يسود قلق كبير وسط الصيادلة بسبب استمرار العمل بقوانين متقادمة يروْن أنها من العوائق الرئيسية التي تحول دون تطوير القطاع، وفي مقدمتها القانون رقم 17.04 بمثابة مدونة الأدوية والصيدلة. وطالب متدخلون في ندوة صحافية على هامش انعقاد المؤتمر الخامس لجمعية عالم الصيادلة المغاربة "MPHARMA"، السبت بالرباط، بتحيين القوانين التي يرون أنها لم تعد تواكب متطلبات وحاجيات القطاع الصيدلي. قوانين متهالكة أنس كوزة، عضو جمعية عالم الصيادلة المغاربة، وصف بعض القوانين المنظمة للقطاع الصيدلي ب"المتهالكة"، مشيرا إلى أن هناك قوانين قديمة جدا لم تعد مقتضياتها صالحة، مثل الظهير المنظم للاتجار بالمواد المعالجة للأمراض النفسية والعصبية الذي صدر منذ عام 1922. واعتبر المتحدث أن الظهير المذكور الذي مرّ على صدوره قرن من الزمن، "يضع الصيدلاني وتاجر المخدرات في كفة واحدة ويساوي بينهما؛ فإذا ارتكب الصيدلاني أي خطأ يتابع جنائيا، عوض المتابعة في إطار الخطأ المهني الذي تعاقِب عليه الهيئة الوطنية للصيادلة". وينتظر الصيادلة كذلك تفعيل القانون المتعلق بحق استبدال الأدوية بأدوية أخرى تعادلها في الصيدليات؛ وقال كوزة في هذا الإطار إن هذا القانون معمول به في دول أخرى مجاورة، مضيفا أن "الترسانة القانونية الحالية متهالكة في عدد من جوانبها، وعلينا أن نضع قوانين تساير العصر". وربط محمد سلمي، رئيس ومؤسس لجمعية "إم فارما" وتجمع الصيادلة "خلية النحل"، الوضعية الصعبة التي يعيشها قطاع الصيدلة في المغرب بعدم تحيين القوانين، قائلا: "مطلب تحيين القوانين الذي نرفعه، عبر إعادة النظر في الأدوار المنوطة بالصيادلة، له علاقة مباشرة بإنجاح مشروع الحماية الاجتماعية". وتوقف سلمي عند مشكل بيع الأدوية خارج مسلكها القانوني الذي هو الصيدلية، لافتا إلى أن القانون رقم 17.14 بمثابة مدونة الأدوية والصيدلة لا يتحدث عن تسويق الأدوية عبر الأنترنت، في حين إن دولا أخرى ضبطت تسويق الأدوية عن طريق هذه القناة بمقتضيات قانونية. وانتقد سلمي كذلك عدم تحيين ظهير 1976، المنظم لهيئة الصيادلة، رابطا ذلك بتأخر تنظيم انتخابات تجديد المجالس الجهوية للصيادلة لمدة خمس سنوات، كما انتقد عدم تحيين القانون 17.14 لتخويل الصيادلة اختصاصات غير متاحة لهم حاليا، مثل تتبع وضعية المرضى الذي يعانون من أمراض مزمنة. وقال إن "الصيدلاني متواجد في كل مكان، ويلعب أدوارا كبيرة في الحفاظ على صحة المواطنين، فلماذا لا تخول إليه الصلاحيات المخوّلة للصيادلة في دول أخرى؟"، مبرزا أن تحيين القانون 17.04 على مستوى ضبط تسويق الأدوية عبر الأنترنت وعلى مستوى مساهمة الصيادلة في تقديم الخدمات الصحية، "سيجعلنا نقطع أشواطا مهمة على درب إصلاح القطاع". اختفاء الأدوية من السوق يشتكي المواطنون المغاربة بين الفينة والأخرى من اختفاء أدوية معيّنة من الصيدليات، ويُرجع البعض سبب ذلك إلى عدم حرص السلطات الصحية والشركات المُصنّعة للدواء على توفير المخزون الاستراتيجي من الأدوية، غير أن محمد سلمي يعزو ذلك إلى أسباب أخرى. "الصناعة الدوائية في بلدنا جيدة، والمغرب يحتل المراتب الأولى في إفريقيا في مجال صناعة الأدوية، والمشكل الذي يؤدّي إلى عدم توفر بعض الأدوية راجع بالأساس إلى أن المواد الأولية الفعالة والجزئيات التي تُصنع منها نستوردها من الخارج، ولا تُصنّع محليا، وهذا يؤثر سلبا على سلاسة التصنيع"، يقول سلمي. وأضاف أن "إشكالية اختفاء بعض الأدوية مطروحة ليس في المغرب فقط، بل في جميع الدول، ولا يجب تضخيم الموضوع"، مبرزا أن "المصنّعين عليهم أن يلتزموا باحترام القانون، ولكن يجب التأكيد على إشكالية نقص المواد الأولية لصنع الأدوية وأخذها بعين الاعتبار". وعلى الرغم من تأكيد محمد سلمي أن السبب الرئيسي لاختفاء بعض الأدوية راجع إلى استيراد المواد الأولية من الخارج، إلا أن ثمة سببا آخر يتعلق بإحجام الشركات المصنّعة على تصنيع أدوية معيّنة، نظرا لضعف هامش الربح. وأكد ذلك أنس كوزة بقوله إن قرار الحكومة تخفيض أسعار عدد من الأدوية، جعل الشركات تعزف عن إمداد السوق ببعض الأدوية، "لأنها رأت أن الأسعار التي حددتها الحكومة مضرّة بها". علاقة بذلك، يشتكي الصيادلة من ضعف إقبال المغاربة على اقتناء الدواء الجنيس، وكذلك ضعف حجم الإنفاق على الأدوية في المملكة، الذي لا يتراوح ما بين 400 و500 درهم في السنة، بينما في دول مجاورة يزيد المبلغ على 1000 درهم.