لا يختلف اثنان على أن الوضعية التي تعيشها كرتنا المغربية تراجه كبير في النتائج، خاصة إذا وجّهنا الحديث نحو المنتخب المغربي، الذي عاش العديد من الإخفاقات خلال الفترات السابقة، وآخرها خروجه من دائرة المنافسة للفوز ببطاقة التأهل لنهائيات كأس العالم البرازيل. إقصاء خيب آمال المغاربة في رؤية منتخبهم يخوض غمار هذه المنافسة العالمية، مما يجعلهم يشعرون بالحنين إلى الفترات التي كان بها المنتخب المغربي يحقق تائج مهمة قياسا بمنتخب إفريقي في التظاهرات القارية والعالمية. ولعل أبرز ذكرى بقيت عالقة في نفوس المغاربة كبارا وصغارا، هي كأس العالم 1986 المكسيك الذي حقق فيه المنتخب المغربي إنجازا اعتبر مهما بقي محفورا في تاريخ الكرة المغربية والعربية وحتى الافريقية، بمروره إلى الدور الثاني بعد أن احتل الصف الأول في مجموعته، بتعادله مع المنتخب الانجليزي والمنتخب البولندي، صاحب المركز الثالث في كأس العالم لسنة 1982، ويهزم بعد ذلك المنتخب البرتغالي بنتيجة ثقيلة ثلاث أهداف مقابل هدف واحد، في لقاء مثير أحرز فيه اللاعب خيري هدفين، وعبد الكريم ميري الهدف الثالث، معلنا بذلك صعود الأسود المغاربة إلى الدور الثاني لكأس العالم كأول بلد عربي إفريقي يحقق هذا الانجاز. التيمومي، استهتار الإعلام العالمي بالأسود زاد من عزيمتنا ولعل أكثر الأشخاص الذي من الممكن أن يتحدثوا عن هذه الفترة هم لاعبو المنتخب الذين شكلوا الملحمة الكروية التي مازال الشعب المغربي يتغنى بها إلى حدود الآن، والبداية كانت مع المتميز محمد التيمومي، الذي قال في حديث لهسبريس الرياضية، إن الانجاز الذي حققته الأسود المغربية، لم يبدأ فقط في مرحلة النهائيات العالمية، بل سبقته استعدادات تراوحت ما بين ستة و سبعة أشهر عَمل فيها المنتخب المغربي على الاستعداد بشكل جيد لهذه المنافسة، بشكل جدي نظرا لحجمها إضافة إلى قوة المنتخبات التي وقع معها المغرب في القرعة، لذا بدأ الاستعداد مباشرة بعد آخر محطمة من الاقصائيات أمام المنتخب الليبي والتي حددت تأهل المغرب إلى كأس العالم. وأضاف التيمومي متحدثا، "خضنا استعدادات قوية قبل الدخول في غمار منافسة كأس العالم بالمكسيك، وكل فرد داخل المنتخب أحس بالمسؤولية الملقاة على عاتقه لرفع الراية المغربية، خاصة وأن وسائل الإعلام العالمية آنذاك، أكدت في كتاباتها أن المنتخب المغربي يُعد لقمة صائغة في أفواه المنتخب الانجليزي والبولوني والبرتغالي، مما زاد من حماس المجموعة على إظهار قوة المنتخب المغربي خلال هذه الإقصائيات". وأكد اللاعب الدولي السابق، أن استعدادات المنتخب المغربي في ذاك الوقت لم ترق للاستعدادات الحالية التي ينعم بها المنتخب الحالي، بل كانت جد متواضعة، بالمركز الرياضي مولاي رشيد، غير أن الجدية وروح المسؤولية العالية، وإحساس كل لاعب بالثقل الكبير الملقى على عاتقه لتمثيل الوطن، والخروج بنتائج مرضية تسعد الشعب المغربي، مكانت دافعا مهما، مضيفا أن الثقة بالنفس كانت من بين العوامل التي ساعدت المنتخب على تحقيق هذا الإنجاز حيث كانت السمة الغالبة داخل صفوف الاسود هي الثقة بمقدراتهم