تشهد مخيمات تندوف غليانا داخليا بسبب اعتقال الجيش الجزائري، بمعية عناصر جبهة "البوليساريو"، أزيد من أربعين صحراويا، وتنفيذ أحكام سريعة في حق 17 منهم، بعدما وجهت إليهم تهم تتعلق بالتهريب. وبخصوص حيثيات القضية، أشار منتدى دعم مؤيدي الحكم الذاتي بمخيمات تندوف، المعروف ب"فورساتين"، إلى أن "المعتقلين من ساكنة المخيمات، وحصلوا على تراخيص بعد عناء طويل للتنقل أو للخروج إلى البوادي، بهدف تحصيل مصاريف العيد، وتلبية احتياجات العائلات الفقيرة". وتابع بأن "السلطات الجزائرية اتهمتهم بتهريب مواد محظورة، منها على الخصوص الزيت، بسبب الأزمة الداخلية التي تعيشها، لكن الواقع يقول غير ذلك، ويعكس توجها عاما للسيطرة على المخيمات". وأردف المنتدى بأن "الجيش الجزائري قتل صحراويين، وأحرق آخرين قبل هذه القضية، وطارد عشرات الشباب بسبب التنقيب عن الذهب، وما ترتب عنه من اعتقال الكثيرين في مخيمات معزولة ومحاصرة بميليشيات البوليساريو". وأكد المصدر عينه أن "المخيمات محاصرة بحزام رملي معزز بالأسلحة والمتاريس، ولا مجال للخروج منها إلا بتراخيص تصدرها الجزائر، لكن منعتها منذ سنتين، وتذل من يطلبها، وتهين من تحصل عليها بالوقوف لأيام أمام المعبر المؤدي إلى بوابة الخروج من المخيمات". "الجزائر جاءت بالجديد للصحراويين، ومنحتهم الاختيار بين البقاء بالمخيمات بدون مؤونة، والقبول بما يوزع عليهم، وبين محاولة الخروج المهينة للكرامة التي أصبحت تنتهي بالسجن، دون الحديث عن أكذوبة الدولة الصحراوية، حيث الحاكم الوحيد والأوحد هو الجزائر"، يورد المنتدى. واستطرد متسائلا: "كيف نفسر حصول (المحسوبين) على دولة البوليساريو لتراخيص من داخل التراب الجزائري ثم بعد الخروج من بوابة المخيمات تتكفل السلطات الجزائرية بالتفتيش والاعتقال ونقل المعتقلين للمحاكمة أمام المحاكم الجزائرية؟". وتعتزم عائلات الشباب المعتقلين تنظيم وقفات احتجاجية متواصلة بمخيمات تندوف، تبعا لمصادر "منتدى "فورساتين"، الذي أكد أن الوقفات ستشارك فيها العائلات القاطنة بالمخيمات، تنديدا ب"الحصار الجماعي" الذي يتعرضون له. وتعليقا على ذلك، قال عبد الوهاب الكاين، رئيس المنظمة الإفريقية لمراقبة حقوق الإنسان، إن "47 سنة من المعاناة داخل مخيمات تندوف، الأرض القاحلة جنوب غربي الجزائر، شكلت فترة ليست بالقصيرة لكي يدرك الصحراويون رعونة النظام العسكري الجزائري". وأضاف الكاين، في تصريح لهسبريس، أن "الصحراويين أدركوا سادية النظام الجزائري في التنكيل والانتقام من مدنيين لم يرتكبوا من تجاوزات سوى أنهم وثقوا في فكرة سراب روج لها شباب مراهق اختطف قادة الجزائر إرادته في التفكير والتصرف الحر في قناعاته، وحولوه إلى آلة تنفيذ قمعية في وجه من زج بهم في بيداء تندوف". وأردف قائلا: "تتوالى الانتهاكات ضد الصحراويين العزل بالمخيمات، وتتنوع من القتل خارج نطاق القانون في إخراج رديء تتداخل فصوله بين الإباحة للجيش الجزائري بقتل صحراويي المخيمات، وصمت عناصر البوليساريو المريب أمام ارتكاب تلك الجرائم التي نددت بها آليات الأممالمتحدة غير ما مرة عبر إجراءاتها الخاصة ولجانها التعاهدية". وتابع بأنه "في أحايين أخرى، يتخذ عناصر أمن البوليساريو المبادرة للتضييق على محتجزيهم وتعذيبهم إرضاءً لعنجهية مسؤولي ناحية تندوف العسكرية. ويكرس آخر تمظهرات البطش والتنكيل بالصحراويين بالمخيمات، فوقية النظام الجزائري على إرادة الصحراويين بتندوف، وتبعية قيادة البوليساريو له، وخدمة أجندة تحكمه في مصائر الآلاف من المحتجزين الصحراويين على أرض الجزائر". "لقد اعتقلت أجهزة الأمن الجزائرية مجموعة من الصحراويين تتكون من 17 فردا و42 آخرين مبحوث عنهم، من الشباب الذين يمتهنون تجارة المواد الغذائية الممنوحة لساكنة المخيمات في إطار المساعدات الغذائية الدولية والمرخصة من قبل سلطات البوليساريو القائمة على تدبير شؤون المخيمات"، يؤكد الفاعل الحقوقي. واستطرد: "يظهر من خلال تلك الإجراءات القمعية ضد المدنيين الصحراويين، والمتزامنة مع تخليد الجزائر للذكرى الستين لاستقلالها، تبعية تنظيم البوليساريو للدولة المضيفة للمخيمات ضمن استراتيجية تحكم تنتهجها السلطات الجزائرية لقمع كل محاولة للمطالبة بالحقوق وتوسيع الحريات على أراضيها أو انتقال العدوى إلى حديقتها الخلفية بالمخيمات". ومضى بالقول: "رغم امتلاك المعتقلين والمتابعين لتراخيص من إدارة أمن البوليساريو باستغلال والمتاجرة في تلك المساعدات الغذائية، على الرغم من عدم شرعية تلك التصرفات، فوجئت أسر الموقوفين الصحراويين بإصدار أحكام قاسية في حق فلذات أكبادها، تمثلت في سنتين سجنا نافذا وغرامة 200 مليون سنتيم جزائري وعدم الاستفادة من أي عفو رئاسي، في ظل صمت مطبق من قبل قيادة البوليساريو". وسجل عبد الوهاب الكاين "استمرار التلاعب بتطلعات هؤلاء الصحراويين في الحرية والبحث عن مستقبل أفضل يضمن العيش الكريم في مناخ من الديمقراطية والانفتاح، على خلاف ما يعيشه هؤلاء المحتجزون بمخيمات تندوف".