من المفارقات الغريبة والعجيبة في نظامنا التعليمي، التقليد الأعمى للنماذج والمناهج والأنظمة التعليمية الأجنبية دون توفير شروطها الضرورية، ومن بينها النظام الكندي في الاختبارات وتقويم المكتسبات الطلابية في الجامعات المغربية، وبالخصوص في الكليات ذات الاستقطاب المفتوح. وحيث لا مجال للمقارنة بين النظام التعليمي في كندا ونظامنا التعليمي بالمغرب، فإن النتائج ستكون عكسية، بل كارثية؛ ذلك أن هذا النظام في التقويم يتطلب العدد القليل من المتمدرسين، كما يتطلب التدريس في القاعات، حيث يكون التواصل فعالا بين المدرس والمتمدرس. أما وأن يطبق هذا النظام في مدرجات تجمع المئات من الطلبة والطالبات ونطلب منهم في آخر السداسي من الموسم الدراسي الإجابة في نصف ساعة أو ساعة إلا ربع عن حزمة من الأسئلة متعددة الاختيارات وفي كليات الحقوق، فهذا ليس من باب العبث فقط، بل من باب الإجرام في حق هذا الجيل والأجيال القادمة (شخصيا حرمت هذه الطريقة على نفسي)، حيث يفترض في خريجي كليات الحقوق اكتساب مهارات الكتابة والتحرير والتحليل القانوني للقضايا والنوازل، أما وأن نكرس هذا "الرهان" والإجابة "بالمراهنة" بوضع علامة على جواب، فهذا سيؤدي إلى كارثة ستصيب المجتمع وباقي القطاعات الحكومية المستقطبة لخريجي الجامعات. ومن بين التداعيات السلبية لهذه الطريقة، الأزمة التي انفجرت مؤخرا في امتحان المحاماة؛ حيث سلكت وزارة العدل طريقة "Q.C.M"، وبذلك اختارت السبيل السهل لتصحيح أوراق الممتحنين آليا عبر استعمال آلة ميكانيكية تصحح مئات الأوراق بل الآلاف في وقت وجيز، ولكن وكما في الكليات المعتمدة هذه الطريقة، هناك دائما ضحايا، وهذا طبيعي للأسباب التالية: أوراق لا تصحح مطلقا نظرا لشفط الآلة لورقتين أو أكثر في الوقت نفسه. استعمال الممتحنين للمبيض، أو الشطب على الجواب. خروج علامة "X" من خانة الجواب كما يحدث في الانتخابات، ويعتبر الجواب ملغيا. كتابة رقم الامتحان أو أي بيانات تخص الممتحن بطريقة خاطئة. زد على ذلك، سهولة التلاعب بالنتائج، حين يموت الضمير، وهذا ما حدث في مباراة المحاماة. إن من حق المتضررين من النتائج أن يرفعوا شكايات شخصية إلى الجهة المعنية للمطالبة بإعادة تصحيح ورقة الامتحان. كما أن الوزارة الوصية يجب أن تكون لها الشجاعة لمنح فريق المفتشين الفرصة للاضطلاع على أوراق الامتحان وافتحاصها. ومن هذا المنبر، نقترح على وزارة العدل تخصيص حيز في موقعها الإلكتروني لاستقبال شكايات الممتحنين والإجابة عنها، ولي اليقين أنه ستتم بهذه الطريقة المناداة على ناجحين جدد وحتى إلغاء أسماء نجحت بالغلط. المهم أن لا يركب الوزير رأسه ويكرس سياسة شد الحبل، وهو بالأمس القريب كان يكتب في هذا العمود مقالات كمثقف متنور.