والقدرة على خلق نتيجة ايجابية رغم قوة الخصوم. كريمو: الراحل الحسن الثاني له دور كبير في التأهل للدور الثاني خلال مونديال المكسيك عزيمة وثقة بالنفس رافقت الأسود إلى المكسيك، إضافة إلى عامل لا ينقص أهمية على العوامل السابقة الذكر وهي روح المرح والدعابة والانسجام الكبير ين اللاعبين، حيث حدثنا عبد الكريم ميري، اللاعب الدولي السابق في تصريح لهسبريس الرياضية، على الانسجام الكبير الذي كان متواجدا بين اللاعبين المغاربة وروح الأخوة السائدة، رغم تواجد عناصر محترفة وأخرى ممارسة بالبطولة الوطنية، مضيفا في ذات التصريح، "خلال مونديال المكسيك كان المنتخب المغربي عبارة عن لحمة عائلة واحدة وليس لاعبين، نقسم وقتنا ما بين الجدية والمثابرة في التمارين، وبين اللهو والضحك وروح النكتة التي كانت سائدة خلال تلك الفترة داخل المنتخب، مما ساعدنا بشكل كبير على الظهور بشكل منسجم داخل أرضية الملعب". وأكد ميري كريمو، أن المنتخب المغربي خلال نهائيات كأس العالم كان يخوض كل مباراة على حدى ولم نكن نفكر في شيء سوى في كيفية الخروج بنتائج مرضية من اللقاءات التي كنا مقبلين عليها، وكان لاعبو المنتخب يبدلون ما في وسعهم "وكيموتو على التوني باش يفرحوا المغاربة"، دون إعطاء أي اعتبار لقوة الخصوم أو حجم اللاعبين الممارسين ضمن المنتخبات، مشيرا إلى أن المنتخب المغربي ل 86 لم يكن يعرف شيئا اسمه التخوف من المنتخبات، بل كانت هناك شجاعة وثقة كبيرة في النفس، وهو عامل مهم في كرة القدم وتطرق كريمو إلى عامل اعتبره مُهما، وهو الاهتمام الكبير من طرف الراحل الحسن الثاني بالمنتخب، والاتصالات التي كانوا يتلقونها منه، وكيف كان يتحدث مع كل لاعب على حدى ويسأل عن كل صغيرة وكبيرة، وكيف هي الأجواء والخطط التي ستلعب بها المباريات، مما كان يعطي للاعبين حماسا كبيرا، يجعلهم أسودا في الميدان. يضيف كريمو في تصريحه لهسبريس الرياضية. المانشافت ينهي تألق الاسود شاءت الأقدار أن يلتقي المنتخب المغربي خلال أولى مبارياته في الدور الثاني من كأس العالم بلمكسيك، بالماكينات الألمانية، المُنتخب الأول أنذاك في أوروبا، والذي كان يضم أعتد اللاعبين الذين مازال الألمان يتغنون بهم أمثال، ماتيوس، فولر، رويمينغي، والحارس شوماخر.. لكن رغم قوة الألمان كان للأسود رأي آخر حيث قدموا عرضا جيدا أبهر المتتبعين، بعد أن انهمزموا بنتيجة صغيرة بهدف في آخر دقائق المباراة، عن طريق ضربة ثابتة نفذها اللاعب لوثر ماتيوس. وعن المباراة قال ميري كريمو إنها كانت مباراة جد قوية، قدم فيها الأسود كل ما عندهم للفوز أمام الألمان، لكنهم ضيعوا الكثير من الفرص السانحة للتسجيل، مما سمح للمانشافت بالتقدم بهدف في آخر دقائق اللقاء. استقبال يليق بالأبطال بعد عودة المنتخب المغربي الذي شارك في مونديال المكسيك 1986، استقبلهم الراحل الحسن الثاني استقبال الأبطال في حفل بهيج في المركب الرياضي محمد الخامس، الذي امتلأ عن آخره احتفاءا بأبطال كأس العالم الذي أفرحوا المغاربة بروح المسئولية العالية والجدية والثقة بالنفس، وقدموا عروضا في المستوى أشادت بها الصحف العالمية.