طلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة يطالبون وزير الصحة بالوفاء بالتزاماته ويستغربون تأخر تنفيذ الاتفاق    : ارتفاع الرقم الاستدلالي للأثمان عند الاستهلاك بنسبة 1,6 بالمائة    وزارة الفلاحة تتوقع محصول حبوب ب44 مليون قنطار عام 2025    توقيف شخص بالبيضاء بشبهة حيازة وترويج المخدرات    بوريطة: النسخة الرابعة للدورة التكوينية لملاحظي الانتخابات الأفارقة ستحقق قيمة مضافة للقارة    بنعلي: المغرب يطلق قريبا مناقصة لمحطة غاز مسال في الناظور لتعزيز أمنه الطاقي    الفاتيكان ينشر أول صور لجثمان البابا فرنسيس داخل نعشه    إسرائيل تمنع تطعيمات شلل الأطفال عن غزة.. 600 ألف طفل في خطر    مصاعب في الجهاز التنفسي تدخل ملكة النرويج المستشفى    أكثر من 100 جامعة أمريكية تندد بتدخل ترامب السياسي في التعليم العالي    بعد غياب دام قرابة 5 سنوات.. إسبانيا تشارك في مناورات عسكرية ينظمها المغرب    لقجع: لاعبو المنتخب لأقل من 20 سنة هم "مشروع " فريق الكبار في كأس العالم 2030    أندية كرة القدم بالمغرب تحت الضغط    تفاصيل انعقاد المجلس الإقليمي لحزب الاستقلال بالقنيطرة    تأجيل المحاكمة الاستئنافية لمناهض التطبيع محمد بوستاتي ودفاعه يجدد طلب السراح    تكريم الدراسات الأمازيغية في شخص "بونفور"    عبد الكريم جويطي يكتب: أحمد اليبوري.. آخر العظماء الذين أنجزوا ما كان عليهم أن ينجزوه بحس أخلاقي رفيع    محكمة الاستئناف تؤيد الحكم الابتدائي في حق "إلغراندي طوطو"    لجنة تسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر مؤقتا تُكرّم نساء ورجال الصحافة والإعلام بالمعرض الدولي للنشر والكتاب    فيلم "زاز": حين يفرض السيناريو أبطاله قبل ملصق التسويق !!!    باحثون: الحليب بدون دسم أفضل لمرضى الصداع النصفي    ابن يحيى تكشف عن المحاور الكبرى لمشروع بشأن السياسة الأسرية الاجتماعية    كيوسك الثلاثاء |مختبر مغربي يطلق تحليلات مبتكرة لتشخيص الأمراض الوراثية    سجن زايو يرد على مزاعم سوء أوضاع النزلاء    جماعة العدل والإحسان الاسلامية تعزّي الكنيسة الكاثوليكية في وفاة البابا فرنسيس    الصفريوي: لا مفاوضات ولا نية للاستثمار في شيفيلد وينزداي الإنجليزي    جامعة كرة السلة توقف البطولة الوطنية بسبب أزمة مالية خانقة    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الأخضر    قيوح يعلن إطلاق برنامج بقيمة 28 مليار درهم في إطار "مطارات 2030"    تفاصيل جريمة بن احمد المروعة..    انخفاض عالمي وغلاء محلي .. من يربح من لعبة أسعار المحروقات بالمغرب؟    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    تطوان تحتفي باليوم العالمي للأرض بتنظيم أيام تحسيسية حول الماء، الصحة والبيئة    السلطات الأمريكية تقاضي "أوبر" بتهمة غش المستخدمين    العاملون في القناة الثانية يحتجون ضد "غياب الشفافية" في التعاطي مع الأجور وتدبير المسار المهني    اختتام المرحلة الثانية من "تحدي الهاكتون أكادير 2030" بتتويج مشاريع شبابية مبتكرة لتحسين الخدمات الجماعية    صحراء المغرب تنتصر في واشنطن    قتيل في غارة إسرائيلية بجنوب لبنان    فان دايك: جماهير ليفربول ستتذكر أرنولد في حال قرر الرحيل    الصين وأندونيسيا يعقدان حوارهما المشترك الأول حول الدفاع والخارجية    عميار يكتب عن المغرب والفلسطينيين    هذه توقعات الأرصاد الجوية اليوم الثلاثاء بالمغرب    ميناء طنجة: مفرغات الصيد البحري تتراجع بنسبة 5% خلال الفصل الأول من 2025    معهد الدراسات الإستراتيجية يغوص في العلاقات المتينة بين المغرب والإمارات    فوزي لقجع يوجه رسائل دعم وتحفيز للاعبي المنتخب المغربي تحت 20 سنة قبل "كان" مصر    مندوبية الصحة بتنغير تطمئن المواطنين بخصوص انتشار داء السل    نهضة بركان تكتسح شباب قسنطينة وال"كاف" يشيد: خطوة واثقة نحو نهائي الكونفدرالية    ‬والآن ‬سؤال ‬الكيفية ‬والتنفيذ‬ ‬بعد ‬التسليم ‬بالحكم ‬الذاتي ‬كحل ‬وحيد ‬‮….‬    رحيل الفنان محسن جمال صاحب «أحلى الأغاني» و«الزين فالثلاثين»    المغرب يخلد الأسبوع العالمي للتلقيح    أنشيلوتي يبعث برسالة للجماهير : ما زلنا نؤمن بالحلم    نحو سدس الأراضي الزراعية في العالم ملوثة بمعادن سامة (دراسة)    دراسة: تقنيات الاسترخاء تسمح بخفض ضغط الدم المرتفع    مغرب الحضارة: حتى لا نكون من المفلسين    لماذا يصوم الفقير وهو جائع طوال العام؟    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    









الحالة المغربية!
