في بداية التسعينات احدث المجلس الوطني للشباب والمستقبل برئاسة حبيب المالكي وعبد اللطيف العراقي بأمر من الملك الحسن الثاني وكان الهدف من إنشائه هو تسهيل إدماج أبناء الشعب المغربي حاملي الشهادات خريجي المؤسسات العمومية التعليمية والمهنية، على اثر احتجاجات حاملي الشهادات في سنوات 1986 و 1990 . وبعد توصيات البنك الدولي حول التقويم الهيكلي قامت الدولة بتقليص الإدماج بالوظيفة العمومية في محاولة منها للحد من النفقات وبهذا أعلن سنة 1997 ،في خطاب ملكي عن إغلاق الولوج للوظيفة العمومية وبعدها مباشرة طبق مرسوم فبراير 1997 ،الذي يهدف إلى الحد من الحصول على الشهادات العليا من بعد شهادة الإجازة، وانتقاء المرشحين على أساس الميزة المحصل عليها مما أطلق العنان لعمداء الجامعات والكليات لتمرير معارفهم وأحبائهم ،في إطار المحسوبية و الرشوة و إقصاء أبناء الشعب الفقراء البسطاء مما يعتبر خرقا لمبدا دستورية الولوج للمرفق العمومي،وتكافئ الفرص . إن العمداء بالجامعات والكليات المغربية، كانوا وما زالوا يحتالون على القانون وعلى أبناء الشعب، من خلال منح شواهد الماستر والدكتوراه، برقم تسلسلي واحد مستنسخ، تباع لأشخاص نافذين لا تربطهم أية علاقة بمدرجات الجامعات والكليات، مما يعتبر تزويرا متعمدا يستلزم تحريك دعاوى عمومية من طرف النيابة العامة، وإلا ضاعت معه حقوق حملة الشواهد الحقيقية في فرص التوظيف في العديد من القطاعات العامة،وفق ما صرح به وزير التعليم العالي لحسن الداودي ،مما زعزع الثقة في مصداقية المستندات التعليمية التي قد تبنى عليها شواهد علمية عليا ،محصل عليها في دول أجنبية أخرى. وفي هذا السياق لا يجب إغفال شواهد الصيدلة والطب المزورة المستوردة من دول أوروبا الشرقية ،التي هي في الأساس مبنية على شواهد باكالوريا مزورة، فهناك-على سبيل المثال لا الحصر- من حصل على شهادة الرابعة إعدادي بمدينة بلقصيري ،فأصبح اليوم دكتورا صيدلاني ،لا يفقه شيئا في الميدان،ينيب عنه مستخدمات محنكات . لقد عانى العديد من الطلبة ذوو الفئة العمرية ما بين :35 و 48 من الفساد الجامعي ،فخلال فترة التسعينات من القرن الماضي،حيث انه في الإمتحانات الشفاهية كان جل الأساتذ،ة مهووسون بالجنس ويغدقون النقط بسخاء وكرم حاتمي، على أي فتاة جميلة مبرزة صدرها الرشيق ومدسمة شفاها بأحمر صارخ، كأنها في حانة أو في عرض "فولي برجير"و،بعيدا كل البعد عن الشفافية والنزاهة والتجرد... هنا أتذكر حادثة لا زالت موشومة في ذاكرتي حتى هاته اللحظات. ولجت طالبة زميلتنا قاعة الامتحان الشفوي وجلست أمام أستاذ قصد امتحناها. فانبهر بجمالها و راودها عن نفسها بعدما طرح عليها سيلا من الأسئلة، فأجابت عنها كلها، فدون أمامها علامة صفر، وأخبرها إن أرادت تغيير النقطة فما عليها سوى موافاته بإحدى الفنادق الفخمة بالرباط،فرفضت ... فكان مصيرها الرسوب... أما في الاختبار الكتابي فقد كان هناك تزوير من نوع أخر، حيث أنك قد تحصل على نقطة16 وبينما طالب أخر حصل على 06 فيتم استبدال