يعيش اتحاد أوروغواي لكرة القدم، حاليا، أسوأ أزمة تسيير له خلال العقد الأخير، ما شكل صدمة قوية بالنسبة للرأي العام بهذا البلد المعروف عن شعبه شغفه الكبير بهذه الرياضة إلى حد أصبحت معه تتماهى مع خصوصيات هويته. فقد بلغت هذه الأزمة حدا أثار قلق ائتلاف اليسار الحاكم ،"إيل فرينتي أمبليو"(الجبهة الموسعة)، نظرا لتزامنها مع انطلاق الحملة الانتخابية للاستحقاقات التشريعية والرئاسية المقرر تنظيمها في شهر أكتوبر القادم وإمكانية تأثيرها على نتائج هذه الاستحقاقات. ولعل أبلغ تعليق على هذه الأزمة ما كتبته صحيفة "إيل بايس"، واسعة الانتشار في البلاد، بالبند العريض على صدر الصفحة الأولى من عددها الصادر في فاتح أبريل الجاري: "فوضى عارمة في كرة القدم الأوروغوايانية على بعد شهرين من انطلاق كأس العام". وعلى الرغم من إحداث لجنة مؤقتة لتسيير شؤون اتحاد أوروغواي لكرة القدم بعد استقالة جميع هياكله إلا أن حجم وتعقيد المشاكل التي عاشها هذا الأخير أكبر من أن تحتويها، على المدى القريب، هيئة مؤقتة تم تشكيلها تحت ضغطي اقتراب موعد نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2014، وانطلاق الحملة الانتخابية للاستحقاقات التشريعية والرئاسية المقبلة. فعلى حد تعبير سيباستيان باوثا رئيس اتحاد أوروغواي لكرة القدم المستقيل، لم تعد هناك سلطة لهذا الأخير أمام تفاقم المشاكل التي واجهته، في إشارة إلى المزايدات للظفر بطلب العروض المتعلق بحقوق البث التلفزيوني للمباريات، وفرض اتحاد أمريكا اللاتينية لكرة القدم (كونميبول) عقوبات على ثلاثة أندية لاتهامها بالتورط في صفقات غير مشروعة مرتبطة بانتقالات اللاعبين، وتجميد عضوية اتحاد أوروغواي لكرة القدم في المجلس التنفيذي ل"كونميبول" لعدم الإبلاغ عن الخروقات التي تقترف داخله، وتنامي ظاهرة أعمال الشغب في الملاعب، وامتناع "نقابة اللاعبين المحترفين" إجراء المباريات في غياب الأمن، بعد قرار رئيس البلاد، خوسي موخيكا، سحب رجال الشرطة من الملاعب واستبدالهم بمستخدمي شركات الحراسة وفقا لقانون الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا). ووعيا منه بخطورة الأزمة التي تمر منها الرياضة الشعبية الأولى في البلاد، عقد الرئيس موخيكا مؤخرا اجتماعا طارئا مع رئيس اتحاد أوروغواي لكرة القدم المستقيل، ورؤساء الأندية وممثلي نقابة اللاعبين المحترفين، والذي تقرر في أعقابه تعيين اللجنة المؤقتة لتدبير شؤون اتحاد أوروغواي لكرة القدم والتزام كافة الأندية بتطبيق قانون الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) وعودة جهاز الأمن إلى الملاعب، واستئناف البطولة المحلية لكرة القدم. ويرى المراقبون أن مهمة هذه اللجنة لن تكون سهلة نظرا لحجم التحديات التي تواجهها، ففضلا عن إشرافها على سير البطولة المحلية يتعين عليها السهر على مشاركة فعالة للمنتخب الأول في نهائيات كأس العالم 2014 وتدبير ملف العقوبات المفروضة من طرف اتحاد أمريكا اللاتينية لكرة القدم على ثلاثة أندية والعمل من أجل إلغاء قرار تجميد عضوية اتحاد أوروغواي لكرة القدم بالمجلس التنفيذي ل"كونميبول". وفقا لدراسة أنجزها أحد المراكز المستقلة للأبحاث، وأوردت نتائجها مؤخرا وسائل الإعلام المحلية فإن الأزمة التي يعيش على إيقاعها اتحاد أوروغواي لكرة القدم ستلقي بظلالها على الانتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة وخاصة على نفسية الناخب واختياراته. واستنادا إلى نتائج الدراسة التي أعدها مركز الأبحاث السوسيولوجية بمونيفيديو، فإن حركة الانتقالات بالجملة داخل اتحاد أوروغواي لكرة القدم مرتبطة بقرارات صادرة من داخل الائتلاف الحاكم وبالتالي فإن أداء منتخب أوروغواي في نهائيات كأس العالم بالبرازيل سيكون حاسما في تقرير مصير هذا الائتلاف بالنظر إلى تأثير اللعبة على نفسية الناخب. وفي هذا الصدد يقول لويس إدواردو غونثاليث، رئيس المركز الذي أنجز الدراسة، إن الجدل الدائر حول كرة القدم ومشاركة وأداء المنتخب الوطني في نهائيات كأس العالم بالبرازيل عوامل ستكون حاسمة بالنسبة لنتائج الانتخابات القادمة. فإذا ظهر المنتخب الأول بوجه مشرف أو متميز- يضيف غونثاليث - فإن ذلك "سينعكس إيجابا على نتائج الائتلاف الحكومي الحالي خلال الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية وسيجعله ينظر للأمور بتفاؤل". ومع أنه من الصعب التكهن من الآن بما ستكون عليه أوضاع الأغلبية والمعارضة عند حلول موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية بعد حوالي ستة أشهر من الآن، إلا أن الأمر الأكيد أن رياضة كرة القدم لن يكون لها هذه المرة دور محايد في توجيه اختيار الناخب وتحديد من سيؤول إليه أمر تدبير الشأن العام للخمس سنوات المقبلة.