أعطت رئاسة النيابة العامة، اليوم الثلاثاء، انطلاقة "خطة العمل المندمجة لمناهضة زواج القاصر"، التي تأتي تنفيذا لمخرجات "إعلان مراكش 2020 للقضاء على العنف ضد النساء"، وبشراكة مع "اليونسيف". وتنبني خطة العمل المعلنة على أربعة مستويات: أولا على مستوى تغيير العقليات والموروث الثقافي، وثانيا على مستوى السياسات العمومية، ثم على مستوى الإجراءات القضائية وعلى مستوى التشريع. وفي هذا الإطار قال الحسن الداكي، رئيس النيابة العامة، إن "إطلاق هذا الورش يأتي تزامنا مع الاحتفال باليوم العالمي للطفولة"، مردفا: "إطلاق هذه الخطة يشكل لحظة مفصلية تتطلب من كافة المتدخلين المعنيين شحذ الهمم، ورفع التحديات لإنجاح هذه المبادرة النبيلة في عمقها، البليغة في مراميها، في سعي مشترك إلى توفير سبل العيش الكريم الذي يضمن للأطفال والفتيات نموا طبيعيا وتوازنا نفسيا يؤهلهم لبناء الوطن، ومواصلة المسير". وأضاف الداكي، في كلمة خلال مؤتمر منظم اليوم الثلاثاء بالصخيرات، أن "رئاسة النيابة العامة عملت على إعداد دراسة تشخيصية شاملة في الموضوع، قاربت من خلالها المعطيات القضائية، وكذا الجوانب الميدانية والاجتماعية المرتبطة بواقع هذه الظاهرة؛ وهي التي شكلت منطلقا لإعداد خطة بمثابة خارطة طريق للتصدي لهذه المعضلة التي تؤثر على ضمان ممارسة الأطفال لحقوقهم الكاملة". وتابع المسؤول ذاته: "مكنت المعطيات المستقاة من الدراسة التشخيصية، التي شكلت نتاجا لاستنطاق واقع تزويج القاصر ببلادنا، من تحديد مجالات التدخل بدقة، كما أظهرت بالملموس أن ظاهرة الزواج المبكر ليست شأنا قضائيا صرفا تنحصر أسبابه في التطبيق العملي لمقتضيات المادتين 20 و21 من مدونة الأسرة؛ بل شأنا مجتمعيا تتعدد أسبابه وتتراوح بين ما هو اجتماعي واقتصادي، وما هو ثقافي، وما هو ديني كذلك في بعض الأحيان، ينطوي على تفسير مغلوط للمقتضيات الشرعية، ما يقتضي معه مقاربة الموضوع بشكل شمولي ومندمج بغية كسب الرهان بتطويق الظاهرة في أفق القضاء عليها". من جانبها قالت عواطف حيار، وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، إن هذه الخطة "تشكل إضافة نوعية لكل البرامج والمخططات الوطنية في مجال حماية الطفولة". وأوضحت حيار، في كلمتها، أن إطلاق هذه الخطة "يعطي دفعة نوعية لتنفيذ التزامات إعلان مراكش 2020 للقضاء على العنف ضد النساء"، مبرزة أنه يأتي "في سياق وطني مطبوع بإطلاق مجموعة من المشاريع المهيكلة، منها ورش النموذج التنموي، وورش الحماية الاجتماعية، وإطلاق مرحلة ثالثة من مبادرة التنمية البشرية؛ ناهيك عن تنفيذ محاور البرنامج الحكومي"، ومؤكدة أن "التزامات الخطة تتماشى مع إستراتيجية الوزارة 'جسر'". من جانبه تحدث محمد الدردوري، الوالي المنسق العام للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، عن كيف بات زواج القاصرات "يشكل مصدر قلق للعديد من الفاعلين، نظرا لما له من آثار سلبية على تمتع القاصرات بحقوقهن، حيث يعوق فرص بناء مستقبلهن وتحقيق تنميتهن ويجعلهن أكثر عرضة للاستغلال والعنف". كما قال الدردوري في كلمته إنه "بالإضافة إلى ما هو ثقافي واقتصادي، يشكل الهدر المدرسي أحد العوامل التي تؤدي إلى زواج القاصر"، مفيدا بأن "مسببات الهدر المدرسي خاصة لدى الفتيات هي البعد وصعوبة الولوج إلى المؤسسات التعليمية ومحدودية الإمكانيات المادية". وتابع المتحدث ذاته: "محاربة الهدر تندرج ضمن أولويات المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي ركزت في برامجها على الاستثمار في الرأسمال اللامادي وتنمية الرأسمال البشري". وتحدث الدردوري أيضا عن مختلف أنشطة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في هذا الصدد، ومن بينها: "التدخل بشكل استباقي لمحاربة مسببات الهدر المدرسي، وتعميم وتجويد التعليم الأولي، خاصة في المناطق البعيدة والقروية، وتحقيق ظروف تجويد التعلم وتحقيق النجاح المدرسي، وتسهيل ظروف الولوج للمدرسة عبر تحسين ظروف النقل المدرسي والصحة المدرسية، وتقوية الولوج للدعم المدرسي". من جانبها أشادت ممثلة "اليونيسيف" بالمغرب بالخطة قائلة: "أوجه تحية للمغرب الذي حقق تطورا في مجال حماية الطفل عبر الإصلاحات القضائية والصحية وتقوية العمل الجمعوي"، مردفة: "تعديل مدونة الأسرة يمكن أن يشكل استمرارية لهذه الإصلاحات".