إقبال المغاربة على المطاعم ومحلات الأكلات السريعة، وتغير العادات الغذائية للمجتمع المغربي، وتضاعف أعداد المؤسسات التي تختص في تحضير ونقل وتخزين وتوزيع المواد الغذائية، بالإضافة إلى ما تم تسجيله خلال فترة الصيف من خروقات بمطعم في واحد من أشهر الأماكن السياحية بالمغرب، عوامل باتت تطرح مسألة الوقاية والمراقبة بشكل ملح حماية للمستهلك المغربي من التسممات. وزارة الداخلية أكدت أن عمليات مراقبة الجودة والسلامة الصحية للمأكولات والمشروبات الغذائية من بين الآليات المعتمدة لحماية المستهلك من التسممات الغذائية التي تباشر على مستويين؛ الأول يتم عبر ممارسة المتدخلين لدورهم، كل في نطاق اختصاصاته، والثاني يتم في إطار عمل جماعي منسق بين المصالح المختصة التابعة لمختلف القطاعات المعنية بواسطة لجان إقليمية مختلطة مكونة من المكتب الجماعي لحفظ الصحة، وقسم الشؤون الاقتصادية والتنسيق بالعمالات أو الأقاليم، وقطاع الصحة، والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتوجات الغذائية. وتقوم هذه اللجان، بحسب الوزارة، بجولات تفتيش للمحلات والأماكن التي تهيأ أو تعرض فيها المواد الغذائية للمستهلك، وفق برنامج محدد أو في إطار زيارات ميدانية فجائية، وذلك للتأكد من مدى احترامها للشروط الصحية ومطابقتها لمعايير الجودة، مع مصادرة وإتلاف المواد الفاسدة أو المهربة أو التي لا تتوفر على عنونة. كما يتم تحرير محاضر المخالفات بشأنها، وإحالة المتورطين على العدالة قصد المتابعة القضائية طبقا للقوانين الجاري بها العمل. وبالموازاة مع تدخلات اللجان الإقليمية المختلطة، أكد عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، ضمن جواب على سؤال برلماني توصلت به هسبريس، أنه تم إحداث خلية وطنية لليقظة الصحية وخلايا محلية مكونة من قطاعات الداخلية والصحة والفلاحة، من أجل حصر حالات التسممات الغذائية الخطيرة التي يمكن تسجيلها، والكشف والتعرف عن مصدرها، كما أنها تعمل بتنسيق مع المصالح المختصة بالمعابر الحدودية والمطارات والموانئ من أجل احتواء المخاطر الصحية للمواد الغذائية المهربة وغير الصالحة للاستهلاك، حفاظا على صحة وسلامة المستهلكين. كما تقوم المصالح المختصة بسحب كل المنتجات الغذائية التي لا تستوفي الشروط الصحية من الأسواق، فضلا عن دورها في إعلام وتحسيس كل من المنتجين والموزعين والباعة وأصحاب المطاعم والمقاهي والمحلات من أجل احترام المساطر القانونية المعمول بها في ميدان الوقاية وحفظ الصحة. وبخصوص تدخلات المكاتب الجماعية لحفظ الصحة، وفي إطار الاختصاصات الذاتية الموكولة للمجالس الجماعية ورؤسائها، تقوم هذه المكاتب بمراقبة دائمة ومستمرة للمؤسسات الغذائية بالمقاهي والمطاعم والمحلات، وكذا للمواد الغذائية المعروضة بها وللأشخاص العاملين بها، وتشمل هذه المراقبة أيضا وسائل نقل المواد الغذائية للتأكد من مدى احترامها للمعايير التي تضمن سلامة وجودة هذه المواد. وأكد المسؤول الحكومي أنه لتعزيز دور هذه المكاتب في مجال المراقبة وضمان سلامة وجودة المنتوجات الغذائية، ولتجاوز السلبيات التي تعاني منها هذه الأخيرة، فإن وزارة الداخلية بصدد تأهيل وتجهيز العديد منها في إطار شراكة مع الجماعات المعنية، كما أنها في إطار مخطط عملها الممتد ما بين 2019 و2024، بصدد إنجاز برنامج يهم إحداث 67 مكتبا جماعيا لحفظ الصحة مشتركا بين الجماعات الترابية، وذلك لتدارك الخصاص المسجل بالجماعات التي لا تتوفر على هذا النوع من التجهيزات. كشف المصدر ذاته أن أزيد من 700 جماعة تنتمي إلى 25 إقليما ستستفيد من هذا البرنامج الذي تبلغ تكلفته الإجمالية 536 مليون درهم، وسيساهم في تعزيز وتقوية القدرات التقنية والعملية لهذه المكاتب في مجال مراقبة وضمان السلامة الصحية للمأكولات والمشروبات الغذائية وجودتها. وفي إطار تحسين أداء هذه المكاتب وجعل أنشطتها أكثر احترافية في مجال المراقبة الصحية للمنتوجات الغذائية، أشار لفتيت إلى أن الوزارة، بشراكة مع الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي من أجل التنمية، بصدد إنجاز مشروع نموذجي بعمالة أكادير-إداوتنان يهم المراقبة الصحية للمنتوجات الغذائية وكذا تعزيز مؤهلات الموارد البشرية لهذه المكاتب عبر تنمية الخبرة ونقل المهارات، بهدف تعزيز آليات العمل والتنسيق بين مختلف المتدخلين لاستباق المخاطر المتعلقة بالتسممات الغذائية، على أن يتم تعميم هذه التجربة تدريجيا على كل عمالات وأقاليم المملكة بعد تقييم نتائجها.