نشر في هسبريس يوم 17 - 12 - 2022

ربما كان الأوقع للعنوان (الحالة العربية) وهي في الحقيقة حالة عربية بدأت بشخصية قطر، وروعة تنظيم قطر، وإصرار قطر، ودولة قطر في الحقيقة دولة عربية متناهية الصغر من حيث المساحة وعدد السكان، فهي تحتل المركز الرابع في قائمة الأصغر مساحة في الوطن العربي بعد البحرين وجزر القمر ولبنان على الترتيب، وهي مساحة تبلغ 48من عشرة آلاف من مساحة دولة الجزائر أكبر دولة عربية، بينما لا يكاد يبلغ عدد سكانها نحو ثلاثة ملايين نسمة أي ما يقل عن ثلاثة في المائة من عدد سكان مصر، و65من عشرة آلاف من عدد سكان الوطن العربي! دولة بهذا الحجم والتاريخ –استقلت عام 1971م-أدركت قيمة القوة الناعمة مبكرًا وراهنت عليها رهانًا كبيرًا بعد نحو ربع قرن فقط من الاستقلال، وظل رهانها على القوة الناعمة يتضاعف، وحلموا بتنظيم كأس العالم وخطّطوا ثم نفّذوا وعلى أرقى مستوى من التنظيم والإدارة وسط تشكيكات عالمية وصلت حد الحرب الإعلامية المعلنة لزعزعة ثقة العرب في القدرة على تنظيم الحدث! التجهيزات غير العادية التي قدّمتها قطر سواء على مستوى البيئة أو الملاعب، جعلت الفيفا تغير موعد البطولة العالمية الأكثر شهرة وجاذبية على مستوى العالم إلى الخريف بدلا من الصيف لضمان نجاح البطولة، حيث أصبحت قطر شريكًا إجباريًا للنجاح مع الفيفا، لم يكن التحدي فقط هو تنظيم نسخة من نسخ كأس العالم في أرض عربية وفي منطقة الخليج حيث الصحراء والحرارة والرطوبة العالية وفقط، وقد بدا هذا في حد ذاته حلمًا بعيدًا لعقود، لكنّ قطر اختارت التحدي الأكبر والأعظم في تاريخ تنظيم الأحداث العالمية، لقد قالت كلمتها الثقافية وعبّرت عن شخصيتها الحضارية، وهي لم تكن تصدُر عن بيئتها المحلية متناهية الصغر، وإنّما عن الأُمة العربية والمسلمة، لقد قالت قطر ببساطة كلمتنا العربية المسلمة، قالت: هذه هي ثقافتنا فاحترموها.
لقد قال العرب للحضارة الغربية والثقافة الغربية: احترموا ثقافتنا، واعلموا يا أهل الشرق وأهل الغرب إنّنا نرحب بكم تحت قول الحق تبارك وتعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)الحجرات13 ، لقد جئتم إلى بلادنا بعشرات الآلاف من كل بقاع الأرض بمختلف عقائدكم وثقافاتكم وألوانكم وأعراقكم، لتعارفوا، وتتعرّفوا على حضارتنا وثقافتنا وهويتنا وقيمنا، لتروا الكرم وحسن الضيافة وتدركوا معنى قبول الآخر، وتعيشوا بعضًا من ثقافتنا، إنّ رموزنا البيئية التي تجلّت في أبنية الملاعب والفنادق والمنشآت، لم تنفك حتى عن عطورنا الشرقية الأصيلة التي قدّمناها لكم يوم الافتتاح، لتتذوّقونا بحواسكم جميعًا، لعل قلوبكم وعقولكم تتفتّح لنا!
