أن يَتنقّل لاعب بين ثلاثة من أبرز الدوريات الأوروبية ويَتشرف بحمل شارة عمادة منتخب بلاده، أكيد أنها خطوات لا يسلكها إلا من شق طريقة بثبات في عالم المستديرة، وراكم خبرة ونضجاً مكناه من كسب ثقة جمهور بلاده وناخبه الوطني. غير أن الدولي المغربي عادل تعرابت كسر هذه القاعدة، وخلخل ثقة الجميع به من جديد، وشوش على ما بناه منذ التحاقه ب"الروسونيري"، أحد أعرق الأندية في إيطاليا والعالم. ابن تازة الذي سيكمل سن ال25 بعد أسبوع، خرج بتصريح يؤكد فيه حبه وعشقه للوطن، واستعداده لحمل قميص منتخبه، وأن ما حدث مجرد سوء فهم لا غير. وهو الطرح الذي لم يصل الزاكي، معتبرا عدم تجاوبه مع الطاقم التقني للمنتخب الوطني المغربي، من أجل المشاركة في المعسكر الإعدادي المبرمج بفارو البرتغالية، رفضا للمنتخب وإعادة لسيناريو التمرد الذي ميز مشواره الكروي مع المنتخب الوطني والأندية التي مر بها متقلب المزاج، سريع الغضب، صفات منحت لمدلل ميلان الجديد الحق بأن يشبه نفسه بماريو.. مطلقاً على نفسه "بالوتيلي المغرب"، عقب انضمامه إلى نادي العاصمة الإيطالية على سبيل الإعارة، قادماً إليه من إنجلترا التي ترنح في صفوف أنديتها، تاركاً علاقات متوترة مع مدربين مثل هاري ريدناب، مارك هيوز وآخرون. علاقة الشد والجدب لم تنحصر فقط بين تعرابت ومدربو الفرق التي لعب لها، بل امتدت إلى مدربي المنتخب الوطني المغربي، بداية بعهد غيريتس و"فرار" اللاعب من معسكر المنتخب بمراكش، ساعات قبل مواجهة الجزائر الحاسمة لحساب إقصائيات "الكان"، ليلقبه المغاربة حينها ب"تاهرابت"، وصولاً لمرحلة الطاوسي، حيث رفض لقاء الناخب الوطني وفضل المشاركة في إنزال نادي "كوينز بارك رينجرز" إلى دوري الدرجة الأولى الإنجليزي على الخروج من الدور الأول في "كان" 2013. موهبة تعرابت التي شبهها الكثيرون بمهارات النجم الفرنسي زين الدين زيدان وتنبأوا لها بمستقبل زاهر، استفادت من عطف الجمهور المغربي، الذي ورغم الضربات التي وجهها اللاعب للمنتخب، فقد انخرط في حملة "لنسامح تاعرابت"، من أجل إعادته لحمل القميص الوطني من جديد. انتقال تعرابت من إنجلترا إلى الميلان ولو على سبيل الإعارة بداية هذا العام، غير من شخصية اللاعب على المستطيل الأخضر، ومنحه الحافز لبذل مجهود أكبر، يليق بقيمة قميص النادي "اللومباردي"، ما جعل الكثيرين يؤكدون أن صفقة الميلان، ستغير لا محالة من طباع اللاعب ليسلك طريق زميله المهدي بنعطية، الذي بدأ يخط اسمه بين كبار مدافعي أوروبا، وشرع في اقتفاء أثر عظماء المدافعين الذي حمو عرين "أسود الأطلس". بعد تسلقه الصاروخي للمراتب بحمله لشارة العمادة في آخر مباراة للمنتخب الوطني المغربي أمام الغابون، مارس الماضي، يعود تعرابت ليتراجع نوعا ما عن قصد أو عن غير قصد، في وقت تعهد فيه الجميع، من لاعبين وأعضاء جامعيين، ببذل مجهود جبار من أجل تكوين منتخب قوي ومتجانس تأهبا ل"كان" 2015 الذي تحتضنه المغرب. في وقت لبى فيه كل اللاعبين الدعوة بدون استثناء، وعبروا عن انخراطهم الكامل في المشروع الجديد للفريق الوطني، بات المغاربة ينتظرون من تاعرابت التعامل بنفس النضج الذي ظهر به هذا الموسم مع ميلان في المنتخب، وإن غاب التواصل.. فليكن الرد في الملعب.