قال محمد اليونسي، الباحث في العلوم السياسية، إن "الخطاب الملكي بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب شكل لحظة للتذكير بمحورية قضية الصحراء في السياسة الخارجية للمملكة المغربية، وهو الأمر الذي عبر عنه جلالته من خلال التأكيد على الموقف العادل لسيادة المغرب على وحدته الترابية". كما جدد الخطاب الملكي، يضيف الباحث، التأكيد على ثبات موقف الولاياتالمتحدةالأمريكية وعدم تأثره بتغير الإدارات السياسية. وأكد اليونسي أن ثبات موقف الولاياتالمتحدةالأمريكية سيدفع دولا أخرى لدعم مبادرة الحكم الذاتي، الذي قدمه المغرب سنة 2006 كحل وحيد للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية. واعتبر أن الرسائل التي وجهها الخطاب الملكي إلى بعض الشركاء التقليديين والجدد للمغرب بضرورة الوضوح في قضية الصحراء المغربية، باعتبارها المقياس البسيط والواضح الذي يقيس به صدق الصداقات ونجاعة الشراكات، سترسم معالم الديبلوماسية المغربية مستقبلا وستدفع بعض الدول الى الإسراع بحسم موقفها لصالح مبادرة الحكم الذاتي، مضيفا أنه ليس هناك خيار أمام هذه الدول إلا الوضوح. واستحضر في هذا الصدد الموقف القوي الذي اتخذه المغرب إزاء كل من إسبانيا وألمانيا، وهو ما دفعهما إلى تغيير موقفهما. وأشار اليونسي إلى أن الخطاب الملكي أكد كذلك على ضرورة تقوية الجبهة الداخلية من أجل الدفاع عن وحدتنا الترابية، وهي رسالة، يؤكد الباحث، لكل القوى الحية في المجتمع المغربي، من أحزاب سياسية ومنظمات المجتمع المدني، من أجل التعبئة الشاملة للتصدي لكل مناورات خصوم الوحدة الترابية. وكان الملك محمد السادس قد أكد في خطابه، مساء اليوم السبت، بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب، أن المغرب تمكن خلال السنوات الأخيرة من تحقيق إنجازات كبيرة، على الصعيدين الإقليمي والدولي، لصالح الموقف العادل والشرعي للمملكة بخصوص مغربية الصحراء. وأشار الملك إلى أن العديد من الدول الوازنة عبرت عن دعمها وتقديرها الإيجابي لمبادرة الحكم الذاتي، في احترام لسيادة المغرب الكاملة على أراضيه، كإطار وحيد لحل هذا النزاع الإقليمي المفتعل. وأكد أن الموقف الثابت للولايات المتحدةالأمريكية شكل حافزا حقيقيا، لا يتغير بتغير الإدارات، ولا يتأثر بالظرفيات. كما ثمن الموقف الواضح والمسؤول للجارة إسبانيا، التي تعرف جيدا أصل هذا النزاع وحقيقته. وتابع الملك قائلا: "إن هذا الموقف الإيجابي أسس لمرحلة جديدة من الشراكة المغربية الإسبانية، لا تتأثر بالظروف الإقليمية، ولا بالتطورات السياسية الداخلية". كما أكد أن الموقف البناء من مبادرة الحكم الذاتي لمجموعة من الدول الأوروبية، منها ألمانيا وهولندا والبرتغال وصربيا وهنغاريا وقبرص ورومانيا، سيساهم في فتح صفحة جديدة في علاقات الثقة، وتعزيز الشراكة النوعية مع هذه البلدان الصديقة. وأضاف الملك أنه "موازاة مع هذا الدعم، قامت حوالي ثلاثين دولة بفتح قنصليات في الأقاليم الجنوبية، تجسيدا لدعمها الصريح للوحدة الترابية للمملكة، ولمغربية الصحراء". كما جدد التقدير والشكر لملوك وأمراء ورؤساء الدول العربية الشقيقة، خاصة الأردن والبحرين والإمارات وجيبوتي وجزر القمر، التي فتحت قنصليات بالعيون والداخلة. كذلك شكر باقي الدول العربية، التي أكدت استمرار دعمها لمغربية الصحراء، وفي مقدمتها دول مجلس التعاون الخليجي ومصر واليمن. وأمام هذه التطورات الإيجابية، التي تهم دولا من مختلف القارات بخصوص ملف وحدتنا الترابية، وجه الملك رسالة واضحة إلى الجميع مفادها أن ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات ونجاعة الشراكات. وأضاف: "لذا ننتظر من بعض الدول، من شركاء المغرب التقليديين والجدد، التي تتبنى مواقف غير واضحة بخصوص مغربية الصحراء، أن توضح مواقفها، وتراجع مضمونها بشكل لا يقبل التأويل".