ونجحت قطر بل أمتعت وأبهرت، ونجح معها العرب جميعًا، إذ أنّها كانت فقط تقول كلمتهم جميعًا، فإنها كانت الرائد يتحدّث باسمنا جميعًا، وأخرست حتى تلك الألسن الإعلامية العربية –للأسف-التي راهنت على الفشل، وقالت لن تستيطع قطر بثقافتها العربية تحدّي ثقافة الغرب وإيقاف شارة هاري كين كابتن منتخب إنجلترا، فهل تعتقله لمنعه من إظهار شارته الشاذة؟ نجح العرب وخرج هاري كين، ومن قبله منتخب ألمانيا الصامتين خلو الوفاض!
لم تكن الحالة العربية إذن مجرد بطولة عالمية في كرة القدم، بل كانت بالنسبة لهم صراعًا حضاريًا قيميًا ثقافيًا بالكامل، حرب شنّها إعلامهم وتبنّتها حتى أنظمتهم السياسية –في صورة وزيرة الداخلية الألمانية كمثال-أمّا من جهتنا فقد كانت دعوة للتعارف، كنا نقول للعالم: ها هي ثقافتنا!
كنا نصدّر قوتنا الناعمة، ولقد نجحنا وأبهرنا!
ولم يكن للعُرس العربي أن يحقق المدى الثقافي المطلوب له إلا إذا أكمل فريق عربي البطولة التنافسية إلى النهاية، لأنّ قيمة المونديال العربي العالمي، لم تكن لتتحقّق كاملة، لو أنّ العرب لا يمثّلهم منتخب في الأدوار النهائية، ولو حدث ذلك كما كان متوقعًا بنسة 99.99%، لأصبح المونديال العربي بيئة عربية للتنافس الغربي بين أوربا وأمريكا اللاتينية وهو الأمر المتكرّر المعتاد، فكأنّما الغرب أستأجر من عندنا الملاعب ليتنافس عليها، وهنا جاء دور المنتخب الوطني المغربي ليلقي بكلمته العربية العالمية، ليقول للعالم كله كلمة العرب: نحن هنا!
قالها المنتخب المغربي في الملعب، لا باعتباره فريق كرة عربي يواجه فرق كرة عالمية، لأن المنافسة لو ظت في مجال كرة القدم وحدها، لكانت تنتمي لعالم الترفيه فحسب، لكن الحالة المغربية صدّرت ثقافة قبل أن تصدّر كرة قدم جميلة وممتعة! لقد بلورت الحالة المغربية القطرية العربية، حالة الثقافة العربية المسلمة في صورة رموز لن يمحوها الزمن.. فالحالة المغربية العربية رفعت رمز التضامن مع قضية العرب والمسلمين المحورية قضية فلسطين، فرُفعت أعلام فلسطين في الملعب في كل مبارايات المنتخب المغربي، وقدّم منتخب الساجدين المغربي قيمة الولاء والخضوع لله تعالى فوق البساط الأخضر، كما قدّمت الحالة المغربية العربية قيمة الأسرة في الثقافة العربية المسلمة، وهي القيمة الأساسية التي دار الصراع الثقافي الغربي ضدها، عندما رقص الدراري المغاربة مع أمهاتهم بجلابيبهم التراثية في مشاهد متكرّرة خطفت قلوب العالم، إنّ الحالة المغربية العربية أظهرت تضامنًا عربيًا وإسلاميًا أظهر الكل في واحد، فلم يكن منتخب المغرب يلعب باسم وطنه المحلي، وإنّما كان مندوب العرب في دور الأربعة، فأعطيناهم خلاصة قلوبنا! ثم علت هتافات عشرات الآلاف في إستاد البيت القطري بالشهادتين طلبًا لعون خالق هذا الكون..
هذه هي الحالة، فلم تكن منافسة في الملعب، ولكنّها كانت حالة ثقافية حضارية بالكامل، ولقد ربحنا.. وعزفت قطر والمغرب ومعهما الشعوب العربية والمسلمة كلها نشيد الوجود العربي المسلم.. هذه هي الحالة، فشكرًا قطر، وشكرًا المغرب، وشكرًا لكل فرد عربي ومسلم عاش الحالة وحلم بها وشارك في صناعتها ولو بالدعاء، أو الفرحة، ولم يكن هناك مكان للهزيمة أو الانكسار!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.