رغم ظرفية الوباء التي بصمت مَعيش المغاربة لثلاث سنوات متتالية، "كانت مطبوعة بتأثير أزمة كوفيد-19 على مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية"، كما أورد ذلك الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة عيد العرش 2022؛ فإن "تنزيل المشروع الكبير لتعميم الحماية الاجتماعية، وتأهيل المنظومة الصحية الوطنية"، يأخذان مجراهُما كما خُطط لهما. ولأن الحماية الاجتماعية ورش ملكي، يحظى بالعناية الخاصة والتتبع الشخصي من طرف عاهل البلاد، فإن الدعوة تجددت إلى "الإسراع في إخراج 'السجل الاجتماعي الموحد' باعتباره الآلية الأساسية لمنح الدعم، مع ضمان نجاعته"؛ ما يسهم حسب المنظور الملكي في تسريع جهود تعميم مضامين أوراش الحماية الاجتماعية التي فتحها المغرب منذ 2020، في احترام تام للآجال المحددة لاستفادة 22 مليون مغربي منها في أفق 2025. الملك محمد السادس قدّم حصيلة مرحلية للورش الكبير، قائلا إنه "في ظرف أقل من سنة، بلغ عدد المنخرطين في نظام التأمين الإجباري عن المرض أكثر من ستة ملايين من العاملين غير الأجراء وعائلاتهم؛ وسيتم استكمال التغطية الصحية الإجبارية، في نهاية هذه السنة، من خلال تعميمها على المستفيدين من نظام "RAMED"". كما جدد الملك "عزم المغرب، بعون الله وتوفيقه، على تنزيل تعميم التعويضات العائلية، تدريجيا، ابتداء من نهاية 2023، وفق البرنامج المحدد لها"، ما يوسّع دائرة المستفيدين من هذا "المشروع الوطني التضامني" إلى حوالي سبعة ملايين طفل، "لاسيما من العائلات الهشة والفقيرة، وثلاثة ملايين أسرة بدون أطفال في سن التمدرس". وفي قراءته لمضامين الخطاب الملكي "في شقه الاجتماعي الذي أخذ حيّزا هاما ضمن المضامين"، حسب إدريس العيساوي، أكاديمي وخبير اقتصادي، فإن ما أثار انتباهه في حديث الملك محمد السادس عن الموضوع هو "مطالبته الصريحة، بشكل مباشر، بتسريع الجهود القمينة بالتنفيذ المباشر والسريع لورش الحماية الاجتماعية من طرف جميع المتدخلين فيه"؛ معتبرا أنه "مشروع ضروري لمستقبل وحاضر المملكة المغربية". وعن كيفية ضمان نجاعة الدعم ودقة وصوله إلى الفئات المستهدَفة منه، أوضح العيساوي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الدولة المغربية تعطي وتوفر منذ مدة عددا من إمكانيات وآليات دعم الفئات الهشة اقتصاديا، تحاول إخراجها من وضعية الخصاص التي تعيشها"؛ وهو ما يفضي بالنقاش، حسبه، إلى سؤال "الاستحقاق" والقدرة على الإجابة عن: "من يستحق الدعم ومن لا؟". وتابع الخبير الاقتصادي ذاته، في معرض إفادته لهسبريس، بأن "مهمة الاستحقاق وضمان عدالته عمل أخذته وزارة الداخلية على عاتقها، منذ سنوات، من خلال تهييء مشروع ضخم يتعلق بالسجل الاجتماعي الموحد"، لافتا إلى أن الوزارة الوصية كانت "قد بدأت فعليا في تعزيز الموارد البشرية للمكاتب المحلية بالعمالات والجهات والأقاليم، الذين تكمن مهمتهم في تسجيل ورصد المواطنين مستحقي الدعم الاجتماعي عبر بيانات السجل الموحد". وسيمكّن السجل الاجتماعي، يردف العيساوي، من "الرقي بالمغرب إلى مصاف الدول التي استطاعت أن تخرج من منطقة العوَز إلى بحبوحة التقدم والازدهار"، مسجلا أن "الخطاب الملكي لعيد العرش جاء واقعيا، ولم يكن إيديولوجيا، بل هو من مَلكٍ يحب شعبه ويريده أن يشتغل بجدّية؛ لكنه في المقابل حمل رسائل مباشرة إلى الحكومة في الشق الاجتماعي، باعتبارها مسؤولة عمّن يمكنه الاستفادة من عطاءات السياسات العمومية التي يجب أن توزع بشكل عادل بين مكونات المجتمع". وشدد المتحدث ذاته على أن "الملك طالَب بضرورة تسريع وتيرة وضع هذا السجل، لكن أهم ما تضمنه خطابه هو ضرورة تسريع ورش الحماية الاجتماعية واحترام الآجال المحددة له"، مسجلا أن "المغرب قطع فعلا أشواطا جد مهمة في تنفيذه، ليستطيع من خلاله إخراج عدد كبير من المواطنين من وضعية الهشاشة؛ ما يسهم في ضمان حصة اليد العاملة المغربية في البناء التنموي الاقتصادي والاجتماعي". وخلُص المصرح ذاته إلى أن "الملك كان مُلحّاً في مطالبه إلى السلطات المعنية من أجل بلوغ توزيع عادل لبرامج الدعم الاجتماعي، يراعي خصوصية الفئات السوسيو اقتصادية".