عاشت فرنسا يوم أمس الخميس على وقع إضراب عام ، عم أغلب المدن متسببا في تعطيل حركة دواليب الدولة في المجالين العام والخاص ، حيث حمّل المضربون حكومة ساركوزي ذات التوجه اليميني الليبرالي مسؤولية إيجاد حلول فعالة من اجل الخروج من الأزمة الاقتصادية التي تعصف منذ عدة شهور بالبلاد. ونادوا خصوصا بالكف عن التسريح الممنهج للعمال والرفع من مستوى الأجور وخلق فرص عمل جديدة. "" انطلقت المسيرات الحاشدة والتي عمت أكثر من مائتي مدينة على الساعة الثانية بعد الزوال وشارك فيها حوالي ثلاثة ملايين مواطن . وفي مسيرة باريس قامت كبرى النقابات الثماني باستعراض نادر، مصطفين جنبا إلى جنب تتصدرهم لافتة مكتوب عليها " اتحاد العمال لكي لا ندفع نحن ثمن الأزمة المالية". كما شهدت حضور المعارضة متمثلة خصوصا في الحزب الاشتراكي بزعامة الكاتبة العامة مارتين اوبري المنتخبة أخيرا و باقي أحزاب أقصى اليسار كالحزب الشيوعي و الحزب العمالي والحزب المناهض للرأسمالية. وحسب فرانسوا شيريك زعيم اقوي نقابة عمالية " هذه اكبر مظاهرة منذ عشرين عاما". فقد سجلت مرسيليا مشاركة تاريخية بأكثر من 300الف شخص تليها كل من ليون و باريس ب250الف و 200 الف بتولوزو 100 ألف ببوردو. وتعزى هذه المشاركة المكثفة إلى التذمر الذي يسود الفئات الاجتماعية ذات المدخول المحدود والفقيرة. فمثلا استيقظ سكان احد الضواحي ببوردو منذ أسبوعين على وقع حادث مروع ذهب ضحيته أم وبناتها الثلاث اثر شنق الأم لبناتها ثم انتحارها بعد فعلتها الشنيعة ، سببها ضائقة مالية خانقة لمت بهذه العائلة. لذا فان استطلاعات الرأي أشارت إلى أن 69 بالمائة من الفرنسيين يؤيدون هذه الإضرابات. وتعطلت وسائل المواصلات البرية والبحرية والجوية حيث أن البلدان الصناعية الكبرى كفرنسا تخسر كل "ساعة إضراب" مئات الملايين اورو. وشمل الإضراب كلا من الوظائف العمومية كالمؤسسات التعليمية و التعليم العالي والمستشفيات والبلديات والمحاكم... إضافة إلى المصارف و لشركات العمومية للغاز والكهرباء وومكاتب البريد وغيرها من مؤسسات الدولة. ومنذ تولي ساركوزي منذ حوالي السنتين الرئاسة توالت مجموعة من المظاهرات تندد بالتعديلات الجذرية التي تسعى الدولة جاهدة لتمريرها والتي تشمل كلا من العدالة ، والتربية والتكوين ،و التعليم العالي، والإعلام، والصحة. إضافة إلى هذا كله فقد خذل الرئيس ساركوزي أغلبية الفرنسيين الذين صوتوا لصالحه، بسبب وعوده المعسولة إبان الحملة الانتخابية، حيث كان يلقب من طرف الإعلام ب" رئيس القدرة الشرائية". وتدنت شعبية الرئيس إلى ادني مستوى لها حيث هوت إلى ما دون 36 بالمائة خلال الأسابيع الماضية نتيجة للأزمة المالية التي جاءت لتلقي بظلالها على الاقتصاد الفرنسي والذي يعاني ضعفا كبيرا في ميزانه التجاري. حيث تجاوزت الديون العمومية للدولة ألف مليار اورو السنة الماضية. ولمعالجة المشكل المالي الذي يعصف بالبنوك الفرنسية والتي تعتبر رئة رئيسية لكل من الشركات والمقترضين على السواء في فرنسا. أقام ساركوزي وزارة خاصة على شكل برنامج بمقدار 26 مليار اورو صاغه كبار الخبراء الاقتصاديين من اجل النهوض بعجلة الاقتصاد الراكدة حيث يرتقب المحللون الاقتصاديون انكماشا بنسبة 2% عام2009، مرفوقا بازدياد مضطرد في نسبة المعطلين و التي وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ أكثر من خمسة وعشرين عاما،بمعدل 8.5% شهر نونبر الماضي.