"يتوفر أبو زعيتر على سجل جنائي حافل بالسوابق القضائية يتجاوز في سعته دورة مناديل المرحاض (Rouleau de papier toilette)"؛ هكذا وصفت القناة الألمانية الجهوية "WDR"، الخاصة بولاية شمال الراين فيستفاليا، أحد أفراد عائلة زعيتر. ففي تقرير نشرته هذه القناة العمومية الجهوية منذ أكثر من عشر سنوات، يظهر أبو زعيتر على حقيقته كسجين متورط في قضايا العنف، يشذب عشب حديقة سجن "زيغبورغ" بآلة كهربائية، ويضع أساور فضية وساعة رخيصة الثمن، عكس ما يظهره اليوم في مواقع التواصل الاجتماعي من ساعات سويسرية فاخرة تناهز قيمتها ملايين الدراهم من نوع "ريشارد ميل" و"فرانك ميلر" و"باتيك فيليب"، وغيرها. والمثير أن برنامج "Lokalzeit" الذي نشر هذا التقرير التلفزيوني العمومي، كان قد شبه زنزانة أبو زعيتر بأنها "أصغر بكثير من الحلبة التي يتحرك عليها الملاكمون"، في إشارة إلى مساحتها الصغيرة مقارنة مع البذخ والثراء السريع الذي باتت ترفل فيه حاليا عائلة أبو زعيتر بالمغرب. ولعل الملاحظة الأولى التي تجذب كل من يطلع على هذا التقرير التلفزيوني الألماني الرسمي، الذي يعود إلى حوالي عقد من الزمن، هي أن أبو زعيتر تحول بسرعة فلكية من حياة السجون إلى المرح في البلاطات والقصور، في دورة عكسية لما كان قد دونه السوسيولوجي الإيراني الكبير إحسان نراغي في كتابه الشهير "من بلاط الشاه إلى سجون الثورة". أما الملاحظة الثانية التي تستأثر باهتمام كل من يشاهد هذا التقرير "الفضيحة"، هي كيف تنكر أبو زعيتر لأحلامه وطموحاته مباشرة بعد خروجه من السجن. فالشاب أبو زعيتر كان قد حدد أحلامه في هذا البرنامج في أن يلعب مباراة واحدة في اليابان، قائلا إن الفوز بالمباراة في الجزيرة اليابانية يدر على الفائز 400 ألف دولار أمريكي. لكن المثير هو أن أبو زعيتر لم يفز بمباريات اليابان، ومع ذلك أصبح ينفق أكثر من نصف مليون دولار أمريكي في اقتناء ساعة يد واحدة! متجاوزا بذلك سقف كل أحلامه وطموحاته. فالشاب أبو زعيتر الذي كان منتهى حلمه في ألمانيا هو الفوز ب 400 ألف دولار أمريكي في مسابقات فنون القتال باليابان، أصبح بعد أقل من عشر سنوات ينفق أكثر من مبلغ أحلامه لشراء ساعة "ريشارد ميل" أو لاقتناء سيارة بريطانية من طراز "بينتلي" أو "رويس رولز". فهل هو سخاء القدر أم سخاء الابتزاز والعيش من أموال الآخرين؟ يتساءل عدد كبير ممن شاهدوا حلقة هذا البرنامج الذي استعرض جانبا من حياة أبو زعيتر متأرجحا بين حلبات المحاكمة وصقيع السجون في ضواحي بون الألمانية. وبلغة الأرقام دائما، يحق للرأي العام المغربي أن يتساءل عن مصدر ثروة أبو زعيتر التي يتباهى بها اليوم في شبكات التواصل الاجتماعي ويتفاخر بها على المغاربة؛ فالشاب الذي كان يحمل قلادة فضية رخيصة منذ عشر سنوات فقط، لم يفز مؤخرا سوى بمباراة واحدة، وكان ذلك في سنة 2018، تحصل منها على مبلغ 23.500 دولار أمريكي، وفق ما هو محدد في بيانات بطولة القتال المختلط "UFC"، فكيف استطاع هذا السجين السابق أن يستولي على رمال مارينا اسمير ويحول معها شاطئ تمودا العام إلى فضاء استثماري خاص؟ إنه السؤال الذي يتعين على المغاربة أن يبحثوا له عن جواب، أما عائلة أبو زعيتر فلن يكون بمقدورها التحاف رداء الشرف لأن المثل المغربي العامي يقول "عديم الأصل لن يصير شريفا إلا إذا مات كل من يعرفه". ومن سوء حظ آل زعيتر أن جميع المغاربة يعرفون أصلهم الحقيقي.