أبرزها تعزيز العلاقات بين البلدين، وتبادل تسهيل دخول العراقيين ورجال الأعمال في البداية، وتأسيس العلاقات التجارية والاقتصادية، وتبادل الاستشارات بقضايا السياسة بين البلدين". وحسب ما نقلته وكالة الأنباء العراقية، جرت مباحثات معمقة بين وزير الخارجية المغربي ونظيره العراقي، حيث تم الاتفاق على انعقاد اللجنة العراقية المغربية المشتركة وتعميق التشاور السياسي وإيجاد آليات منفتحة لتأكيد حركية دبلوماسية البلدين وعبر آلية التشاور. كما تم الاتفاق على عقد ملتقيات لرجال الأعمال والمستثمرين بين بغدادوالرباط، وبحث إمكانية تفعيل الخط الجوي المباشر بين البلدين. كما أعلن في هذا الصدد عن موافقة المغرب على رفع الحجز عن الأموال العراقية لمصرفي الرشيد والرافدين. مبررات الرباط تستحضر زيارة بوريطة إلى العراق جملة من المبررات والمتغيرات، فقد تلقت الرباط 6 دعوات موجهة لوزير الخارجية المغربي للقيام بزيارة رسمية. كما تقدم العراق، في أكثر من مناسبة، وبشكل رسمي، بطلب عودة السفارة المغربية للاشتغال من بغداد. ومعروف أن السفارة المغربية في العراق تم ترحيلها إلى عمان منذ عام 2005، وتعتبر السلطات العراقية أن وجود السفارة المغربية في العاصمة العراقية فيه دعم للعراق الجديد. حسب مصدر مغربي مطلع، فإن عودة الاشتغال من العراق فيه مصلحة مغربية "تتمثل في عدم ترك الساحة فارغة لأعداء الوحدة الترابية ومصالح المملكة، خاصة في الدول التي تعرف مراحل انتقالية"، كما أن كل الدول العربية أعادت العمل بسفاراتها من بغداد. ويأتي تحرك المغرب في وقت يشهد فيه العراق صعود جيل جديد من النخب الصاعدة ليس لها بالضرورة نفس مواقف النخب السابقة؛ لذلك تبدو الحاجة ماسة إلى التواجد المستمر وفي عين المكان، لتعزيز التعاون عبر مختلف الواجهات السياسية والاقتصادية والتجارية والاستثمارية. وفي السنوات الأخيرة، أصبح العراق يحظى باحترام متزايد من مختلف الدول، بدليل الزيارات رفيعة المستوى التي يقوم بها رؤساء الدول ووزراء الخارجية، لتعزيز التعاون مع هذا البلد الغني بالموارد النفطية والظفر بصفقات إعادة الإعمار. وتسعى دول الجوار، خاصة من السعودية والأردن ومصر، إلى دعم العراق حتى لا يبقى في فلك النظام الإيراني، علما بأن العراق يقيم علاقات عادية باقي الدول العربية في محيطه المباشر.