النقطة الجيدة من الطالب الكفئ لصالح الطالب الضعيف من طرف اللجنة المشرفة على الإمتحان ،فقد كانت المفاجئة كبيرة ونزلت كالصاعقة عندما اكتشفت إحدى الطالبات بكلية الحقوق الرباط إنها لم تحصل على النقطة التي تستحقها، بالرغم أنها أجابت بتفوق. فالتمست من الأستاذ أن تضطلع على ورقة إجاباتها, فاكتشفت أن ورقتها لم يتم تصحيحها بالقلم الأحمر من طرف الأستاذ المساعد، وهكذا يستخلص أن الرسوب والنجاح بالكليات والجامعات المغربية قد يتم حتى من غير جرة قلم ... لقد شاءت الأقدار أن يترشح أحد المجازين لمزاولة مهنة المحاماة و كله حماس ، أجاب وبتفوق على جميع الأسئلة لكونه متمكن جيدا من المقرر. مما أثار انتباه الأساتذة المكلفين بحراسة قاعة الامتحان فاثنوا عليه أنه الوحيد الذي تمكن من الإجابة الصحيحة والذي لم يخرج عن الموضوع, فطمأنوه بأنه سيكون ضمن لائحة الناجحين ،إلا إن توقعاتهم بائت بالفشل ،واستطاع مرشحون دون المستوى النجاح ،وما زال صديقي يجتاز هذا الإختبارالصوري دون جدوى ومنذ 16...لأنه لا ينتمي إلى لوبيات "نقابة المحامون"أو معارف"نادي القضاة" ، و يكفي الرجوع إلى دليل المحامون لإستنتاج مدى القرابة بين المحامين القدامي و المتمرنين الجدد، و الدليل على إنعدام النزاهة و الشفافية هو نتيجة المباراة الأخيرة حيث تم انجاح ثمانية أشخاص من عائلة واحدة تنتمي لأسرة القضاء... فكيف للفئات المعطلة أن تطلب الرزق من الله كما قال أحد المسؤولين الذي تفتقت عبقريته الروحانية الدينية وهم يروا أمام أعينهم رزقهم يسلب أمامهم وعلى مرأى الجميع؟ الأكيد أنهم يعتبرون الدين أفيون الشعوب وينومون به الفقراء مغناطيسيا. أما الأغنياء والأعيان والمسؤولين فالحقيقة عندهم هي تحصيل الحاصل وانقاد االأبناء والأحباب وخصوصا في هدا الزمن الرديء الذي أصبح تحكمه قوانين عرض وطلب الوظائف والمهن المخصصة لصنف معين من العائلات والسلالات .أما الشعب فمصيره الشارع والتظاهر المبني للمجهول لقد تجرأ أحد مسؤولي الإدارة الجديدة واستهزأ بأحد المعطلين المتقدمين في السن بأنه بقيت لديه بضعة أعوا م ،ليصبح رئيسا للوزراء مما فاجأ المعطلين الحاضرين...فليس بهذا الشكل تعالج الأمور يا مسؤول. فاجعل عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز وعلي بن ابي طالب قدوة لك، وخد بأيدي هذه الفئة من المعطلين لأن الدستور الجديد لا يعنيهم بشيئ لأن مأساتهم في إجتيازأي مباراة و إمتحانات سابقة لكل القوانين و لا جدوى منها .فالأولى إصلاح ما افسد ته السياسات السابقة حتى لا تسقط في قاعدة قانونية تقر أن ما بني على ما هو باطل فهو باطل... فلقد سقطت ورقة التوت عن مصداقية المباريات منذ أمد بعيد فهي وسيلة للرشوة والاغتناء والسمسرة .فكيف يفسر تمديد مدة عمل موظف إبان حكومة اليوسفي بالوزارة الأولى بعد تقاعده؟ وكيف يفسر تجميد الوزير الأول جطو الوظيفة العمومية وكيف يفسرتوظيف عباس الفاسي شخصين في السلم 11 وبشهادة الباكالوريا فقط وبالمقابل يوظف المئات من معارفه وأقربائه بمؤسسات الانابيك كمستشارين في التشغيل ؟ ولماذا تم التوظيف بديوان المظالم بطريقة سرية ؟ولماذا تم تشغيل جحافل من الأشخاص وبدون كفاءات بالبرلمان .وما مصير المعطلين المحصيين سنوات 1996و 2000و 2011؟ الجواب: هو الالتفاف على مطالب المعطلين إلى أن يصلوا سن اليأس وبالتالي الإقصاء بحجة السن في جميع المباريات. إذن، فالدولة تهمش مواطنيها بعدما أنفقت عليهم في الدراسة والعلم ،وهم يسعون لخدمتها ويعتبرون كحقل تجارب للسياسات المتعاقبة ،وأولها مرسوم 19 فبراير 1997 ، الذي منع العديد من المجازين من استكمال دراستهم العليا طيلة 17 سنة وأطلق هذا المرسوم اليد لعمداء الكليات والجامعات لاستبعاد أبناء الشعب والاقتصار فقط على النخبة مقابل رشاوى ومصالح متبادلة متجاهلين بدلك سمو القانون والأحكام القضائية، ومن أهم ضحايا هذا المرسوم، الفئة العمرية من المعطلين التي سبق التحدث عنها وهي فئة صامتة خانعة وديعة، أنهكتها سنوات الضياع من جهة ،ومن جهة أخرى سنوات الظلم والفساد ووعود العاصفة للحكومات المتعاقبة مع العلم أن هذه الفئة لا تنتمي إلى أي تشكيل سياسي حزبي أو فصيل معارض أو الخروج في مظاهرات منددة بالوضع، بل بالعكس فوضت أمرها لله عز وجل ولماذا صرفت الدولة لتكوينهم وتتخلى عنهم بهذه البشاعة وفي عز سنوات العمر، دون شغل ولا زواج ولا حياة كريمة دون تقديم أدنى مساعدة مادية لهم، وبالمقابل السماح لموظفي المحاكم والضرائب والقضاة المتقاعدين لمزاولة مختلف المهن القضائية كالموثقين والمفوضين القضائيين والمحامون والخبراء دون الالتفات لعامل السن فقط يطبق شرط السن ضد المعطلين الذين لم يأخذوا حضهم من هذه الحياة، وما زالوا متقدين نشاطا وحيوية وينتظرون المستقبل بفارغ من الصبر. ولماذا يتم إقصائهم من الوظائف الشاغرة بالمحاكم ويعوضون بالتقنيين خريجي المؤسسات التكوينية العامة والخاصة، الذين يجهلون المساطر الجاري بها العمل بالمحاكم، ودون أدنى تكوين في الميدان القانوني عوض إدماجهم بالمؤسسات الصناعية والإنتاجية التي تناسب تكوينهم وتخصصهم بالرغم أن اغلبهم حائزين لدبلومات مؤدى عنها أو مزورة، مع تجاهل خريجي كليات الحقوق والشريعة وباقي التخصصات الأكفاء لهذه الوظائف ، مما يعتبر تكريسا لبطالة خريجي الجامعات التي سبق أن كرستها سياسة إلغاء الخدمة العسكرية والمدنية المساهمين في تكوين المواطن المغربي الصالح. ولماذا لا يتم إصلاح وتشجيع القطاعات الأخرى لاستيعاب المعطلين مقابل أجرمحترم ؟ولمادا لا يقترح المجلس الإقتصادي و الإجتماعي استيعاب المعطلين ذووا الأربعين سنة وما فوق دون مباراة بمختلف القطاعات العمومية دون شرط أوقيد؟ وماهي آليات استفادتهم من الفصل 31 من الدستور الذي بنص على حق الشغل ودعم السلطات العمومية لهدا الحق؟ من سيضمن شفافية مباراة الجماعات المحلية، بعدما أكدت التجارب الأخيرة فشلها... فإلى متى سيبقى الحال على ما هو عليه؟ فالقلب يضيق... والعمر يجري... والشارع يغلي... فإلى متى نظل نسير على خطى حسني مبارك وبن علي...؟؟؟؟